عندما تكون الدولة ناهبة سارقة شمس ظلمها شارقة و في الفساد غارقة و فيه علامة فارقة و من يعارضها و يعاضضها يريد أن يكون محلها في النهب و السلب و حرمة النصب و الكسب و الظلم و الغصب فلا تسل حينها عن سيادة البلاد و كرامة العباد و لا تتعجب من الذل و الاستبداد و المهانة و الاستعباد التي تعم و لا تخص و شواهدها في الواقع والمواقع تغص! حتى أننا صرنا جدارا قصيرا لمن هب و دب و لف و درج من أهل الفسالة و العوج! يوسعنا الأنذال شتما و تحقيرا و يتطاول الأقزام علينا تصغيرا بل صارت بلادنا ترابا يداس من أقل الأجناس و أذل الناس و لا تساوي حكومتنا و من يعارضها المداس! الكل فينا ناهش و علينا طاهش و بنا باطش. الكل يستعرض علينا عضلاته و يرمي لنا فضلاته و يتحفنا برجيع فصلاته. الكل لنا ناهب و لثرواتنا و كرامتنا سالب و لتاريخنا ثالب و حتى الهررة أنشبت فينا الأنياب و المخالب! عبيد القوم صاروا عندنا أسيادا و قوادوهم صاروا عندنا قوادا و جهالهم لقومنا روادا. و كل ما صاح حر من هذا الذل و الضر نبح عليه عبيد القطم و البر و سمع منهم ما لا يليق و لا يسر و رموه بكل الأباطيل و خلقوا لمسيره العراقيل و أمطروه بقال و قيل و طاله التهديد و الوعيد من كل جبان رعديد ممن لا يستقيم له سنان و لا يثبت له جنان إلا بحبل ممن استعبده و أهان و عنده ذل و هان. حتى أنك تجد بعض من كان يذكر بالفضل و الخير قد أظهر الخطل و الضير و كشر عن الأنياب و يكيل الشتائم و السباب و كشف عن القناع فإذا هو ليس في القمة بل في أسفل القاع! يا لله العجب دول تعجز عن توفير كسرة صار أقزامها في أرضنا كسرى فيالها من كسرة ليس لها جبرة إلا قومة تنفض الغبرة و تهبر الأقزام هبرة و تدخل المعتدي رمسه و قبره حكّم سيوفك في رقاب العذَّلِ**و إذا نزلت بدار ذلٍ فارحلِ و إذا بليت بظالم كن ظالما* *و إذا لقيت ذوي الجهالة فاجهلِ و إذا الجبان نهاك يوم كريهة**خوفا عليك من ازدحام الجحفلِ فاعصِ مقالته و لا تحفل بها**و اقدم إذا حقَّ اللقا في الأولِ و اختر لنفسك منزلا تعلو به**أو مت كريما تحت ظل القسطلِ فالموت لا ينجيك من آفاته**حصن و لو شيدته بالجندلِ موت الفتى في عزة خير له**من أن يبيت أسير طرف أكحلِ لا تسقني ماء الحياة بذلةٍ**بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ