كم كنا نأمل أن يعلن عن زيارة مرتقبة – لهادي– لإيران وإن لم تنفذ ولكن الهدف هنا تكتيك سياسي لإيصال رسالة لمملكة آل سعود تزامناً مع بناء الأخيرة جدار عازل أشبه بالجدار الذي بنته دولة آل يهود وترحيل الكم الهائل من العمالة اليمنية، كل ذلك مع علم اليهود وآل سعود أن اليمن ليست فلسطين... لنعرج ونفتح صفحات التاريخ -للتذكير فقط- لنجد ما سطره اليمانيون من عزه وكرامة، فكان الملك فيصل في بعض الأحيان يعبر عن عدم رضائه عن نظام الحمدي وقد أثيرت مشكلة الحدود بين الدولتين في عهد الحمدي حيث تجدد الخلاف مرة أخرى عام 1974 بعد انتهاء مدة اتفاقية الطائف1934م, ظل الحمدي محتفظاً بعلاقاته مع الجنوب والمعسكر الاشتراكي، ولم يرضخ لضغوط المشائخ ورجال القبائل الموالين للسعودية بالتخلي عن تلك العلاقة، الأمر الذي دفع القيادة في السعودية لان تدعو الحمدي للقاء سري في الرياض في أغسطس / آب 1977م بهدف مراجعة الموقف اليمني معه.
فقد كانت العلاقة بين الدولتين تمارس على مستويات مختلفة وتتأرجح بين التقارب والتباعد، وقيل أن وجهات النظر بين البلدين كانت متباينة أثناء تلك الزيارة وإن الخلاف اشتد عندما أصرت السعودية على اقتطاع جزء من الأراضي اليمنية وضمها إلى السعودية , وقيل أن من المواقف الشهيرة للحمدي عندما وضع بين يديه خريطة ترسيم الحدود وقيل له من أين تبدأ الأراضي اليمنية, كانت إجابته أن قام ودق الأرض بقدميه وقال تبدأ من هنا, نقول لمن يحاول العبث بأراضينا وترابنا الوطني, إن غاب الحمدي – رحمة الله – عن المشهد الأليم الذي يعيشه اليمن – حالياً – فإن هناك 25مليون حمدي سيتابعون مسيرة الكرامة والعزة على خطى الرئيس الشهيد إبراهيم الحمدي, مع العلم أن مساحة الأراضي التي استولت عليها السعودية من اليمن تبلغ أكثر من مليون كيلو متر مربع, وهي على التوالي: عسير 1926, جيزان 1933, نجران1934, الشرورة 1961, الوديعة 1969، جزيرة الدويمه 1998 إضافة إلى الربع الخالي...
إن اليمانيون ليسوا كحكومتهم الموصوفة بالوفاق الظاهر والاختلاف الباطن والتي قامت ببناء جدار افتراضي يمكنها أن تغض بصرها عن بناء جدار آل سعود السافر و عوضا عن ذلك ترحيل العمالة اليمنية، فلم نجد استنكار يندد هذه التصرفات الغير مسؤولة حتى وإن كان استنكارا يلهم المرحلين أن حكومتهم مهمته بمعاناتهم الإنسانية ذات الأبعاد الاقتصادية والسياسية..
يعتقد الكثيرون أن خطة البدء بترحيل 200 ألف يمني من الأراضي السعودية هي خطوة نحو إغلاق حنفية الرزق لعودة المرحلين لبلدهم كأرقام تفاقم البطالة، فيطر هؤلاء للبحث عن حنفية أخرى والذي يرى المحللون أنها ستفتح عن طريق دعاة وشيوخ دين لتجنيد المرحلين كجهاديين يجدون أنفسهم بميادين القتال بسوريا مثلاً.
فباعتقادي أن الرئيس هادي كالمستجير من الرمضاء بالناري فالسياسة السعودية والقطرية وجهان لعملة واحدة، وادعوه أن يكون حازم بطرحه وأن لا يكون متساهلاً كغيره من الزعماء اللذين تاجروا بتراب أوطانهم، فبغض النظر عن اختلافاتنا الداخلية كجنوبيين وشماليين حوثيين واصلاحيين مؤتمريين وناصريين حراكيين واشتراكيين, لابد أن نجدد آرائنا ونتوحد على عدم التفريط بشبر واحد من ترابنا الوطني، فإن لم نتوحد على ذلك فعلى ماذا نتوحد، فما زلت أتذكر أغنية نشوان للمرشدي – رحمة الله – وأشهر كلماتها (باعوا الأصابع وخلو الجسم للديدان وقطعوها على ما يشتهي الوزان)، فلا تقطعوها ولا تمكنوها للوزان.