الله واكبر ، هل كان الصاروخ الذي حمل مواداً كيماوية قاتله مشفوعاً بتلك الصرخه ، أم انه أتى من جهة رسميه ؟ ، لا احد يعلم حتى اللحظه لكن هناك حقائق تتمثل في جانبين مهمين ، اولهما أنَّ النظام السوري يعي تماماً أنَّ أي استخدام لأي سلاح كيماوي يعني الإجهاز النهائي على ما تبقى من كيانه وبأنه انتحارٌ علني ونهايةٌ غبراء ، ولهذا فان الامر مستبعد من الناحية النظرية على الأقل ، أما الجانب الآخر في الرواية فان استخدام المعارضة لهذا السلاح يفتح الأبواب أمام سؤال كبير وهو من أين أتَوا بهذه المادة المحضورة ، هل سُرقت من مخازن سوريه أم أتت من خارج الحدود وكيف تم التدريب على استخدامها وكيف تم خزنها وتركيبها ، وألف سؤال في هذا المضمار دون اجابات حقيقيه تظهر ، وحقائق كهذه تظل عادةً لسنوات مخفيه ومطموره ، لكن ومهما تكن الإجابات فان الواضح بان سوريا دخلت مرحلة اكثر مأساوية ورعب وأن الحرب في سوريا تشهد أكثر تجلياتها قذارة ، مما يلقي ظلالا سوداء ثقيلة اضافيه على حقيقة الربيع العربي ومخرجاته ، حيث يُجمِع كثيرٌ من المراقبين أنَّ أي سقوط مفاجئ للنظام السوري أو بالأصح تدمير الجيش السوري وقوات الأمن تصبح العراق فردوساً بعيد المنال لوضع سوريا المرعب ، وتشهد المنطقة حروب مركبه داخل سوريه نيابة عن كل صراعات الدنيا وفي مقدمتها حرب المسلمين الطائفيه ، فينقلب الربيع عندها إلى جحيم مستعر ، ولن يجد ( الثوار ) حتى جزءاً من سورية ليحكموه . ومن هذه الواقعه سيكون ربيع سورية في ضمير التاريخ أسوأ توصيف تسوقه القواميس السياسيه بل سيكون الربيع الملعون إلى يوم الدين ، وهنا تتوقف العقول متجمدةً مخنوقةً بِحَيرةٍ لم تُصَبْ بها من قبل ولا حتى أمام الأسباب المعلنة لغزو العراق قبل عقد من الزمان وانتقاله من وضع دكتاتوري إلى فوضى ماحقه ، خاصة حين نجد نفس الدول التي سوقت لغزو العراق تسير بخطى حثيثه لمحو سوريا من الخارطة الوجوديه باسم ربيع العرب المحمول تارة على طائرات الناتو ، وتارة على دخان جبهات النصره وصواريخ مجهولة الهويه وتنفق لأجل ذلك إنفاق من لا يخشى الفقر .
لا احد بالطبع سيجزم القول بما سياتي بالتفصيل ، لا المحلل السياسي ولا ضارب الوَدَع او قارئ الطالع ، لكن اكثر المسائل وضوح الآن هو ان الربيع العربي بات يقود الانتقال من زمن الدكتاتوريات الى العهد الأصولي ( الحاضر فينا ) والذي سيتربع على الولاية الى ما شاء الله مع تفاوت نسبي بين دولة وأخرى ، وربما سيمتد لدورة زمنية مضغوطة تعيد سرد التاريخ منذ بني أميه وما تلاها ، حتى ( ربما ) ربيع آخر حقيقي . لا احد يجرؤ على ألمجاهره بمكنون الضمائر ، فالعقول مأخوذة بتيار الأحداث المتسارعة وقدسية الشعارات الزائفة ، وهذه عادات العرب في تزييف الشعار من ناحية وعبادته من ناحية أخرى يتقدمهم سدنة النفاق من المثقفين .
سوريا احترقت وتحترق ويموت أهلوها أخيراً بأسلحة مُحرَّمه ، ولن يكون هناك جديد في الخطاب العربي غير هتافات مزعومه تبثُّها مملكات وإمارات لا تعرف أبسط معاني الحريه ، ولو بشكلها البدائي ، تطبقها على شعوب غير شعوبها وقوم ليسوا من أهلها ومدن اكثر انفتاح للحياة من مدنها وحضارة اكثر تقدماً من حضارتها المتآكلة ، وهذه مهزلة الحاضر العربي الراهن حين تُدفن الانسانيه والمدائن والتاريخ تحت انقاض الدمار الهائل باسم التغيير ، يقوده فكر متجمِّد منذ الف عام ويزيد . وتتوسع النزعات الاصولية والحروب الطائفية والفوضى المدمره ، وتعيد الأمَّةُ ترتيب أولوياتها من جديد ، وتسميات جديده للأعداء الرئيسيين والأصدقاء المهمين والمناهج السياسيه ، والحاكمية ، والمحكوميه ، لتبدأ رحلة غامضة في تاريخ العرب .