شهدت كثير من مدن الوطن العربي في الوقت الحاضر عمليات تغيّر عمرانية واسعة وحديثه جعلت منظرها العام يشابه الخيال بناطحات السحاب وتحول نوع البناء النمطي الظلي فيها إلى شكل البناء الزجاجي الحديث . وسلكت حكوماتها نهج سياسة التخطيط العمراني بالاستندارت الدولي وعدلت تلك الدول قوانين التخطيط الحضري لديها وقوانين البناء فيها بما يكفل ظهور مدن عصريه من نوع فريد ونحن إذ نعيش في أعتاب ومعمعان عصر العولمة والعالم قد صار قرية ولكن بالمقابل مانراه اليوم في مدننا اليمنية وخاصة بعد مايسمى ثورات الربيع العربي التي شهدتها بعض الدول العربية ومنها اليمن.
وما ولدت لنا من حروب وتدمير لدولة والسطو على مقدراتها فقد اتبعت الحكومات المتعاقبة مؤخرا" في اليمن سياسة تخطيطية تتكيف مع أهواء ورغبات وحاجة أصحاب رؤوس الأموال الضخمة التي ظهرت مؤخرا" وبعض النافذين القبليين وبعض الثوار خاصة في مدننا الحديثة النشأة وعلى قائمة هذه المدن اليمنية تأتي بالمقدمة مدينة عدن الكبرى وتأتي بعدها مدينة عتق الجديدة وتليها مدينة المكلا وكذلك مدينة مأرب الجديدة أيضا" .
هذه المدن التي ذكرناها كما يبدو أنها قد سقطت ولازالت تسقط في فوضى ومزاجية التخطيط العمراني وعملية البناء دون وجود رقيب أو حسيب ويرافق هذه الأمور الخطيرة التي تتم صمت مريب من السلطات المحلية حتى تخدش الجمال التخطيطي لهذه المدن وصارت مكوناتها التخطيطية تخدم وتلبي حاجة جشع الرأسمالية المتسلطة مثل ظهور بعض المسؤلين الذي اثروا مؤخرا" وبعض النافذين القبليين وتجار الحروب وحاجتهم المستمرة للتخلص من رأس المال المتراكم لديهم حتى عملوا على تعطيل قانون أراضي وعقارات الدولة رقم 21 لعام 1995م ولائحته التنفيذية رقم 170لعام 1996م وقانون التخطيط الحضري رقم 20 لعام 1995م واللائحة التنفيذية لقانون التخطيط الحضري الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم(260)لسنة 1997م الجريدة الرسمية العدد (24/2 ) لسنة1997م وكذلك قانون البناء رقم 19لعام 2002م ولائحته التنفيذية رقم 119لعام 2009م الذي يحدد طرق والية إعداد المخططات وتعميدها والإعلان عن صدورها وتحديد مناطق صدورها .
وكذلك البناء وشروطه لكن تم تعطيل العمل بالمخططات العامة والمخططات التفصيلية المعتمدة ودخول الهيئات المناط بها القيام بهذا المهام إلى مرحلة الموت السريري أو العمل الخاص من قبل بعض موظفيها لحساب تلك الفئات النافذة المهيمنة الموجهة لبوصلة التخطيط والبناء في تلك المدن وانتشار شكل العمران الرأسمالي الجديد في كل أنحاء وضواحي مدينتي عدن ومدينة عتق ومدينة المكلا ومدينة مأرب تحديدا" وعلى ما يبدو وما تشير إليه بعض الدلائل ان العدوى قد انتقلت إلى مدينة سيؤن الطينية وبقية مدن الوادي وتحولت إلى مدن اسمنتيه بمخططات من نوع سكتشات خاصة بينما كان هذا محرم وان لم يتضمن ذلك قانون البناء اليمني الذي لم يراعي خصوصيات بعض المدن الطينية التراثية ذات الطابع المعماري الخاص وكذلك مدينة الغيظة وحديبو بداءت تنتقل إليها التجربة الراسماليه والمليشاوية لتخطيط الخاص البعيد عن الرقابة الحكومية أو حتى مصادقة جهات التخطيط على تلك السكتشات التي ستخلق كوارث تخطيطية بيئية وأمنية واجتماعية لتلك المدن في العشر السنين القادمة كحد أقصى.