د. وائل لكو - خلفت الازمة اليمنية الممتدة منذ خمس سنوات العديد من العوامل التي ساهمت في تعقيد المشهد اليمني بدأ من احداث العام( 2011 ) ومانتج عنها من ازحة الرئيس السابق علي عبدالله صالح مروراً بمؤتمر الحوار الذي لم تنفذ نتائجة ودخولاً في انقلاب جماعة الحوثي الذي اذى الى تدخل الاقليم العام (2015 ) ، ولعل الاحداث في اليمن كانت ملتهبة منذ ماقبل هذه التواريخ وأبرز تلك الاحداث أنطلاق الحراك الجنوبي المطالب بفك الارتباط واستعادة استقلالية الدولة الجنوبية، وكان من نتائج هذا الحراك تجميد انتاجية عمل المؤسسات الدستورية التي لم تعد تعمل لفقدانها للشرعية وعدم مقدرة الدولة من بسط نفوذها وسيطرتها على كل محافظات الجمهورية مماجعل المبادرة الخليجية اشبه بطوق نجاة تستطيع من خلالة مؤسسات الدولة اعادة انتاج نفسها دون العودة للشعب مصدر السلطات. ومع هذا الوضع المعقد ظهر انقلاب جماعة الحوثي العام (2015) ليكمل باقي المشهد الكسيح للدولة اليمنية وشرعية مؤسساتها ويقذف بها الى خارج أرضي الجمهورية مخلفاً وضعاً لا يتماشى مع مهام وضرورات وجود الدولة. واليوم ومع محاولة القوى الاقليمية ومن خلفها جهود المجتمع الدولي لأيجاد حل للازمة اليمنية تقف بعض العوامل المعيقة والمعقدة للمشهد النهائي لأنطلاق الحوار المؤدي لحل الازمة اليمنية، ابرز تلك العوامل هي : 1- العامل السياسي. 2- العامل الأمني. وسنوضح ذلك في محاولة اجتهادية تفترض عدم وجود الشفافية اللازمة من قبل اطراف الأزمة وعدم رغبتهم في البوح بكامل التفاصيل ورغبتهم في ذلك ضمان سرية الأتصالات التي تعقدها وخوفاً من تدخل أطراف أخرى تعيق الوصول للحل . أولاً : العامل السياسي: يتميز العامل السياسي في المشهد اليمني منذ مطلع الستينات وحتى اليوم بتناقضات الوضع الأقليمي اللاعب الرئيس في المشهد اليمني فمع كل مشكلة تعصف بمنظومة الحكم في اليمن يلجأ الاطراف الى الاقليم للبحث عن مخرج للأزمة وهو ماجعل الأقليم يتحكم في بعض الشخصيات القيادية التي لاتجد حرجاً في التعامل التبعي لدول الأقليم باعتبارها هي من اوجدت هذه الشخصيات وهي من تنفق عليها الأمر الذي أدى الى بروز التناقضات وعدم الانصياع لصوت الحكمة والعقل والقبول إلا بما يريده اللاعب الأقليمي ولابأس من المطالبة ببعض الامتيازات الشخصية التي يتم من خلالها كسب الولاءات وتعزيز المكانة الداخلية. كما ان خلافات الاقليم فيما بينهم وانعكاسها على الأزمة اليمنية يلقي بظلاله القاتمة نحو إيجاد حل للأزمة اليمنية التي باتت مسرحاً لتصفية الحسابات، الأمر الذي تسبب معه في إحداث شرخاً كبير في علاقة أطراف الأزمة اليمنية على المستوى الداخلي وعلى مستوى الاقليمي، مما شتت جهود تلك القوى في حسم الصراع وتحقيق النتائج المرجوة. تانياً: العامل الامني: تلعب الجغرافية السياسية لليمن دوراً مؤثراً في الصراع اليمني فاليمن ليس الحديقة الخلفية لدول الجوار بل ان موقعة الجغرافي الأستراتيجي في الملاحة الدولية يشكل محوراً مؤثر تاخده الدول المجاورة والقوى الدولية في الحسبان، ومع تنامي الصراع الأقليمي وأشتراك القوى الدولية لمصلحة أطراف أقليمية معينة صار الوصول لحل الازمة اليمنية صعباً، وان كان غير مستحيل، فالحفاظ على مصالح بعض دول الاقليم يجب ان يأخد في الحسبان مصالح قوى دولية تلعب لصالح قوى أقليمية أخرى الأمر الذي يوحي ان لاعبي الداخل لم يعودوا لاعبين حقيقيين بقدر ما أنهم مجرد أدوات تحركها مصالح قوى دولية تبحث عن نفوذ في هذا الموقع الحساس من العالم. لذلك فان القوى الدولية ومعها دول الاقليم هي من ستحدد شكل الخاتمة للازمة اليمنية بعيداً عن صراع القوى المحلية التي ستظهر على مشهد الاحداث فقط لتسبغ الشرعية على ما توافق عليه الكبار.