سمعنا كثيراً عن احتفالات بعض الدول بمناسبة مرور أعوام لعدم انقطاع التيار الكهربائي عن بلدانهم، والاحتفال عبارة عن إطفاء الكهرباء لدقيقة فقط فذلك إنجاز للمحتفلين، أما نحن فلابد أن يتبنى المتحاورون مشروع إعادة تسمية الدولة إلى جمهورية الظلام خصوصاً أن بحكومتنا أسماء مثل الوجيه وسميع، فالأول ليس بوجيه والثاني ثبت أنه أطرش فهو ليس بسميع...
إذا لم تستطع الجهات المختصة إيجاد نهاية لفصول قصة الاعتداءات على خطوط الكهرباء، فلتطبق مقولة رحم الله امرئ عرف قدر نفسه فذلك أهون عليها من علاج جرحى الثورة ولا تعالج وزراءها الأكثر احتياج للعلاج، وخاصة علاج البصر فهم لا يبصرون إلا بالظلام فلا يبصرون أحد حتى أنفسهم هم لها منكرون...
فإلى أين نحن سائرون؟ سؤال يراود 25 مليون نسمه أكثرها من الطبقات الكادحة تزامناً مع قرارات الهيكلة، نعم إن قرارات هادي الأخيرة توصف بالجريئة والصائبة وتستحق التفاف شعبي قوي رغم أنها لم تشمل كل رموز الفساد بل والتمييز بينهم بات واضح، ألم يكن تقرير "باصرة هلال" وغيره من التقارير كافياً لإشهار كرت التقاعد لزمرة الفساد، أم أن انضمام غالبيتهم لثورة الشباب -المسلوبة- عبارة عن تطهير لأعمال البطش والنهب المنظم لثروات الوطن بشكل عام وثروات الجنوب بشكل خاص...
سئمنا تكرار عبارة "إلى متى" فالظلام الطبيعي يأتي بعده ضوء وظلامنا لا يولد إلا ظلام وصدق المحضار بقوله كل ما صفت غيمت، ظلام الليل وظلام الكهرباء وظلام الحوار وظلام العدل الخ، فكثر هم من تغنوا بسعادة اليمن فانقلبت الآية ومضى تعيسا بمحتواه وأصبح السواد هو الشيء الوحيد الذي يمكن رؤيته، فلابد أن يجد الكادحون تبرير ما يحدث من حولهم، فسكون الوضع العام تحول لحالة ترقب وحذر فالكل يتوقع حدوث شي لا يعلمه إلا الله وحده...
إن حالة اللا سلم واللا حرب القائمة حالياً ومنذ فترات طويلة، هي بالأصل استنزاف -غير معلن- لوضع المواطن الذي لا يمكن أن يوازي استنزافه بما قدمته الحكومات المتعاقبة في تحسين وضع الطبقات الدنيا من الشعب، فالكل كان يغني على ليلاه وكل من معه محبوب والشعب له الله، إذاً أما نعيش بأمان دائم وأما نعيش بحرب دائمة فما غير ذلك سيكون مضيعه للوقت واستنزاف لطاقة المواطن الذي لا حول له ولا قوة...
علينا أن نؤمن أنه مهما غابت كلمة العدل والمساواة عن مشهد حياتنا اليومية، سيأتي يوم نحقق فيه كل معاني العدل والمساواة والعيش بكرامة ولن نرضى بغير ذلك، وعلى كل من يضن أنه فاز بنهب الضعفاء واستبداد الأعزاء عليه أن يعلم جيداً أنه ستدور الدنيا وبالأخير لن يكون إلا الصحيح. والسلام تحية،