أراك ياوطن تائه مشتت، تمعن النظر في وجوه المارة، تبحث جاهدا لتجد من يفهمك، تتحسس هنا وهناك دون جدوى، تلاشت ثقتك بالجميع، لم تعد تثق بأحد، وحدهم البسطاء مازالوا متمسكون بك ويعانون كما تعاني. عميق ذاك الشبه الذي يربط بين الوطن والبسطاء المهمشون، أقف مشدوها حين أصادف أولئك البسطاء المنسيون في الشوارع و"الجولات"، ملامحهم تشبه الوطن تماما، يواجهون الذل والحرمان،دون أن يحس أحد بمعاناتهم. نراهم صباح مساء يركضون بطاقة هائلة باحثين عن الرزق الحلال، منهم بائع الماء، وعامل النظافة ، وذاك العجوز الذي يحمل معولا منتظر أي عابر يأخذه للعمل. نمر من أمامهم ونرمقهم بنظرات البؤس لنزيدهم الكآبة وخذلان، ونحول حياتهم لمأساة كبيرة، ننعتهم بالجهل والتخلف وعدم المعرفة لأن حياتهم تخالف حياتنا.. هؤلاء يخذلون من كل جانب تارة من الوطن وتارة من البشر،ورغم ذلك صامدون أمام متطلبات الحياة القاسية، واثقون بأن هذا الوطن سيحتضنهم ذات يوم. مؤسف جدا أن نتعامل معهم بسوء، ونرفع القبعات أحتراما لأولئك العابثون بالوطن! رفقا بالبسطاء هم لايريدون منا شيئا، ابتسامة في وجوههم تسعدهم طيلة يومهم! ابتسامة يا أعزائي لا أكثر رفقا بهم.