كان الزي الرسمي مدنيا كان أو عسكريا في اليمن شمالا و جنوبا لا يعترف بالعمامة ليس ذلك فحسب بل و ينظر إليها خصوصا جنوبا بأنها مظهر تقليدي لا يتماشى بل و يتنافى مع مظاهر الرقي و التقدم و الانضباط في التهندم! و لم يكن يخطر ببال أكثر أهل الخيال أن يأتي يوم تكون فيه العمامة(و ليست كل عمامة طبعا و قطعا)رمزا بتعميمه يحتذى و بإبرامه يقتدى و من جاء به بأرواح المطحونين يفتدى! يا لعنة صارت على**أعناقهم طوق الحمامة إن الكرامة لم تكن**للئيم ما تحت العمامة ثم حدثت عاصفة قاصفة عصفت بالأفكار و قصفت الأسوار فأظهرت المبدأ المنهار تحت وقع الدرهم و الدينار! فغير القوم اللباس و الشعار و بصموا على بيع الأرض و الديار و محوا عنها الاسم و الآثار فياله من كرم و إيثار أعجزوا به الطائي حاتما و صاروا بأصبع القوم خاتما؟! و ماكان متقهقرا صار متصدرا و ماكان مرفوضا صار مفروضا و ماكان ملفوظا صار محظوظا! و سارع إلى التعمم من كان يرى تركه من التذمم رأيتك هرَّيت العمامة بعدما**عمرت زمانا حاسرا لم تعممِ و صارت العمائم على رؤوس العساكر كأنها الرايات على الدساكر و لها لذة أحلى من (السكاكر) و من اعترض عليها فهو عدو ماكر عزمتَ على لبس العمامة حيلةً**لتستر ما جرَّت عليك من الطمع و ليت الأمر اقتصر على العمامة فما زادت أن جعلتهم كأبي دلامة لا يوزنون بظفر و لا قلامة ألا أبلغ لديك أبا دلامة**فلستَ من الكرام و لا كرامة إذا لبس العمامة قلت قردٌ**و خنزير إذا وضع العمامة و صار للقوم في سوق النخاسة رايات و علامة تبينُ إذا ألقى العمامةَ لؤمُهُ**و تعرف وجه العبد لمَّا تعمَّما هل أنا ضد العمامة؟ لست كذلك طبعا و قطعا فأنا ممن أرتديها و أرتضيها لكنني أفعل ذلك عن قناعة و لست ممن كان يراها تخلفا و شناعة و صارت له اليوم مغنما و شباعة و يحث عليها أنصاره و أشياعه! و كأنه يقول بلسان الحال: أقام كفيلي عليَّ القيامة و عممني منه أخزى عمامة فأفسد بيني و بين الفلاح و أوحش مني طريق السلامة فما عدا مما بدا؟! "و عند جهينة الخبر القين" و لقد صرنا في زمن أغلب أهله يكذبون خبر جهينة و يصدقون أكاذيب هجينة! الحديث ذو شجون و له بقية باقية و مقالة آتية بإذن من بيده حياتيه.