رحلت من مضارب وواحات البادية ..في آواخر نوفمبر من تشرين الثاني ..وسيكون لي تسع سنوات بالوفاء والتمام… ولازلت مقيم بمدينة مودية ولاية دثينة وقل للزمان ارجع ارض الثوار والاحرار… هذه المدينة التي احتوتني احببتها وعرست بها مرة ثانية ففرشت ذراعيها لي وذبت في مزيجها واصبحت احد ابناؤها .. لكنني لازلت اهفو وارنو لعيشة البادية ..في قريتي مراتع صباي ومدارج هواي ..افتقدها كلما تقدمت بي السنون من العمر .. او المت بي وبوطني عواصف او نوائب من عاديت الازمان ..لم يعد شيئا يعجب في هذه البلاد ..ولم تعد سلوكيات الناس حسنه… كثر الجور وانتشرت المظالم والمفاسد بسبب المخدرات ..مما جعلنا نتحسر على اولادنا وايام زماننا .. تغير الزمان وذهبت الاخلاق ..! هل قلت تغير الزمان ؟ ..لابل تغيرت الناس .. والزمن ماتغير بس اهل الزمن ويلاه متغيريين رحمتك يارحمتك يارحيم… الاولاد كل واحدا منهم له عالمه الخاص ..ومع تليفونه وسماعته باذنه .. وكلما دعوت احدهم اجابني سكه لك ياوالد ..ولدي حسان اذا يريد فنجان شاي يرسل رساله على الواتس لشقيقته ان تبعث له واحد شاهي براني .. ياإلهي ماذا جرى ..في بداية الثمانينات من السنين الخوالي ..كنا انا وأم الحسين لانفترق ولايطيق احدنا الابتعاد عن بعضنا .. نأكل بصحفة واحدة وننام بحجرة واحدة ..نستمتع ونهيم لصوت أم كلثوم من الاذاعه وهي تطربنا قائلة انا عندي حنين مابعرف لمين .. ومن اذاعة البي بي سي من لنطن والمذيع اللامع ماجد سرحان وهناااااا لنطن… ماذا جرى ؟ ! ..والى اين نحن ذاهبون ..اين ذهبت العواطف الجياشه ..اين الرحمة والود ..اين الوفاء وكلمة الشرف ..! لماذا لم يعد يثيرني القمر ولم نعد نتغزل به ..وهو يشدو موال وخاطر عاالبال .. اين ذهبت الوجوة الرضيه ..التي كنت ازورها في قريتي الرابضه وسط الجبال السود .. اين الحب العذري واين نحن مما قاله ابن الملوح .. حين قال .. ولما تلاقينا على سفح رامة .. وجدت بنان العامريه احمرا .. فقلت خضبت الكف بعد فراقنا ..فقالت معاذا الله ربي ان ذا جرى .. ولكني لما رايتك راحلا .. بكيت دما حتا بللت به الثرى .. مسحت بااطراف البنان مدامعي .. فصارت خضابا بالأكف كما ترى .. بربكم هل تسمون مايجري في ايامنا حب ! ..معدشي يعجب ..ولم تعد معدتي تهظم الاحداث المتسارعه ..كل شي جميل ذهب والى غير رجعه .. لاترى الا عيون زائغه وافواه فاقرة ..الناس اموات في صورة احياء .. ومزحومه وكلن في صراع مع نفسه ..خلاص هل الوح بيدي مودعا للزمن الجميل .. اما اواسي نفسي واقول ارجع يازمن .. ! بقلم محمد صائل مقط ..