تتصاعد وتيرة تصاعد نسق الصراع المحموم بين إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترمب" وأجنحة الدولة الأمريكية "العميقة" ومؤسساتها العسكرية والاستخباراتية والإعلامية الأكثر تأثيرا والأكثر خطرا على مستقبل الرئيس الامريكي الأكثر جدلا في تاريخ أمريكا الحديث على خلفية قضية اغتيال الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" والغموض الذي مازال يكتنف ماتبقى من تفاصيل القضية على ضوء ماقدمتة تركيا من إدعاءات وما أقرت به السعودية من اعترافات لم تسدل الستار على القضية بشكل نهائي. ومابين سعي ترمب الى طي ملف القضية وحرص الدولة العميقة على إبقائها تصعد صحيفة الواشنطن بوست من حملتها الهجومية المناهضة لترمب وفريقه السياسي في البيت الأبيض وتتخذ من قضية مقتل الصحفي السعودي البارز خاشقجي والذي كان أحد ابرز كتابها العرب مؤخرا منصة لحملتها المستمرة في مهاجمة إدارة ترمب وانتقاد سياساتها كمؤسسة صحفية رائدة تتبنى فكر "العولمة المعاصر" الذي تتقاطع معة الدولة العميقة وتدعمه بريطانيا كآخر قلعة حصينة لوجودها وتأثيرها السياسي في الداخل الامريكي. ويرى الكثير من المراقبين والمحللين للشأن السياسي الأمريكي ان الواشنطن بوست ستظل تكرس هذا الهجوم الممنهج ضد ترمب ورموز حكمة حتى تطيح بة من سدة الرئاسة الامريكية وتخرجه من ردهات المكتب البيضاوي كما اخرجة الرئيس الأمريكي الاسبق "ريتشارد نيكسون"على خلفية تورطه بفضيحة "ووترغيت" في منتصف سبعينات القرن الماضي!وكثيرة هي المؤشرات التي تؤكد ضراوة هذا الصراع منذ الأيام الأولى التي أعقبة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي. ولعل ابرز تلك المؤشرات كانت الصفعة القوية التي وجهتها وكالة الاستخبارات المركزية للرئيس ترمب ونشرتها صحيفة الواشنطن بوست والتي تحدثه فيها عن صور الأقمار الصناعية التي بحوزة الوكالة إضافة للتسجيلات الصوتية لتفاصيل مقتل الصحفي السعودي خاشقجي في أروقة القنصلية السعودية بأسطنبول والتي تتطابق والى حد كبير مع الأدلة التي أعلنت عنها السلطات التركية وهذا ماجعل ترمب يتراجع عن تصريحاته قبيل تسريبات وكالة الاستخبارات المركزية للواشنطن بوست والتي قال فيها انة لايوجد حتى ألان مايؤكد تورط الرياض في القضية وأضاف: "علينا ان ننتظر التحقيقات السعودية في القضية مضيفا:السعودية دولة حليفة لنا ولايمكننا إلغاء التزاماتنا معها كحليف هام وفاعل وانا وحكومتي لن نتخلى مطلقا عن اتفاقيات صفقات السلاح المبرمة مع الرياض والتي بلغت قيمتها المائة وعشرة مليار دولار!" الحالة الترامبية التي يشكلها ترمب منذ تولية الرئاسة الأمريكية هي حالة سياسية طارئة وشاذة الى حد بعيد في تاريخ السياسة الأمريكية المعاصرة.. ولكن هذا لايعني انها ليست بالحالة الأصيلة في السياسة الأمريكية.. وبمعنى اكثر وضوحا ترمب لايجيد ادنى درجات الدبلوماسية في تعامله وممارسته للسياسة نهائيا.. وهو قطعا ليس رونالد ريغان وقطعا ليس جيمي كارتر وليس حتى جورج بوش الابن.. ومايعبر عنة ترامب بشكل فض من العجرفة والصفاقة بصورة سافرة عبر عنها رؤساء أمريكيون سابقون قبلة يعتبرون اساطنة في الدبلوماسية المحترفة وكانوا يحصلون على كل مايحصل علية ترمب اليوم بإضعاف مضاعفه حين يختلون بحلفائهم لابتزازهم ومساومتهم في الغرف المغلقة.. وفي أحيان كثيرة مارسوا التهديد المباشر بصورة تفوق مايمارسة ويقوله ترمب في احاديثة وسلوكه السياسي الغير معهود عن ساسة أمريكا على شاشات التلفزة.. غير ان حالة ترمب باتت تستفز أجنحة أمريكا العميقة من ناحية خشيتها من تماهية الكبير مع مايطلقة من تهديدات كلامية تصل حد التهديد بالتخلي عن حماية أمن أوروبا..وهذا ماجعلها تصعد من موقفها ضده من اجل ترويضه واحتوائه ريثما تنتهي ولايته الرئاسية التي أزعجت الدولة العميقة وتحديدا فيما يخص السياسة الخارجية والتي لطالما كان على رأسها دبلوماسيون بارعون كالوزير تيلرسون الذي أطاح به ترمب بتغريدة على حسابه الشخصي في تويتر! الدولة العميقة تريد ان تهذب سلوك ترمب وتردعه عن بعد للتخلي عن حلفاءه متى ماظهرت أية أدلة جديدة تعزز أكثر من تورطهم في مقتل مواطنهم في قنصلية بلدهم بتركيا ليس اكثر..وان كانت الواشنطن بوست تبحر نحو الأعمق وتتهم ترمب في التورط بمقتل خاشقجي مع "قادة" عواصم عربية أخرى ساعدت هي الأخرى في عملية اغتياله بحسب ادعاءاتها التي لم تتوقف ضد ترمب وحلفاءه..وهذا لايعني ان ترمب سيرضخ لما تريده دوائر السياسة الأمريكية المستقلة "الدولة العميقة"..ترمب موظف لدى "المحافظون الجدد" او بمعنى ادق "إزرآئيل" ويشغل منصب رئيس أقوى دولة في العالم.. وان كان رئيسا مشاكسا الا أنة موظف ناجح بالنسبة لإسرائيل حتى الان ويكفي تل ابيب ان ترمب قطع لها بالحق الكامل في القدسالمحتلة وهو الأمر الذي لم يقدم علية اي رئيس أمريكي سبقه.. ومحافظو إسرائيل الجدد في امريكا لن يتخلوا عنة إزاء مايتعرض له من ضغوطات داخلية..وآخر تلك الضغوطات كان بيان وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" ويأتي في سياق خطوات الدولة العميقة ضد ترمب.. وأمهل بيان البنتاجون الرياض وتحالفها العسكري الذي يدعمه ترمب لصالح المحافظون الجدد مهلة لاتتعدى الشهر الواحد لإنهاء الحرب في اليمن! وهذا ما دعا ترمب الى ان يوعز الى وزير دفاعه"جيم ماتيس" ان يتبني بيان البنتاجون ولو مؤقتا ريثما ينجح المحافظون الجدد في إبطال مفعول توجه الدولة العميقة! وان كان من الصعب على المحافظين الجدد إسكات صوت الواشنطن بوست والتي من الصعب عليها هي الأخرى ان تطيح بترمب قبل نهاية ولايته..!!