الولايات المتحدة تؤكد دعم جهود مجلس القيادة والحكومة لتعزيز أمن واستقرار اليمن    عضو هيئة رئاسة الانتقالي باعوم يلتقي مدير شركة النفط فرع وادي حضرموت    الأرصاد: طقس شديد البرودة إلى بارد نسبيًا وبحر مضطرب جنوب الساحل الغربي    المحرمي يلتقي رئيس هيئة الأراضي ويطلع على خطط تطوير الأداء ومكافحة التعديات    الكثيري يطلع على أوضاع مؤسسة كهرباء وادي حضرموت    أستاذ قانون دولي: يتهم المخلافي بالجهل الدستوري وسوء فهم الانقلاب والانفصال    الدعم السريع يسيطر على أهم منطقة نفطية في السودان    جرحى المرتزقة بتعز يغلقون مكاتب حيوية احتجاجاً على الإهمال والتجاهل    من برلمان اليمن إلى كفاح الغربة    من برلمان اليمن إلى كفاح الغربة    حمى الإستقطاب    نسائية همدان تنظم فعاليات بذكرى الزهراء وتجدد موقفها المناصر لفلسطين    تعز الجديدة.. نموذج يتحدى الإخوان والسعودية والإمارات ويفضح أجنداتهما    الشيخ الجفري: قيادة الجنوب تتحمل مسؤوليتها التاريخية بثبات وحكمة    الصين تؤكد هيمنتها على الصادرات بفائض تجاري يتجاوز تريليون دولار    أزمة غاز خانقة تشلّ الحركة داخل عدن المحتلة    مباريات حاسمة في ابطال أوروبا    60 مليون طن ركام في غزة بينها 4 ملايين طن نفايات خطرة جراء حرب الإبادة    مصرع واصابة 32 مهاجرا في حادث غرق قبالة جزيرة كريت اليونانية    ماذا يحدثُ في المُحافظاتِ الجنوبيَّةِ والشَّرقيةِ اليمنيَّةِ الواقعةِ تحتَ الاحتلالِ السُّعوديِّ ومَشيخةِ الإماراتِ؟    كيف يوظف الاحتلال السعودي الإماراتي صراع الأدوات؟    منع دخول "درع الوطن" لعدن مع تصنيفها "إرهابية"    سر اهتمام واشنطن المسبق بحضرموت والمهرة    خطورة المرحلة تتطلب مزيداً من الحكمة في التعامل مع الإقليم    بوادر أزمة غاز في عدد من المحافظات.. ومصدر يحذر من توسعها    انضمام أربعة من نواب "الشرعية" إلى الكتلة البرلمانية للمقاومة الوطنية    مليشيا الحوثي تحتكر المساعدات وتمنع المبادرات المجتمعية في ذروة المجاعة    اكتشاف أكبر موقع لآثار أقدام الديناصورات في العالم    إتلاف 8 أطنان أدوية مخالفة ومنتهية الصلاحية في رداع    محافظ عدن يصدر قراراً بتكليف أرسلان السقاف مديراً عاماً لمكتب الشؤون الاجتماعية والعمل    حضرموت.. المدرسة الوسطية التي شكلت قادة وأدباء وملوكًا وعلماءً عالميين    النفط عند أعلى مستوى له في أسبوعين مدعوما بخفض الفائدة الأمريكية    اللواء الرزامي يعزّي في وفاة المجاهد محمد محسن العياني    اللجنة الوطنية للمرأة تنظم مؤتمرًا وطنيًا في ذكرى ميلاد الزهراء    استئناف الرحلات الجوية في مطار عدن الدولي    شبوة.. تتويج الفائزين في منافسات مهرجان محمد بن زايد للهجن 2025    صنعاء.. تمديد العمل بالبطاقة الشخصية منتهية الصلاحية    وفاة 7 صيادين يمنيين إثر انقلاب قارب في البحر الأحمر    الأرصاد: صقيع خفيف على أجزاء من المرتفعات وطقس بارد إلى شديد البرودة    التحالف يوقف تصاريح التشغيل لرحلات الطيران المدني إلى المطارات اليمنية    الخطوط الجوية اليمنية توضح بشأن الرحلات المجدولة ليوم الإثنين    الريال يسقط بشكل مهين على ملعبه أمام سيلتا فيجو    اطلّع على نشاط نادي أهلي صنعاء.. العلامة مفتاح: النشاط الشبابي والرياضي والثقافي جبهة من جبهات الصمود    المثقفون ولعنة التاريخ..!!    العصر الثاني في هذا العصر    المنتخب الأولمبي يخسر أمام الإمارات في بطولة كأس الخليج    بدء الدورة التدريبية الثالثة لمسؤولي التقيظ الدوائي في شركات الأدوية    في ذكرى ميلاد الزهراء.. "النفط والمعادن" تحيي اليوم العالمي للمرأة المسلمة وتكرم الموظفات    ضرب الخرافة بتوصيف علمي دقيق    ميسي يقود إنتر ميامي للتتويج بلقب كأس الدوري الأمريكي    بمشاركة الكثيري: مكتب تنفيذي الوادي يؤكد مباشرة العمل تحت راية علم الجنوب    عاجل: وزير ومستشار لرشاد العليمي يدعو لتشكيل حكومة يمنية مصغرة في مأرب    عاجل: القوات الجنوبية تحكم قبضتها على سيحوت وقشن وتدفع بتعزيزات كبيرة نحو حصوين في المهرة    الأردن يتخطى الكويت ويضمن التأهل للدور الثاني من كأس العرب    السعودية تهزم جزر القمر بثلاثية وتتأهل لربع نهائي كأس العرب    إب.. تحذيرات من انتشار الأوبئة جراء طفح مياه الصرف الصحي وسط الأحياء السكنية    رسائل إلى المجتمع    في وداع مهندس التدبّر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجنوبيون من جرف إلى دحديرة
نشر في عدن الغد يوم 15 - 09 - 2019

في منتصفِ الستين من عمره , جمعتني به مناسبةٌ اجتماعيةٌ , وتبادلنا الحديثَ عن الوضع الجنوبي المتأزمِ اليومَ , وما فيه من احتقان وصراع , حتى قال : يا ولدي سأحدثك بتجربة عشتها , وأرى أنَّ الأحداثَ اليوم تُكتَب بذات الحبر والقلمِ القديم , وإن تغيرت يدُ الكاتبِ .
مطلع السبعينات تحولت من مديريتي إلى مديريةٍ أخرى لمواصلة الدراسة الثانوية , وكان الوضعُ يشهد زخما ثوريا وشعاراتٍ حماسيةً رنانة , نفقه حروفَها ولا ندرك مدلولاتها . وفي يومٍ جاء الأمرُ بخروج طاقم المدرسة وطلابها للمشاركة في مظاهرة ثورية , وخرجنا نردد الشعارات السائدةَ في تلك الفترة , فساقونا نحو ساحة تجمعَ فيها عددٌ من الناس , وبينهم تقوقع رجلٌ حيٌ مربوطا بالحبال , ينهالون عليه ضرباً بما في أيديهم . واندفعنا نحوهم نزعقُ معهم " لا كهنوت بعد اليوم " , وخلال انطلاقي أخذتُ حجراً في يدي فأطلقتها نحو وجهه مباشرةً لينضحَ دماً , وهنا وهو يصارعُ الموت , رنا نحوي بعينه الذابلةِ , قبل أن يسحبوه بعيدا بسيارة حكوميةٍ , غيرَ مدركٍ ما جريمته , وما دوافع كل ذلك الغضب الانتقامي .
اليوم يا ولدي كثيرا ما تصيبني رعدةٌ وأُصرَعُ مغميا علي كلما تذكرته وهو يرنو بعينه نحوي . نظرةٌ لم أعِ حينها مدلولَها , ولكني اليوم أقول جازما إنَّها نظرةُ إشفاق , حملت حيرةً وتساؤلا , ما حملك يا ولدي على ما صنعته ؟. وبعد تصفية الكهنوتية , جاء الدورُ على البرجوازية والرأسمالية , لتطالَ يدُ الثورة وجهاءَ محافظتي , رجالاً ما عرفهم المجتمعُ والوطنُ إلا أهلَ وفاءٍ وولاءٍ , لا خونة ولا عملاء . اليوم لو سألتني وكلَ من شارك معي من الطلابِ وغيرهم .. ما حملكم على ما فعلتم ؟, والله لن تجدَ عند أحدٍ جواباً شافياً .
ومازلت أتساءَلُ ما الذي سيطر علينا ؟ أين كانت إرادتُنا حينها ؟ كيف تم توجيهُنا وتسييرنا لتنفيذ تلك الأعمال الشنيعة ؟ بأي قوةٍ الغوا عقولَنا ؟ لتصبحَ تابعةً لشعاراتهم وخادمةً لأوهامهم , تنفذ تلقائيا كلَ ما يريدون . كيف كنا نساهمُ بمسيراتنا الحماسية في منحهم تفويضاً لقتلِ أهلنا وتدميرِ اقتصادنا ومسخِ وطنِنا ؟. لقد سلبت إرادتَنا الشعاراتُ الثوريةُ والتعبئةُ الحماسيةُ والهوية القومية , حتى أصبحنا نعيشُ وهماً ونظن أننا نحققُ حلمَنا , ونصنعُ قيداً ونحسبُ أننا ننسجُ حريتَنا . وبعد 3 أعوام فقط , وبسبب شظف العيش والحاجة , وجدت نفسي وكثيرون ، قد فررنا نحو أرض الغربة , نفارق وطنا صرنا فيه غرباء . ومن غربتنا تابعنا كل التصفيات الدموية التي حدثت بين رفاق الأمس . يا ولدي خذها عبرة إن من تأصلَ على تخوين خصومه ومخالفيه سيعود بعد التخلص منهم إلى تخوين رفاقه ومقربيه , وإن من تأسسَ على تصفية أعدائه ومعارضيه سيتجه بعد قتلهم نحو التمرد وتصفية شركائه ومؤيديه . لقد أدركنا هذا ، فليت من أهلنا اليوم من يعي هذا قبل الندم ، وإلا فسيظل جنوبُنا أرضا وشعبا يتهاوى من حلمٍ إلى وهمٍ . وأطلق تنهيدةً عميقةً , وقامَ مشيحا بوجهه عني , يداري دموعاً ترقرقت في عينيه , وما كانت لتخفى عليَّ أبدا .
وبتدبرٍ لما أراد أن يوصلَه لي حول واقع الجنوب اليوم ، وجدت تشابها في دفع الطاقات تلقائيا نحو التشفي والبغضاء والانتقام والعنف , من خلال شحنها بالشعار الحماسي المقيت والتعصب الوطني المذموم . ووجدت تماثلا في تغييب العقليات , لتصبح مطواعةً للتشكل وفق ما أرادوه لها من تصميم , فتنفذ مخططاتهم وهي تظن أنها تحقق منجزا وطنيا بطوليا .
كم شبابٍ اليوم وبسبب التعبئة الإعلامية الموبوءة , والتبعية السياسية المشبوهة , قد فاض احتقانُ قلوبِهم ضد جهاتٍ محددة وشرائحَ معينة , وتنتظر فقط ساعة الصفر لتنطلقَ تسحلُ وتقتلُ , وتدمرُ وتقهرُ , مفرغةً شحنة الكراهية والحقد في أجساد وحقوق من تظنهم خونةً وعملاء ، يقفون ضد تحقيق الحلم .. الوهم .
أبو الحسنين محسن معيض


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.