أيام قليلة تفصلنا عن الموعد المقرر لإنطلاق العام الدراسي الجديد في العاصمة عدن، مرشحة لأن تطول بسبب حالة الجمود التي ترافق مطالب المعلمين من مختلف الأطراف المعنية، بما فيها الجهة المطالبة التي تفتقر لتقديم بدائل تحفظ حق الطلاب في التحصيل العلمي. ومن منطلق أن التعليم له تميزه الذي يجعله مسؤولية مجتمعية مشتركة لا تقتصر على الدولة بل المجتمع كذلك، وفي ظل الظروف المعقدة الحالية التي ستدفع بمختلف أطراف المشكلة لوضع أزمة التعليم التي تشهدها عدن في زاوية مهملة.. لم يتبقى سوى تحرك المتضرر الأكبر من وقف العملية التعليمية وهم أولياء أمور الطلاب.
ولا حاجة هنا للحديث عن مآلات تجاهل هذه القضية الخطيرة في الفترة القريبة القادمة، التي ستعني فقط تسليمنا لجيل شاب قادم لجهل يجعله ضحية سهلة ومتجددة لحالة الصراع والحرب المستمرة بكل آثارها.
إن واقع الحال في أزمة إيقاف التدريس بالنسبة للمعلمين، وبغض النظر عن تصدر نقابة غير رسمية في هذا الشأن، أن المعلمين يطالبون برفع مستحقاتهم المالية الشهرية، بينما الحكومة تؤكد إستحالة ذلك حاليا". بالنسبة للطالب، فأزمة التعليم سبقت ذلك بحالة النقص الكبيرة لبعض معلمي المواد الدراسية وكذلك عدم الإلتزام من قبل البعض الآخر.. وجوانب أخرى عديدة.
وفق إحصائيات تقريبية، لا يتجاوز عدد مدارس عدن 90 مدرسة للتعليم الأساسي / 33 مدرسة للتعليم الثانوي إلى جوار عدد محدود جدا" من رياض الأطفال. ( وهي بيانات قابلة للتعديل وتزويدنا بأي تحديث حولها، وكذا تقديم بيانات واضحة عن أعداد المعلمين الفعلية دون المتقاعدين والمتوفين). إذا تحدثنا على مستوى المديريات، فنحن نتحدث - كحد أقصى - عن ما لايزيد عن 12 مدرسة للتعليم الأساسي و3 للتعليم الثانوي على مستوى كل مديرية، وهذا العدد ينطبق على المديريات الأكثر كثافة سكانية أوالأقدم في ترسيخ قيمة التعليم العام مثل مديريتي الشيخ عثمان وصيرة.. في حين نجد عدد مدارس أقل في مديريات أخرى.
الحلول التي تضع المسؤولية المجتمعية المشتركة كإطار أوسع لتحركها الجاد لإيقاف هذه الأزمة، تتطلب الآتي : - تفعيل مجالس الآباء على مستوى كل مدرسة أساسي / ثانوي، والدفع بإتجاه متابعتهم الدورية والقيام بواجباتهم في هذه القضية. - أن يتم العمل على مستوى المديريات لحل هذه الأزمة وتحجيمها، وبتحرك وإشراف من الأعيان والمبادرات الشبابية ومنظمات المجتمع المدني ومجالس الآباء في مختلف مدارس المديرية. - أن تطرح الحلول على المعلمين اللذين قرروا إستمرار إضرابهم عن العمل لأسباب مالية بالدرجة الأولى، بحيث يقر على كل طالب دفع ألف ريال شهريا" تحصل للجان على مستوى كل مدرسة يشرف عليها أعيان كل مديرية وتضاف للمستحقات المالية التي يتحصل عليها كل معلم بشكل رسمي.. وبحسبة سريعة لعدد الطلاب في شعب وفصول المدارس الحكومية سيمثل ما يتم تحصيله حافزا" ماديا" ملائما"، يمكن توجيهه كذلك لإستيعاب متطوعين مؤهلين تربويا". - المستحقات المالية التي ستدفع من أولياء الأمور ولا تتجاوز ألف ريال شهريا" لكل طالب، ستمثل مصدرا" وحيدا" وبسيطا" للمتطوعين للتعليم ، سواء من منطلق سدهم لعجز النقص في عدد المتعلمين نتيجة من تقاعد أو توفي أو تهرب من أداء واجبه، أو في حال رفض المعلمين الرسميين لمقترح الحل المرفوع من الأهالي بإشراف أعيان المديريات، ويتم مطالبة التربية بتوجيه المستحقات المالية الرسمية للمعلمين المتطوعين ودمجهم في العمل التربوي بشكل رسمي مع إخضاعهم لكافة الإشتراطات والمتطلبات. - مطالبة المنظمات ومؤسسات المجتمع المدني ومختلف الجهات التي تتشارك مشاريع الأمن الغذائي، وتأسيس المراكز الصحية، أن يمنح المعلم أولوية الحصول على منافعها الموجهة للمجتمع وبشكل دوري. - توجيه المبادرات الشبابية بالتحرك في إطار هذا الحل.. والنزول لمدارس كل مديرية وجمع البيانات الدقيقة، وتحفيز مجالس الآباء، وإطلاع أعيان كل حي في كل مديرية على ما تم إنجازه. - يوضع كشف خاص بأبناء الشهداء والجرحى من الطلاب، يتكفل بدفع مستحقاتهم الشهرية للتعليم أعيان ووجهاء كل مديرية. - أن يتم التحرك في إطار هذا الحل في أسرع وقت ممكن.. والترتيب للقاء الأطراف المجتمعية المعنية. - إستمرار حالة الصلف من قبل نقابة المعلمين غير الرسمية ودفعها للمعلمين لعدم التجاوب مع ما يطرح من حلول ومبادرات شعبية ، وكذا نشرها للفوضى في المدارس، سيعني فقط أن هناك أهدافا" سياسية لهذه النقابة لا تعني الصالح العام.
وختاما" أدعو المحافظ المعين مؤخرا" أن يضع ملف التعليم وأزمة إيقاف التدريس على قائمة أولوياته، واضعا" في الإعتبار كذلك أن الأفق الزمني المفتوح ليس متاحا" في هكذا ملف يتطلب إيجاد حلولا عاجلة وبفترة زمنية لا تتجاوز الأسابيع الثلاثة المتبقية لإنطلاق العام الدراسي الجديد.
وبالتأكيد ، لا مانع لو قررت الحكومة أن تقدم أي إشارة لها حول هذا الملف.. من منطلق أن يستشعر المواطن حضورها على الأقل.