إن الرسائل هي الوسيلة الدائمة لتخليد الذكريات و العِبر وهي أيضًا من يُحرك مشاعرنا الراكدة في دواخلنا منذ مدة، والرسائل وإن كانت عائمة في فضاء العالم الافتراضي “مواقع التواصل الاجتماعي Social Media” غير موجهةً لنا بالتحديد أو صادرة من قدوة لنا إلا أنها تلامس قلوبنا أحيانًا كثيرة. وجدت ذات مرة رسالة من عابر في تطبيق الانستقرام تحت إحدى المنشورات معلقًا ب مقولة الأديب جبران خليل جبران” لو أننا استيقظنا في الصباح و وجدنا أن الجميع أصبحوا من نفس السلالة والعقيدة واللون، لاخترعنا أسباب أخرى للتفرقة قبل حلول المساء.” تلك المقولة لم تكن من صنعته ومحض تجاربه الشخصية، بل كانت مقولة معروفة عند الكثير منا وربما منسية عند البعض أو يجهلها، لكن أي مقولة أدبية تنطبق على الكثير من الناس؛ لأن الأدب عامةً عبارة عن تجربة إنسانية مشتركة . أخر تلك المقولة “لاخترعنا أسباب أخرى للتفرقة قبل حلول المساء” أيقظت لدي خلافاتي المتعددة التي كان سببها الرئيسي اختلاف وجهات النظر، و هذه ليست مشكلتي فقط فالكثير منا يؤمن بمبدأ تقبل وجهات النظر المختلفة، لكن لو دقق في تعاملاته لرأى أنه يسعي لفرض رأيه على من يحب سوى كان أخ أو صديق . حُبنا لتأييد أراءنا من المقربين لنا، وكأن أراءنا وحيدة ويلزمها من يرافقها مما نحب رفقتهم مع أننا نُوقِن أن أي رأي في الكون يوجد له مئة ألف مؤيد، فلماذا نشعر أن أراءنا وحيدة في هذا الكون ونحاول فرض تأيدها على المقربين منا لنشعر بصوابها و قوتها؟ أراؤنا التي نعتقدها و الآراء المخالفة لها لدى من نحبهم، ليس أي منهما رأي مؤدي لما هو مهول حتى لا نتقبلها بتاتًا. إن محاولة كسب تأييد أي شخص تحبه لرأيك، أشبه بمقص ينتظر لحظة قطعه لعلاقتكما، وتمزيق كل ما هو جميل تذكرانه في بعضكما، من صفات شخصية حسنة بارزة إلى أوقاتً ممتعة قضيتموها معًا. قال الأديب غازي القصيبي رحمه الله ذات يوم: “اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية، والسخيف جدًا أن كل قضايا الود عبر التاريخ أفسدها إختلاف الرأي”. أخيرًا.. كونوا متيقظين ضد وباء اختلاف الرأي حتى لا تسقُم بعض علاقاتكم الاجتماعية الودودة أو تفقدوها كليًا.