تحميل المجلس الانتقالي مسؤلية عدم تطبيق إتفاق الرياض يسقط المسؤلية المباشرة عن دولة الإمارات الحاضنة الرئيسية للإنتقالي . من الواضح أن ما يقرر الأولوية يجب ألا يخضع للمزاج ، بل يجب أن يخضع إلى اعتبارات موضوعية تفرض أولا إكتشاف أصل المشكلة ومن ثم الفروع ، ثم ثانيا إكتشاف أسباب المشكلة ، وثالثا التفكير في طرق الحل . لو افترضنا أن المشكلة تتمثل في الانتقالي وأنه لتفكيك هذه المشكلة لابد من مواجهة الأسئلة التالية : لماذا الانتقالي يرفض تنفيذ الاتفاق ، وماهي مبرراته ؟ ثم كيف يمكن التخلص من تلك الأسباب ، وبالتالي التخلص من الانقسام ؟ بداية نعرف جميعا أن الانتقالي هو نتاج للخلاف بين الإمارات والشرعية . ولا يمكن أن نتجاوز حقيقة أن الإمارات أسست لانقسامات داخل الشرعية كان أبرزها خلق الانتقالي ليكون ضد الشرعية . الصراع الذي أفتعلته الإمارات مع الشرعية عمق الانقسام ، وأفرز جدلا وهميا مضللا جوهره حل خلافات الصراع على السلطة بعد تغييب الصراع مع الحوثي ، فكان الإقدام على بناء الأحزمة والنخب التي لم يكن لها من وظيفة سوى تفكيك الشرعية . إذن ، لن يكون خطأ القول إن أسباب الانقسام الراهن كانت وما زالت ، تتلخص في سببين : إصرار الإمارات على عدائها لحزب الإصلاح ومن ثم للشرعية ، والصراع على النفوذ داخل اليمن . ويبقى السؤال : كيف الخلاص من هذين السببين ؟ نظريا ، إسقاط الاتفاق مع الانتقالي وإلغاء النتائج المترتبة عليه ، وفرض الشرعية في عدن ، سيجعل المملكة العربية السعودية في موقف محرج . لذلك لابد من إزالة الخلاف بين الإمارات والشرعية ، فذلك هو المدخل إلى إنهاء الانقسام وإنهاء الصراع على السلطة . وسيحقق وحدة الشرعية التي ستسمح بتوجيه كل قوى الشعب وإمكاناته لمواجهة عصابة الحوثي ، حيث سيصبح إنهاؤها ممكنا . أقول بكل وضوح إن عدم تنفيذ الاتفاق خطوة تعكس حالة الانقسام داخل التحالف . والإمارات تتحمل جزءا كبيرا من الوضع المأساوي الذي تعيشه عدن بسبب التمرد على الشرعية . تصر الإمارات على محاربة قطر بمواجهة حزب الإصلاح . وهي بذلك تضعف الشرعية وتحول المواجهة مع الحوثي إلى مواجهة مع حزب الإصلاح . يستطيع المتابع بكل سهولة إكتشاف وجهة نظر المملكة في أولوية الصراع ورؤية الإمارات . المملكة ترى أن مصدر التهديد الأمني الأكبر يتمثل بالحوثيين والإمارات ترى أنه يتمثل بحزب الإصلاح . ولم تكتف بذلك بل جندت عشرات الإعلاميين للتحريض على الإصلاح . وما مهاجمة ضاحي خلفان لمأرب والتقليل من أبنائها بصورة تدل على تقزم الخطاب الإماراتي وفقده للتوازن إلا صورة من صور العداء لحزب الإصلاح ، الذي جعل ذاكرة ضاحي خلفان تصادر تنسى كيف أصل الشيخ زايد نفسه بمارب . حاولت الإمارات أن ترسل رسائل تطمين للحوثيين حينما أعلنت إنسحابها الوهمي من اليمن ، حيث صرح وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش بأن ذلك يعد رسالة تطمين للحوثيين . ممارسة الإمارات داخل التحالف أربكت حليفها المملكة العربية السعودية ووضعها بين فكي كماشة الحوثيين في الشمال والانتقالي في الجنوب . إذا أرادت المملكة تطبيق إتفاق الرياض بوصفها الضامن للتنفيذ ستكون في مواجهة تسعين ألفا من مليشيا الانتقالي دربتهم الإمارات . تمارس الإمارات الدفع نحو الانفصال بسبب عدائها الضيق الأفق لحزب الإصلاح . تعتقد الإمارات وهو اعتقاد خاطئ أن إنشاء مليشيات في الجنوب تابعة لها سيمكنها من ممارسة نفوذها في البحر الأحمر والقرن الأفريقي . خلاصة القول إن المملكة ملزمة بتطبيق الاتفاق بين الشرعية والانتقالي وعلى الإمارات ألا تسبح ضد التيار لأن إضعاف الشرعية وتفكيكها سيخلق فوضى لن تسلم منها المنطقة كلها . وستكون إيران هي الكاسب الوحيد . ولا تعتقد الإمارات أن الاتفاقات المبرمة بينها وبين إيران سيجعلها في مأمن ، لأن إيران ستكون أقرب إلى الدوحة منها إلى أبو ظبي . وعلى السعودية أن تدرك أن الوقت في اليمن من دم .