أولاً وقبل أن ابدأ في صلب رسالتي, يتحتم عليّ أن أوجه شكري وأمتناني وعرفاني لكل أفراد القوات المسلحة والأمن الأوفياء لهذا الوطن والشرفاء الحريصين على مسئولياتهم ومهامهم التي يؤدونها بأمانة في ميادين الفداء والتضحية ميادين الشرف ميادين العمل المتواصل بهدف حماية أمن واستقرار الوطن من العابثين بمصالحه ومصالح أبناء الوطن, بكل إتقان وإدراك حقيقي لمعنى المسئولية الوطنية, ولواجباتهم التي يقدمونها دون أن ينتظروا جزاءً أو شكوراً من أحد. شكراً لكم لأننا نتعلم منكم حب الوطن, وحب الشعب, وحب المهنة التي ينبغي علينا أن نؤديها بإتقان وحب ومسئولية. شكراً لكم لتضحياتكم التي تقدمونها وبطولاتكم التي تسجلونها على صفحات الأيام. شكراً لكم أيها الجنود البواسل والأبطال الأشاوس والرجال المغاوير الذين يعون ما يجري, ويعون حقيقة التآمر الذي يحاك ضد الوطن, ويدركون الهدف الحقيقي الذي يسعى المخربين إليه عن طريق الإساءة إليهم وإلى دورهم البطولي في حماية الوطن وأمنه والحفاظ على السلم الاجتماعي. نعم تستحقون الشكر أنتم الأمن والأمان, أنتم حماة الأرض وفرسان الأوطان, أنتم العين الساهرة التي لا تنام, فمن غيركم يحفظ الأمن والسلام, ويمنع الأجرام ويقبض على المجرمين, فلولاكم لساد بين الناس الظلم والظلال. ولكن أخي الكريم رجل الأمن عليك أن تدرك عدة سمات, ويجب أن تجعلها عين الإعتبار عند أداء واجبك لتكن رجل أمن متميز ومتمكن حصيف على أمن وطنك, وتؤدي واجبك بكل مسئولية وأمانة وإتقان أمام الله وخلقه, وهنا سأحاول أن أوجز لك بعض من هذه السمات التي ينبغي أن تتحلى بها, وهي على النحو الأتي:
أخي رجل الأمن عليك أن تؤدي واجبك بضمير حي ومستيقظ, فضميرك المستيقظ هو وحده من يصون هذا البلد, ويحميه من الخيانات والجرائم المختلفة المتمثلة في القتل والسرقة وحوادث السير وغيرها, ويجب أن لا تقبل بالجريمة أو حتى المخالفة من أي شخص كان, سواء أكان إنساناً بسيطاً أو صاحب مركز مهم, فلا تفرق بين أحد من الناس, إن واجب رجل الأمن الحقيقي هو حماية المواطن والوطن والأمة من كل عدوان وليس حماية مجموعة معينة حاكماً أو وزيراً أو أميراً أو مسئولاً كبيراً أو صغيراً إلا بالحق.
أخي رجل الأمن عليك أن تتق الله في كل ممارسات حياتك واحذر أن تستغل منصبك أو سلطتك أو سلاحك فيما يغضب ربك ويسوء وطنك وشعبك, احذر أن توجه سلاحك في صدر أخيك المسلم فلا تقتل ولا تجرح أحد بغير حق, فعليك بالتروي والتئني قبل اقدامك على أي فعل ولا تقوم به إلا بعد حسن نية واعتقاد تام وتحري دقيق, فإن المسلم على المسلم حرام دمه ماله وعرضه, إن أمر الدماء عظيم عند الله وإن المرء لايزال في فسحة من دينه مالم يصب دماً حراماً, وإن أول مايقضى فيه يوم القيامة الدماء, إن قتل النفس المؤمنة بغير حق جزاءه النار ولعنة الجبار جل جلاله, ولئن تهدم الكعبة الشريفة أهون عند الله من إزهاق النفس المؤمنة.
أخي رجل الأمن, أعلم أن بعض القادة طغاة لايهتمون بدين ولايرحمون مواطناً ولا يراعون لله حرمة ولا يهمهم غير مناصبهم, لا دين ولا وطنية لهم ولا غير ذلك, فإنهم يستغلون الكثير منكم يا رجال الأمن لأمنهم وأمن عائلاتهم واموالهم ومراكزهم واحياناً لجبروتهم وطغيانهم لاستفزاز الظعفاء من العامة, ولهذا يجعلونكم في نحور إخوانكم من أجل مصالحهم الخاصة, فاحذروا الاستجابة لهم عند ذلك الأمر, واعلموا أنه لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق, واحذر أن تكون بوقاً لهم يلقون بك في واد سحيق كما ستسحقهم العدالة والكرماء وأصحاب المظالم والدعوات, إن طاعة المرءوس لرئيسه الشرعي واجبة مالم يأمر بمعصية أما إذا أمر بمعصية فلا يطاع حتى لو كان شرعياً, وإن الفرار من القادة الرؤساء وعدم القرب منهم إلا لنصحهم وتوجيههم كان هدي خير أمه, فالسلطان غالباً لا تأخذ من دنياه إلا على حساب دينك إلا من رحم الله وقليل هم أولئك.
أخي رجل الأمن عليك بالإخلاص, فالإخلاص هو روح العمل, وسر النجاح, وأنت تدرك حفظك الله أن مدار الأعمال على النيات ففرق كبير بين من يعمل للوظيفة ذاتها, وبين من يعمل لمجتمعه وبلاده وأمته, ويدرك أنه مأمون على ثغور المواطنين في أي موقع, ولعلك تدرك أن الأول ثرى والآخر ثريا, وشتان بينهما وتباعد واضح ومعلوم, إنني أرجو أخي رجل الأمن أن يكون الإخلاص خير باعث لك وأنت تؤدي أدوارك الأمنية وسيكتب الزمن بإذن الله تعالى عزك وفوزك فلا حرمنا الله هذه الروح وهذه البواعث من شخصك الكريم.
أخي رجل الأمن عليك بالتميز, فالتميز مطلب ضروري لإدراك الغايات ولباسك الذي يغطي ظاهرك هو أحد أسرار هذا التميز, والمهم جداً أن يتطابق التميز الظاهري مع نوعية أداء العمل الذي تؤديه, ولأن أدرك الناظرون إليك سر هذا التميز فإننا نأمل أن تكون متميزاً في لحظك وتصرفاتك وتعاملاتك وأخلاقك, فإن من غير اللائق أبداً أن ترى رجل الأمن في مواقع متفرقة باسم هذه المسئولية ثم لا تجده يرعى الحرمات المؤتمن عليها وجوارحه في أحيان كثيرة شواهد سوء على شخصه الكريم ومن ثم نبقى ننتظر من يقول لنا رأيت رجل الأمن يخون بناظريه, ويشتم بلسانه, ويبطش بيده, وبعمل من هذا شيئاً كثيراً وحينئذ تضمر الثقة, ويقل الاحترام, وتذهب دواعي التبجيل, ويبقى تميز اللباس يسوق لنا إشارات متهمة, وأحاديث مخونة, جزاء التصرفات التي خرجت دون ضابط ولا رعاية.
أخي رجل الأمن عليك بالأمانة, فالأمانة أعظم مسئولية على وجه الأرض, وقد تخلت منها جمادات مخلوقة وحملتها أنت بضعفك دون إدراك للعواقب قال تعالى : " إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوماً جهولاً " وجوانب الأمانة في حياتك كثيرة ولتعلم أنه متى دخلها الغش في أي جانب من جوانبها فإن العواقب المنتظرة غير بعيده, ولتدرك أن الغش لا يغطيه ستار المصلحة, ولتكن أميناً بكل معاني هذه الكلمة وإلا حينما تجد مساس الحرمان في أي جانب من جوانب حياتك فإنما أنت السبب فالله أن يشهد عليك رب يوماً وأنت تمارس شيئاً من أنواع الخيانة حرسك الله وعافاك.
أخي رجل الأمن عليك أن تدرك, أنك أنت وغيرك في أي موقع على بساط وطننا الحبيب إنما تؤدون رسالة سامية, ولتعلم أن الواجب عليك أن تمد كلمة الخير, وتسعى في تجذير المعروف في بلادك, ولتحرص على أن تكون سداً واقياً عن وقوع المنكرات, وحينما تكون كذلك فإنما أنت الابن البار بأمتك, لا حرمنا الله أمثالك, وزادنا وإياك حرصاً وثباتاً على المبادئ الأصيلة في حياتنا وفقك الله.
وأخيراً اخي رجل الأمن, إنما أحببت أن يصلك حديثي هذا ولتعلم حفظك الله أن كل تصرفاتنا أياً كانت إنما هي في سجل الحسنات أو السيئات, فما أجدر المخلصين في أعمالهم, الأمناء على أمتهم ، وما أحق الخونة والكسالى والجبناء والرعاع بالكدح الدنيوي, والضياع الأخروي, فلتكن من أنصار الأمناء, حادي على طريق الجادين تكتب لك النهاية السعيدة, وتخلّّد ذكرك في الناجحين والفائزين, وحذارك من الطريق الآخر فإنما هو أسوء نهاية, حفظك الله برعايته, وأقر أعيننا بك رجلاً مخلصاً, حريصاً على بناء الأمم والأوطان وإرساء الأمن والأمان وإحياء السلم والسلام..