أثبتت تجارب التاريخ في القرن العشرين بأن تسييس المؤسسة العسكرية وأدلجتها وانقضاضها على السلطة لم يكن عاملا فاعلا لا في تحقيق الأمن الوطني بمعناه الشامل ولا في بناء الدولة الوطنية لا بل كان أثره عكسيا على مشروع الدولة ذاتها ، بحيث أصبحت الجيوش قوات أمنية للمحافظة على النظام وليس قوة عسكرية للمحافظة على الدولة . فما إن بادرت بعض الشعوب العربية بالمطالبة سلميا بحقوقها السياسية والاجتماعية حتى بادرت أنظمتها بالرد بالعنف للمحافظة على النظام ، فالدولة العربية في ليبيا واليمن وسورية تعود إلى مفردات ما قبل الدولة لقصور متعمد من قبل الأنظمة الحاكمة في فهم أهمية عناصر الدولة وتكاملها ، فالمؤسسة العسكرية في دولة الموطنة هي عماد الأمن والاستقرار للمجتمع من الأخطار الخارجية والداخلية ومهمتها تهيئة البيئة الأمنة لكافة القوى السياسية للتنافس في خدمة الوطن وصيانته وليس الانحياز لهذه الفئة أو تلك وعلى القائمين على الدولة العربية نخبا ومجتمعات أن يعوا هذه الحقيقة إذا أريد للدولة العربية الاستمرار في الحياة وإلبقاء . وعلى الدولة العربية نخبا حاكمه ومجتمعات أن تعي الدرس جيدا إذا اختارت البقاء والحداثة ، وأن تسعى جاهدة لتحقيق دولة المواطنة انطلاقا من المشاركة والديمقراطية وبناء دولة المؤسسات والقانون بعيدا عن المحاصصة والجهوية والمناطقية .