مازن رفعت قصة قصيرة ظن أهل القرية أن حياتهم ستعود إلى سابق عهدها ، لكنهم كانوا مخطئين ، لأن الثعابين عادت وأغارت عليهم مجدداً ، لترتكب مجزرة لم تشهد القرية مثلها ، أطفال ونساء ، ورجال ، افترشت جثثهم القرية ، وعلى أنقاضها أقبل الراقص ، وسط ذهول أهلها ، بصوت مبحوح تمتم زعيم القرية : ولكنك !! .. أنت .. استطرد الراقص منتشياً : ميت ؟! أليس كذلك ؟! ابتلع الزعيم ريقه بصعوبة متمتماً : أجل !!
قهقه الراقص ساخراً وقال : أتظن أني لم أحطت لغدر هذه الثعابين الغبية ؟! أنا من ربيتها ! أنا من صنعها ! وكنت أعلم إنها ستغدر بي يوماً ! لهذا حصنت جسدي ضد سمومها .. وبالتالي فإن لدغاتها لا تؤثر بي ! _ لكننا رأيناك بأم أعيننا وأنت ملقي على الأرض جثة هامدة ! _ يالغبائكم ! لقد كنت غائباً عن الوعي .. والآن عُدت لأُعيد الأمور إلى نصابها !
وهكذا عادت القرية والقرى المجاورة لها تحت سيطرة الراقص مجدداً ، ورضخ أهل القرية بعد أن أدركوا جبروته وسِعة حيلته ، وزاد هو من بطشه بعد أن أمِنَ ضعفهم وقلة حيلتهم . واحدُ فقط لم يفقد الأمل ، أبن زعيم القرية ، شابُ في مقتبل العمر ، صمم على أن يحرر القرية من بطش الراقص ، اجتمع بأصحابه سراً ، وقال لهم : _ يا شباب ! يجب أن نتوحد لتحرير قريتنا ! غمغم أحدهم ساخراً : حقاً ؟! وكيف سنفعل ذلك أيها البطل ؟! _ لقد أكتشفت طريقة تجرد الراقص من قوته !! _ عن أي طريقة تتحدث ؟! _ عن الثعابين !! _ الثعابين ؟! _ أجل ! إذا تمكنا من القضاء عليها جردنا الراقص من قوته ! نظروا إليه باستخفاف ، وقال أحدهم غير مصدق ما يسمع : وأنت تقترح أن نواجه الثعابين ؟! _ بالضبط !
هتف آخر بعصبية : أنت مخبول ! وتعتقد أننا مثلك فقدنا عقولنا لنستمع إلى هذا الهراء ! قال أبن زعيم القرية بنبرة هادئة وكأنه كان يتوقع ردة فعلهم : قبل أن تنصرفوا لم تسألوني عن الطريقة التي سنواجه بها الثعابين !!
_ آه صحيح ! قل لنا أيها البطل كيف سنواجه الثعابين ؟! .. بالعصي أم بصدور عارية ؟! أخرج أبن الزعيم من أحد أركان الغرفة أداة تشبه الأداة التي يتحكم الراقص من خلالها بالثعابين ، وأجاب : بهذه ! صُعِقَ أصحابه لدى رؤيتهم الأداة ، وقال أحدهم : _ أيها الشيطان !! كيف حصلت عليها ؟! _ لم أحصل عليها ! لقد صنعتها ! _ صنعتها ؟! أومأ ابن الزعيم برأسه وقال مبتسماً بثقة : أجل ! وهذا ما جمعتكم من أجله !
شكل الشباب خلية سرية ، وقاموا بصنع نسخاً عدة من أداة الراقص ، وفي يوم الحسم، خرجوا لمواجهة الثعابين ، ومثلما يفعل الراقص ضربوا الأداة بالأرض لتصدر نغمات معينة ، احتشدت الثعابين ، لانت لنغمات أداتهم ، حتى باتت تحت سيطرتهم ، قادوها لتُغير على مسكن الراقص ، وتشتبك مع الثعابين التي تحرس المسكن .
كانت معركة طاحنة ، لم ينجو منها ثعبان ، بات مسكن الراقص خالياً من أي حراسة ، اقتحمه الشباب ، لكنهم لم يجدوا أثراً للراقص ، الذي استغل معركة الثعابين لينسل من المسكن هارباً ، تحررت جميع القرى ، وعاد الشباب منتصرين ، حاملين الحياة لقريتهم ، وبهم عاد الأمل .
وفي ليلةٍ هادئة ، أقض مضاجع أهل القرية صوت عواء مخيف ، خرجوا من منازلهم مرعوبين ، وهم يستمعون إلى ذلك العواء الذي سكت فجأة ، وماهي إلا برهة ، وإذا بأصوات عواء تأتي من جميع انحاء القرية ، وكأنها تلبي نداء ذلك العواء المخيف ، ألتفت أبن زعيم القرية إلى أصحابه ، وقال في تحدٍ : أستعدوا يا شباب ! إننا بصدد رقصة جديدة !!