جميل جدا ان نتحدث عن تعيينات وقرارات تعزز التوجه والرغبة بضم القيادات الشابة الى رئاسة المجلس الانتقالي؛ بل ورائع جدا كذلك الحديث عن قرارات تسهم في لم الشمل الجنوبي حتى انه ليس مهما توقيت هذه القرارات طالما وانها تسعى لتحصين الجسد الجنوبي . لكن ما رأيك لو تركنا المبررات العاطفية هذه قليلا، وتحدثنا بموضوعية اكثر حول خلفية هذا المستجد والقرار الذي خلف معه حالة من الجدل الواسع بين اوساط الجنوبيين؟ جميعنا يعلم ان اتفاق الرياض جاء تلبية لحاجة الاقليم (قطبي التحالف) اكثر منه لحاجة اطراف الداخل والشواهد في ذلك كثيرة جدا ؛إضافة الى هذه الخلفية الانعكاسات المحتملة للحراك السياسي الذي بات يجتاح منطقة الشرق الوسط وحتى الاقصى والتي قد تؤدي بدورها الى واقع جديد يختلف كلية عن واقع المشهد الحالي بالمنطقة.. جيد ! ! فإذن وبالعودة الى الشأن الجنوبي وإرتدادات إتفاق الرياض عليه فانه وبطبيعة الحال سيكون مسارا سياسيا ينتج حال نفاذه استحقاقات جديدة لعل اهمها ان المجلس الانتقالي سيكون قد تحول الى مكون سياسي يمتلك شرعية الحضور والتمثيل داخليا وخارجيا .. وأظن المجلس بالفعل قد اضحى اليوم كيانا وواقعا ملموسا يتم تأكيده سياسيا وبغطاء إقليمي تحت مبرر البوابة الاقرب للحل المستدام لملف الازمة اليمنية ككل. من هنا تحديدا سيشرع الرعاة والحلفاء الداعمون مبكرا في تطويع القرار السياسي للمجلس الإنتقالي وإحتواءه ضمن منظومة القرار الخاص بهم. وحتى لا تشكل مستقبلا دائرة صناعة القرار بالانتقالي اي مصدر قلق او إزعاج لتوافقات الاقليم وتحالفات المصالح المشتركة سيكون هنا وجوبا وليس تحسبا على كل داعم وحليف اقليمي ان يضع بصمته ومرآته من الان في قبو الانتقالي .. لذا ينبغي ان ندرك هنا وخاصة بعد التوقيع على اتفاق الرياض ان اي موقف او قرار او حتى تعيين سياسي يصدر عن قيادة الانتقالي سوف لن يكون حينها قرارا إنتقاليا خالصا بالكامل،اذ لابد ان يحظى بمباركة الاقليم قبلها او بالاصح ان لا يحيد بتاتا عن خارطة التوافق الاقليمي المزمع تأكيدها حاضرا .. وبلغة أكثر وضوحا : فإن خط القرار السياسي القادم لن يكون الا لصالح بناء التحالفات الجديدة بالمقام الاول وهذا امر مفروض على قيادة الانتقالي باعتباره لازال مكونا نشئا يعيش مرحلة الاعداد والتحضير للعب أدوار رئيسية قريبا على أنقاض الشرعية المحتضرة اليوم .وليس مستبعدا هنا تعيين عمرو البيض كمقدمة لهذا الخط السياسي. فبعد ان أكدت كل من السعودية والامارات حضورهما بداخل الجسد الانتقالي وضمنتا بالكامل ولاء قياداته لهما سلما وحربا، تسعى عمان هي الاخرى بحثا عن موطئ قدم يحفظ مصالحها جنوبا، الامر الذي سيدفع بها الى وضع بصمتها في المجلس الانتقالي أسوة باشقائها. وعليه فما الذي يمنع ان يتقمص البيض الشاب دور البصمة العمانية هناك؟ فكما يبدو هنا وعلى قاعدة"لا وساطة دون مقابل" وتأكيدا لمبدأ المصير المشترك ستفرض عمان ايضا مفهوم تقاسم الكعكة المشترك وبالتساوي كذلك. العرض العماني الحالي"نسهل لكم طريقا الى صنعاء وتفسحون لنا طريقا الى عدن". بالمناسبة فيما يخص إمتعاض كثير من مؤيدي وحتى منتسبي المجلس الانتقالي حول قرار تعيين البيض مؤخرا فانه يعد تعبيرا لامبررا منهم تغلبه السطحية ولربما العفوية احيانا ! فهو يبقى قرارا متوقعا وضمن أدبيات المتغير السياسي التي يباح خلالها لاي مكون سياسي العمل وفق مقتضيات المرحلة وبما يتناسب مع سياسات حلفاءه الداعمين اي انه ليس بالامر المهم والمثير للجدل كما حدث صبيحة صدوره.. المهم فقط في هذا التوجه الجديد هو الالتزام بالثابت الوطني المتمثل بالهدف السياسي المعلن للمجلس الانتقالي..هذا هو المعيار الحقيقي لاداء المجلس والمبرر المقبول لاي ردات فعل سياسية او شعبية تجاه قرارات الانتقالي القادمة..