لا شك أن تونس أبهرت العالم عندما أطلقت الشرارة الأولى لثورات الربيع العربي وبالمطالب الثورية التي تبنتها وهي كرامة حرية وعدالة ومساوة وكان من أبرز مطالبها رغيف العيش لهذا خرج التونسيون عن بكرة أبيهم ليضربوا للعالم أروع صورة البطولة والشجاعة وهم يجسدون ثورتهم سلمية .. سلمية فكان الشعب التونسي وتونس مثار للأعجاب وقدوة نسج منها الوطن العربي عشرات الصورة محاكين في ذلك الثورة التونسية السلمية. لكن في المجهول ومن خلف الستار باتت أيدي خفية غير معلنة تعبث بمصير تلك الثورات الربيعية لتحرفها عن مسارها المنشود وتغير اتجاه البوصلة مائة وثمانون درجة لتصب زيت التمرد والتخريب على تلك الثورات الربيعية بتخطيط دولي ودعم اقليمي ومنفذين محليين حتى اتجهت الثورات بطرق عكسية وتلونت بأهداف تنم عن مصالح حزبية ضيقة ومقاصد وأطماع موبوءة لا تخدم إلا من يريد العبث بالوطن العربي على وجه الخصوص والعالم الاسلامي بشكل عام. وعندما نجحت تونس في تسويق الربيع العربي الذي شابه كثير من الفوضى والاضطرابات التي عصفت بقوام الدولة العربية المستهدفة كتونس ومصر واليمن وسوريا وحاولت أن تمد إلى رقع أخرى في الوطن العربي ولم تستطع تفجير الوضع وتم التعامل مع الفوضى التي غلفت ثورة الربيع واخرجتها عن مسارها وهفها الأساسي إلا وهو التغير للأنظمة الاستبدادية والاصلاحات الاقتصادية حتى يصبح رغيف الخبز في متناول الجميع كحد أدنى لتحسين الوضع. إنّ نجاح تونس كأنموذج للثورة الربيعية ونجاح تسريب الأفكار التي حملتها الثورة التونسية بين أجزاء من الوطن جعل الأيدي العابثة والطامحة في السيطرة على الوطن العربي وهي تعلم علم اليقين أن هذا لن يتحقق لها إلا بعد شرذمة الوطن العربي والاسلامي واشعال رحى الحرب والفتن والازمات وطرق الفوضى والارتباكات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واليوم تعيش تونس ثورة عبثية وثورة هستيريا للعبث بكل ما هو عربي واسلامي وهي ثورة ضدّ القيم المجتمعية القويمة وثورة للزندقة والفسوق ثورة كما زعموا لهواة الرذيلة والفجور والانحلال تحت راية الحرية والمساواة وهي لا تريد إلا نشر الزنا واعتباره علاقة اجتماعية معترف بها ضاربة عرض الحائط بالنصوص الشرعية للقراّن وإن كانت المطالبة في الوقت الحاضر بأبناء العلاقات غير الشرعية كأبناء الزواج الشرعي حتى يستقر لهم ذلك وتأتي المطالبة بإلغاء أحكام الزنا واعتبارها حق شخصي لا يلام صاحبه علية ولا يجرم . وهل من العقل والمنطق ترك أمر تشريع القوانين لهوى شرائح من المجتمع أو أفراد أرادوا القفز على المعقول والخضوع لهواهم والخوض في اصدار تشريعات تناسب كل جماعة ولو خالفت المصالح العامة في سبيل ارضاء بعض النزوات الشخصية والهمجية تحت مبرر الحرية والمساواة. ومثل هذه الأفكار العبثية هي أفكار مستوحاة من مجتمعات قد أدركت مخاطر مثل هذه الدعوات وحاربتها في أوطانها واليوم يسوقونها عبر عمالة مستأجرة وإلا مباركة الرئيس الفرنسي لمثل هذه الحركة عن ماذا تدل إن لم يكن لدول اوروبية دور في ذلك عبر منظماتها المعترف بها أو التي تعمل من تحت النقاب لتسويق مثل تلك الافكار الهدامة واتخاذها من تونس مهد لها علَّها تنجح ويتم تسويقها للمجتمع العربي وتسريبها إلى العالم الاسلمي.