تتعرض جميع العلاقات سواء أكانت شخصية، أم اجتماعية، أو مهنية إلى نوع من النزاع والخلاف ، والخلاف يعتبر أمرا معتادا، بل وفي بعض الأحيان يكون ضروريا لاستمرار التطور والنمو في هذه العلاقات ، الخلاف والنزاع جزء من حياتنا الشخصية والعملية، وبالرغم من أن الخلاف لا يحدث بشكل يومي، فإنه بالتأكيد قد يحدث في حياتنا بشكل كبير، ولكن نظرا لأنه حدث متكرر في حياتنا، فنحن في حاجة إلى التركيز على أفضل طريقة للتعامل معه، بدلا من الأدعاء بأنه سيزول من تلقاء نفسه، النزاع في بعض الأحيان قد يكون سببه خلاف بين الأفراد حول الأفكار، والخلاف حول الأفكار من الممكن أن يكون مرغوبا وداعيا للإبداع عندما يتم التعامل معه بشكل بناء، كما أن عدم التعامل مع الموقف قد يؤدي إلى الإحباط والاستياء، إن فهم وإدراك وتشخيص النزاعات المجتمعية يعتبر أمرا هاما وضروريا، كما أن تحليل النزاع وتحديد نمط التعامل مع مواقف النزاع المجتمعي يعتبر ضرورة لنمو وتقدم المجتمعات، لذلك لا تخلو المجتمعات من النزاعات،وإن الكثير من الاعتداءات على الأرواح وضياع الحقوق وتشتت أفراد الأسرة الواحدة، إنما يرجع أكثره إلى التهاون في الإصلاح بين المتخاصمين، وعدم التعايش مع الآخرين، حتى عم الشر القريب والبعيد، واهلكت النفوس والأموال وقطع ما أمر الله به أن يوصل، وقد كان يكفي لإزالة مافي النفوس من الأضغان والأحقاد والكراهية، كلمة عاقل لبيب، ناصح مخلص، يقضي على الخصومات في مهدها فيتغلب جانب الخير ويرتفع الشر ويسلم المجتمع من التصدع والانشقاق. وفي ظل النزاعات المستمرة، ينبغي أن تتكاتف الجهود لنشر ثقافة الصلح والوئام والتعايش بين الناس، فيتحقق بذلك سلامة المجتمع من الانهيار، وتحفظ قلوب العباد من المشاحنات، إذ إن دور الصلح في فض النزاعات لا يقل عن دور القضاء بل يزيد عليه احيانا، وفي الصلح مزايا وفوائد لا تتوافر في غيره، قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه:( ردوا الخصوم حتى يصطلحوا، فإن فصل القضاء يورث بينهم الصغائن).البشر جميعا أسرة واحدة جمعت بينهم العبودية لله والنبوة لآدم، وجميع الناس متساون في أصل الكرامة الإنسانية، وفي أصل التكليف والمسئولية من دون تمييز بينهم بسبب العرق أو اللون أو اللغة أو الأقليم أو الجنس أو الانتماء السياسي أو الوضع الاجتماعي، وغير ذلك من الاعتبارات. إن الخلق كلهم عبيد الله، وإن أحبهم إليه انفعهم لعباده، وإنه لا فضل لأحد منهم على الآخر إلا بالتقوى. ولهذا حرص الإسلام على التآلف والتآخي ونبذ العنف وعدم إقصاء الآخر.