طالعتنا صحيفة (عدن الغد) الغراء، العدد (260) الثلاثاء 16 أبريل 2013م بمقال بعنوان (هل التهكم والتزييف يعزز الوحدة) للمحامية الحرة الجنوبية ليندا محمد علي، مقال في منتهى الروعة، أوردت فيه أمثلة بسيطة لكنها ذات دلالات في غاية الفائدة، يرحل على أنها تقرأ التاريخ (صح) كي تستطيع أن تدافع عن قضية شعبها (صح). وقد نصحنا في مقالات سابقة أن علينا قراءة التاريخ بكل تفاصيله إذا أردنا تحقيق الأهداف المرجوة التي يتطلع إليها شعب الجنوب المقهور منذ أكثر من عقدين من الزمن بسبب وحدة غير مدروسة، سرعان ما تم الانقلاب عليها في عامها الأول عندما بدأ مسلسل الاغتيالات للكوادر الجنوبية في صنعاء والذي استمر حتى إعلان الحرب في 27 أبريل 94م وبحرب ظالمة وفتوى ظالمة تم اجتياح الجنوب في 7/7/94م وتحولت الوحدة إلى احتلال بكل ما تحمله الكلمة من معنى وباعتراف أحد جنرالات الحرب ولايزال المشهد السائد في الجنوب هو القتل والاغتيال وسفك الدماء والنهب والخراب تحت شعار الوحدة. إننا نتعامل مع من ينكث بالعهد ويتخلى عن العقد والوعد ومن يقرأ التاريخ صح سيعرف بالتأكيد. وهي دعوة للنشطاء والكتاب والصحفيين أن نبتعد عن الجدل الداخلي المفرغ فكلنا مطالب بالعمل على كشف خفايا وحقائق ما يحدث برفع اليقظة والحذر والتعامل بمزيد من التنسيق والتعاون والابتعاد عن التخوين ونشر التباينات على أنها انقسام يخدم أعداء قضيتنا، ونحذو حذو الحرة الجنوبية ليندا محمد علي التي ذكرتني بقصة تاريخية بطلتها الحرة العربية (الحرقة بنت النعمان ابن المنذر) أوردها رفاعة رفع الطهطاوي في كتابه (السياسة الوطنية والتربية) تقول: لما فتح سعد بن أبي وقاص القادسية قيل له إن (الحرقة) بنت النعمان حضرت ومعها جاريتان لها في مثل زيها، فلما وقفن بين يديه قال: أيتكن الحرقة بنت النعمان قالت: أنا قال: أنت؟ قالت: نعم كأن الدنيا لا تدوم على حال، فإنها سريعة الانتقال تنتقل بأهلها انتقالا، وتعقبهم حال بعد حالا، إنا كنا ملوك هذا المصر يجبى إلينا خراجه، حتى تشتت الأمر، وصاح بنا الدهر، فشق عصانا وتشتت ملانا، وكذلك الدهر يبعثر الأحرار ويكب على ذوي الأخطار. فقال لها سعد: أخبريني عن حالكم كيف كان؟ قالت: أطيل أم أقصر، قال: بل أقصري، فقالت: أمسينا وليس أحد في العرب إلا وهو يرغب إلينا أو يرهب منا، وأصبحنا وليس أحد من العرب إلا ونحن نرغب إليه أو نرهب منه. فاستحسن سعد كلامها وأكثر إكرامها، فلما أرادت الانصراف قال لها: سلي حاجتك، قالت: خرابة أعمرها وأعيش بانتفاعها، قال لعماله: اطلبوا في الولاية قرية خرابة، فطلبوا ولم يجدوا، فقال لها سعد: إنا لم نجد في الولاية خرابة فاختاري معمورة، فقالت الحرقة بنت النعمان ابن المنذر: الحمدلله الذي وفق آبائي للعدل حتى أعمروا الدنيا بعدهم وسلموها إلى غيرهم معمورة، فاجتهد أيها الأمير في تسليمها إلى غيرك أن تكون عامرة كما أخذتها، وتستحق رحمة الخالق ومحمدة المخلوق، وإياك أن تسعى في خرابها، أما أنا فبعد اليوم لا أرجو سروراً ولا تمتد عيني إلى زهرة الدنيا ثم دعت له بخير وانصرفت، وكان قريباً من سعد أبو ثور، فقال له: يا أبا ثور احفظ هذه الكلمات حتى نخبر بها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فلما قدم أبو ثور المدينة أخبر عمر بشأنها، فقال عمر: مقولته الشهيرة: صدقت.. ما من قوم إلا والدهر يملي لهم بيوم. فابشري أيتها الحرة الجنوبية ما هو على أرض الجنوب اليوم من أوضاع مأساوية سيفضح بها الله زيفهم وبهتانهم.