ربما يروق للبعض النظر لازمات البلاد المفتعلة والمعقدة على انها ناتجة عن اختلافات بين اطراف السلطة او بين اطراف السلطة والمعارضة، ويبرر ذلك بالواقع الجديد الذي فرضته الحرب والذي خلق افرازات وظروف معقدة افضت لحدوث تلك الخلافات وعدم الانسجام، فانعكس كل ذلك بصورة سلبية على اداء السلطة مما أدى الى تدهور الاوضاع الأمنية والمعيشية ، فلا ادري هل راقت له تلك النظرة عن حسن نية؟ ام انه حاول تناسي الواقع المر الذي تجرعه الناس منذ اكثر من ثلاث سنوات ونصف على تحرير عدن ولازالوا يتذوقون مرارته الذي ازداد منسوبها في الفترة الاخيرة بالغلاء الفاحش في اسعار جميع المواد والانفلات الأمني وضعف البنية التحتية بينما جميع مفاصل السلطة والأمن بيد ابنائها وهم من يتحكم بسكان محافظة عدنوالمحافظات المجاورة لعدن وهم من يشاركوا في أكل خيراتها وفي صنع ازماتها حتى أختفت عن عينيي المواطن خيرات البلاد وظهرت امامهما الويلات!!، وعند اشتداد تلك الازمات وازدياد ضيق حلقاتها وارتفاع سقف معاناتها استهوى البعض ايضا القول ما ضاقت الا وانفرجت، فهذا القول يأمله الجميع ويتمنون وقوع الانفراج اليوم قبل غدا، فتلك الازمات والمحن والمصائب اكتوى بنارها المواطن وصرخ من وجعها ويمكن بكي من حرقتها في سره حتى لايسمع نحيبه احد، فهي لا تسر عدو ولا حبيب، ولكن كيف استهواه توقع انفراجها بهذه السهولة بينما كل من بيده زمام أمرها ومفتاح حلها راضي ومتعمد ومشارك في عملية استمرارها وبقاءها أكان بفعله او صمته. عدن اليوم يزداد حالها تعقيدا وتتضاعف ازماتها وتزداد معانات سكانها في كثير من جوانب حياتهم، فمن الجانب الأمني لايزال الانقسام والتشتت في القوى الأمنية سائد ويعطل فعالية دوره وكذلك لم يفعّل دور النيابة العامة ولم يستعيد القضاء نشاطه المعهود، فكل ذلك أدىاالى استمرار الانفلات الأمني الذي بدوره نزع الطمأنينة من القلوب ونخر في نفسيات الناس وكاد ان يتلفها، فلازالت الاغتيالات تطال ابناء عدن وتقع في وضح النهار ووسط اماكن ماهولة بالسكان، ولا زالت المظاهر المسلحة منتشرة في جميع شوارع واسواق واحياء مديريات المحافظة وتهدد أمن وسكينة الناس، بينما نرى اختفاء هذه المظاهر المسلحة في محافظات ريفية ذات طابع قبلي، تم فيها تنفيذ قرار منع حمل السلاح على الواقع العملي وبشكل نهائي ومثال على ذلك محافظة شبوة. اما من جانب الوضع الاقتصادي فهو كل يوم في تدهور وحالة الناس المعيشية من السيئ الى الاسوأ، فتدهور العملة المحلية ارهق المواطن ورفع مستوى انتشار الفقر، وقد صدم الموظف عند استلامه راتبه او معاشه التقاعدي حين يجده انخفض وخف وزنه في الباطن دون سابق انذار او تقليص في اعداد الريالات فالرقم الذي يمثل قيمة راتبه كما هو لم يخفّض فهو ثابت وسليم مقارنة بما كان يستلمه قبل الحرب، وعند بحثه في المسألة وجد الارقام صحيحة ولكن التغيير تم في كلمة ريال فهو لم يعد ذلك الريال وصار مقسوم على ثلاثة، وبعملية حسابية بسيطة يكتشف حدوث تخفيض عملي للراتب حيث قضم منه ما يقارب ثلثي الراتب ولكن بالباطن!!، ينبغي على السلطة وضع معالجات للانهيار الكبير في العملة ووضع حلول متعددة الاوجه فهذه هي اكبر كارثة تواجه البلد والمواطن وستثير ازمات جديدة وقد دفعت لاعمال الإضراب الذي شرع فيه المعلمين وقد يعم قطاعات اخرى ويؤدي الى تعطيل وشل الحياة وينعكس أثره السلبي على الشعب. ومن جانب البنية التحتية والخدمات فهي متردية فالوقود صار بورصة لحاله وكل يوم له حيث بلغ سعر خيالي في السوق السوداء حتى تصورت ان أراه يباع في محلات العسل ويوازي سعر دبة العسل!، اما الكهرباء فكان أمل الشارع بانخفاض معدل الانقطاعات ولكن ما يحدث العكس، فقد ارتفعت حدة انقطاعات التيار الكهربائي ويبدو ان اسباب ذلك متداخلة منها قصور في تزويد محطات توليد الكهرباء بالوقود اللازم، وقد ربط عمال الكهرباء الشارات الحمراء للتعبير عن إضراب جزئي احتجاج على تجاهل السلطة قضية نهب اراضي جمعيتهم السكنية وعدم اتخاذها خطوات عملية لاستعادتها من ناهبي الاراضي، ومن ناحية المجاري فلازالت مياه الصرف الصحي مستوطنة في بعض شوارع واحياء مدن المحافظة، وتضايق سكانها وفرضت على الاطفال حظر التجوال ويبدو اننا بحاجة الى مساندة من القوات الدولية والسماح لها بالتدخل لانقاذنا وطرد ذلك المستوطن الى بحرنا الواسع!، التداعيات في الخدمات والبنية التحتية كثيرة والحلول معقدة وتحتاج الى حكومة حازمة غير مسلوبة الارادة وبيدها القرار واداة التنفيذ.