ينبغي الاقرار مهما تعالت الاصوات المتضادة ان ما يجري في منطقتي الشيخ سالم والطرية بمحافظة ابين من معارك هي معارك عبثية بكل المقاييس بغض النظر عن ما يرفعه كل طرف من طرفيها من شعارات واهداف ذلك ان ازهاق الارواح واراقة الدماء لن تجدي نفعا ولن توصل لغاية ولن تحقق هدفا.. وليعلم طرفا القتال ( الشرعية والانتقالي ) ان الحرب في ابين لن تكون بوابة النصر لتحقيق مشروع الانتقالي في فصل الجنوب واستعادة دولته. كما انها بالمقابل لن تعمل على استعادة الشرعية المغتصبة من اكثر من طرف او تنجز مشروعها في اليمن الاتحادي وذلك لاعتبارات عدة بينها ان هذه الحرب تدار بايدي غير يمنية وان ( خطامها ) ليست في ايدي طرفيها المتصارعين، وان من يدعم هذا الطرف بآلة وعدة استمرار الحرب يدعم خصمه ايضا.. ويريد لهذه الحرب ان تستمر طويلا الى ان يرهق طرفيها لأخر رمق. ولعل المراقب الحصيف لسير المعارك منذ اكثر من شهر سيصل الى هذه النتيجة من خلال الوقوف على مسرح عملياتها القتالية الذي حدده التحالف للطرفين للعب فيه بنحو اربعمئة كيلو متر مربع تمتد ما بين قرن امكلاسي الى الشيخ سالم جنوبا بامتداد منطقة الرملة والطرية شمالا واي طرف يتهور ويتجاوز حدود الملعب لن يسمح له ابدا.. وحتى تلك العملية التي تقدمت فيها قوات حكومية الى مدينة جعار سرعان ما وأدت ولم يسمح بطول امدها او استمرارها دون ان تطلق رصاصة واحدة. يضاف الى ذلك العامل السياسي المرافق لعمليات الكر والفر بين الطرفين فقد استدعت السعودية قيادة المجلس الانتقالي منذ نحو شهر للتشاور معها بشان الوضع في ابين.. وبالتأكيد فان اي مشاورات في ظل تبادل قصف المدافع ينبغي ان تتم خلال ساعات وان تعقد عادة في المطار نظرا لسخونة الوضع.. لكن ان يبقى الوفد هذه الفترة دون اتفاق يذكر.. يضاف له اننا لم نسمع منذ دوران المواجهات ان عبر التحالف بصفته مسيطرا ومسؤولا على البلاد بإصدار اي بيان ولو من باب جبر الخواطر ودعاية اعلامية يدعو فيه الطرفين الى ضبط النفس ويعبر عن قلقه ( ويبدو انه قلق بالغ العمق) وفي المقابل موقف الحكومة الشرعية التي تنظر لما يدور في ابين وكأنه فيلم لا يعنيها فقد تجاهلته حتى في لقاءاتها واجتماعاتها . وهذا ليس برضاها قدر ما يملى عليها اجندة اجتماعاتها وما ينبغي السماح لها ان تناقشه وتبدي الراي فيه وحتى اخبار اجتماعاتها لابد ان تمر على الرقيب ( الكفيل) قبل ان تبث في وسائل اعلامها. ودعونا نجي مع مناصري كل طرف ونتساءل : ان كان استطاعت قوات المجلس الانتقالي التقدم باتجاه شقرة هل اكتمل مشروعها وتحقق هدفها ولو انها تقدمت الى شبوة وما بعدها كما يصرح قادة الانتقالي هل تسكت الشرعية وتتغاضى عن هدفها وتستقر الاوضاع.. وهل بمقدور الانتقالي في هذا الظرف وفي ظل هذه التعقيدات وموقف الاقليم والعالم ان ينجح في ادارة دولة.. ومن الزاوية المقابلة لو سنحت لقوات الشرعية الفرصة باقتحام دفاعات الانتقالي واكتسحت زنجبار ودخلت عدن هل هي بذلك قد حققت نصرا وهل وضعها عندئذ سيمكنها من ضبط ايقاع الامور وبسط سيطرتها وهيبتها على عدن وباقي المحافظات المناوئة لها ام انها ستدخل في نفق اخر اكثر تعقيدا وظلمة. وخلاصة الامر انه ينبغي الاقتناع ان المدافع مهما بلغ مداها لن تحقق نصرا مؤزرا.. ولن تخلق استقرارا مستداما. قدرما تزيد التباعد وتعمق الهوة وتمزق النسيج المجتمعي .. لاسيما مع تعقيدات المشهد اليمني والتداخلات والتدخلات والتجاذبات والاطماع التي تنهش كبد الوطن الممزق والموزعة اشلاءه بين اكثر من مطار وفندق ومرقص وحانة. فضل مبارك