استوقفتني قصيدة الشاعر الكبير محمد عوض المشطر رحمه الله في وقفته أمام حيد مصيفر وبكاءه على أيام الثورة الأولى في شعابه ووديانه وعتابه للثوار الأوائل الذين أربكته تصرفاتهم ومن بينهم قيادتنا التاريخية للجنوب حاليا ، فقد لام وعاتب المشطر الثوار الأوائل ومن ضمنهم قيادتنا التاريخية على اعتقال الثوار وقتلهم وتضييعهم وتهميش الثوار الصادقين وتركينهم .وهذه السياسة ما استوقفتني من هذه الأبيات للمشطر رحمه الله ، فاليوم ثوار الأمس مصرين على بقائهم في المشهد بتطويعهم وتأطيرهم لبعض ثوار اليوم من الشباب الذين سيضمنون عن طريقهم بقاء نفوذهم وسلطتهم على شعب الجنوب عبر هذه القيادة الشابة الجديدة . لكن على حساب من يؤطرون هذه القيادة ؟ أ يؤطرون لها على حساب قيادات صدقت مع شعبها وأبت أن تنصاع لهم فحددوا مصيرها وهم أهل خبرة وتأريخهم دليل على صحة ما أرى من توجهاتهم القادمة ، فالتاريخ يقول أنه عندما أقترب حصاد ثمرة ثورة أكتوبر بدأت تصفية قيادات الثورة ورعيلها الأول واعتقالها وحتى نفيها وإبعادها ومن بقي من هذه لقيادات همش وأقصي وحورب حربا نفسية حتى أصابوه الجنون.كل هذا تم لإحلال قيادة جديدة منصاعة لدول تريد لقرار ثورة الجنوب الأولى أن يكون من قرارها و وفقا لرؤيتها ، وفعلا نجحت وأوجدت هذه القيادة التي من ضمنها كانت قيادتنا التاريخية التي فرطت بقرار واستقلال وسيادة وطننا الجنوب وأوصلت الجنوب إلى وضعه الحالي .
هكذا نقرأ التاريخ كما هو ولا نريد لهذه الحقبة أن تتكرر ولا نريد أن نفقد قرارنا واستقلالنا ،لا نريد أن نفقد السيادة على أرض الجنوب و دولتنا المنشودة ، لا نريد أن تتم تصفية القيادات الصادقة مع شعبها ووطنها ، لا نريد أن نقف على أطلال ساحة العروض أو المنصورة أو المعلا نبكي وننظم شعر الحسرة والندم على أجمل أيام ثورتنا التي أكلت أحلامنا وقتلت خيرة أبنائها. لا نريد أن نقف وقفة شاعرنا المشطر رحمة الله عليه التي استوقفتني فاستوقفتكم معي ولعلكم بعد تقروأ الأبيات تجدون خطورة ما أستشعرته ..فإلى الأبيات :
يقول المشطر : وشوقي يامصيفر يوم كنا بك حلول* وكنت تعرفني ويعرفني الوطن مشغول# وكان الدوسرية بل تسري بالحمول* وتمسي شقاشقها تنذق بالزبد في الجول# والليلة بكى قلبي على خيرة شبول* أشبال حبوني ونا في ملكهم مبذول# (من هم ؟ إنهم رعيل الثورة الأول وقادتها الذي بكى شاعرنا عليهم وهاله مالحق بهم فسبق بهذا القسم): قسم بالله لارجعي ولا عندي ميول* حيران لما شوف ذا ضايع وذا مقتول# (فقط ياشاعرنا؟!) وذا في السجن ماعد شي لمأساته حلول* ونا معاهم وا صديقي في الخلا مجدول# وسال الدمع من عيني كلولي بالكلول* كلول قلبي لآ متى وخاطري مملول# وقاموا الناس فجأة ينظروا كل الهطول * واتخبروا متى هطل رش المطر في الجول# فصحت قائلا ماسال من كل السهول* من عين حمرا سال هذا الباثق المنقول# ذهبت البحر بادور على عنبر ولول* لا عد وجدت العنبر الأصلي ولا عد لول# رحم الله شاعرنا .