فليكن شعارنا، وعنوان حياتنا، لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، فمن كنت قد قذفت له عرضاً، أو شتمته، أو نلت منه بجارحة من جوارحي، أو نظرت له نظرة ازدراء، واحتقار، فليسامحني اليوم، قبل أن يأتي يوم لا قضاء بيننا إلا الميزان، والقصاص، ولا قصاص يومئذ إلا من خلال أخذ الحسنات، وطرح السيئات. من كنت قد نلت منه بكلمة جارحة، أو بغيبة أو نميمة فليعف عني، ومن كنت قد أخذت له مالاً، أو شيئاً من متاع هذه الفانية، أو استدنت منه ديناً، ولا أعلم به، فهذا ما أملك فليأت، وسأجزل له العطاء، ومن كنت قد ضربت له ظهراً، أو أصبته بقصد، أو بدون قصد، فهذا ظهري- كما قال رسولنا- فليقتد منه، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، فسامحوني. لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، شعار جميل، لو تسامح من خلاله كل مسلم مع الناس كافة، لعاش الناس في مجتمعاتهم بسلام، ولانتشر العدل في أرجاء المعمورة. لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، فليسامحني، وليعف عني كل إنسان، فليسامحني الذين انتقصت من قدرهم، أو سخرت من شكلهم، أو استهزأت بهم، فليسامحني من في قلبه شيئاً مني، ممن درسته، أو عاملته، أو خالطته، أو زاملته، أو صادقته، فليسامحني جيراني، وإخواني، وكل أقاربي، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا. طلبت منكم المسامحة، ولكن كيف بمن قد مضى، ولم أستطع أن أطلب منه المسامحة؟ لمثل هؤلاء أدعو الله أن يغفر لهم، بقدر مظلمتي لهم أضعافاً مضاعفة، وأسأل الله أن يعطيهم حتى يرضوا، وأن يسكنهم الفردوس الأعلى، فسامحوني يا من مازلتم على قيد الحياة، غفر الله لي، ولكم، ولوالدينا، ووالديكم، ولكل مسلم. لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، اعتراف بأن الأجل لابد سيأتي، وأن الإنسان لا محالة ميت هو، وكل من على هذه الأرض، قال تعالى: (كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال، والإكرام)، لهذا على المسلم أن يتسامح مع كل الناس، فسامحوني، فإنني لا أقدر على سكرات الموت، ولا لي طاقة بعذاب القبر، تلك الحفرة الضيقة المظلمة، سامحوني فأنني لا أقدر على أهوال يوم القيامة، يوم الفزع الأكبر، ولا أستطيع الصبر على حر جهنم، فبالله عليكم سامحوني. لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا، قالها من هو خير منا جميعاً، وجعله لنا منهجاً، فلنتسامح قبل أن نتحسر على تفريطنا في هذا الأمر( ولات ساعة مندم). السعيد من عفى الله عنه، ووفقه ليتسامح ممن ظلمهم في هذه الدنيا، فمن قرأ كلامي هذا، فليسامحني، فهذا توسلي أتوسل به إليه في الدنيا، قبل أن يأتي يوم الحسرة، فسامحوني، فقد سامحتكم، وطلبت منكم مسامحتي، فلعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا.