وأنا أشاهد ما تكتبه بعض المواقع الأخبارية والأقلام المأجورة عن ما يسموها بأتفاقية السلام بين الكيان الصهيوني ودولة الإمارات ويصفونها بالخطوة التاريخية والشجاعة تذكرت ما تناقلته وسائل الإعلام العربية الرسمية منها والخاصة والتخوين التي طالت الرئيس المصري محمد أنور السادات وجمهورية مصر العربية. مع الفارق بأن إتفاقية السلام التي وقعها الرئيس السادات بعد حروب وتضحيات خاضتها مصر ضد الكيان الصهيوني وحلفائه من دول العالم والتي كبدتهم خسائر فادحة في الأرواح وفي المعدات أجبرتهم على القبول بالسلام والتوقيع على إتفاقية كامب ديفد التي أصبحت اليوم مطلب صعب المنال.
وقد أصبحت تلك الحروب التي خاضتها مصر وجيشها العربي في تلك الحقبة مناسبات وطنية لكل العرب وليس فقط للمصريين وأصبح قادتها وشهدائها رموزا عربية سمي بها أجيال من مواليد تلك الحقبة الزمنية وسميت بهم شوارع وأحياء وجامعات ومدارس في كل أرجاء الوطن العربي.
وإذا كانت إتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل حصيلة حروب شرسة شهدتها المنطقة ونذكر بعض تلك الحروب كحرب أكتوبر التي كانت الأبرز وحرب السويس وحرب الأستنزاف وخط برليف فماهي الحروب التي خاضتها الإمارات ضد إسرائيل لتكون إتفاقية السلام التي يسمونها بالشجاعة حصيلة لها؟
وماهي المكاسب التي ستحققها تلك الإتفاقية التي يسمونها بالتاريخية؟ مقارنة بما حققته إتفاقية السلام التي وقعها الرئيس السادات فإن إتفاقية كامب ديفد التي رفضها العرب أصبحت اليوم حلم عربي صعب المنال وكنت أتمنا أن يكون لتوقيع إتفاقية السلام التي وقعتها الإمارات أبسط مردود حتى لو كان الأفراج عن أسير فلسطيني واحد من سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ولكن التطبيع والسلام اليوم مع إسرائيل ليس من أجل فلسطين ولا من أجل الأمة بل من أجل دفن القضية الفلسطينية ومحاربة المقاومة الفلسطينية والإعتراف بإسرائيل من أجل أن ترضى عليهم الإدارة الأمريكية وترضى عنهم إسرائيل لأن السلام في الأصل يكون بين قوتين متعادلتين تشكل كل قوة خطر على الأخرى ويكون السلام من أجل التعايش أما يتحدثون عنه اليوم هو السلام مقابل المال لأن من يدعي اليوم بأنه طرف في عملية السلام غير قادر على جماية نفسه داخل حدوده ولا يشكل أي خطر على إسرائيل وهو في هذه الحالة يشتري السلام بالمال فشتان بين السلام الذي وقعته مصر وبين السلام الذي وقعته الإمارات اليوم الذي لا يرتقي إلى مستوى السلام بل هو تطبيع على أستحياء.