كتب : فرج العامري . في طبيعةٍ وحشيةٍ دنيئة لا يمكن مجرد تخيلها فضلاً عن فعلها وتنفيذها ، قام مجموعةٌ من الضباع البشرية المتوحشة بتعذيبٍ دموي لفتىً لم يبلغ عامه العشرين ، وبغض النظر عن الأسباب التي استدعت عقابه إلا أنها لا ترتقي اطلاقا الى استحقاقه لهذا التعذيب المؤلم المفرط في الوحشية الى أبعد حدودها واعمق قعرها ... ليس الشهيد عبدالله الأغبري هو الوحيد ولم يكن الأول ولن يكون الأخير أيضاً الذي تجرع مرارة العيش و قساوة الموت المؤلم في ظل حكمٍ كنهوتيٍ موغلٍ في الإفساد والإجرام . هناك الكثير من القصص التي تستدعي اثارة الرأي العام والعمل على اجتثاثه بصورة نهائيةٍ من على ثرى أرض اليمن الطاهر ، و منها - على سبيل المثال لا الحصر - قصة بائع الآيسكريم الذي احرق نفسه في إب بسبب أن عاقل حارته لطمه وأهانه لأنه طلب منه دبة غاز ، وأيضا قصة الجندي احمد محمد السهاقي الذي استدرجوه من مأرب بعد ان وعدوه بالعفو ثم مالبثوا أن التهموه بجوعٍ خبيثٍ يدل على مدى بشاعة و خساسة وغدر هذا النظام السلالي البغيض ، وكلا القصتين والتي وقعتا قبل اسبوعين لم يجدا من التفاعل والتظامن ماوجدته قضية الشهيد المظلوم عبدالله الأغبري ، بل مرتا كآلافٍ من آخواتها مرور الكرام. التفنن في التعذيب والإيلام صفةٌ ملازمةٌ لهذه الضباع البشرية ولصيقةٌ بها ... نعود الى قصتنا الرئيسية وهي قصة مقتل الشاب عبدالله الأغبري الذي قتل ظلما وبغيا وعدوانا في صورةٍ في غاية الإجرام والبشاعة ، وقد تم التفاعل مع هذه القضية بشكلٍ قوي و لافتٍ للنظر و ايضا تم تداول مقطع التعذيب و أنا عن نفسي لم أمتلك الجرأة على مشاهدته ، واكتفيتُ بقراءة المنشورات التي تتعلق به ، لكن مع كامل حزننا وتظامننا مع الشهيد عبدالله الأغبري وجدنا أن هناك فجوةٌ لم يركز عليها معظم وغالبية المتفاعلين و تكمن في هذا السؤال : كيف تم تسريب مقطع القتل والتعذيب للشاب المظلوم عبدالله الأغبري الى مواقع التواصل الاجتماعي ؟ ! ! نعم، هذا سؤالٌ وجيهٌ يشغل بالنا باحثاً له عن جواب ، سؤالٌ يطرح نفسه بنفسه متشبثاً باداة استفهامٍ حائرة ، كيف تم تسريب هذا الفيديو على الرغم من أن الغرفة غرفتهم _ أقصد الضباع البشرية القتلة _ كيف خرج الى الضوء و اجتذب كل الأضواء والتضامن العام - مع اتفاقنا على البشاعة اللامحدوة لهذا الجريمة السوداء التي تستحق هذا التضامن - ولماذا تم ظهور هذه القضية بهذا الزخم الضخم وهي قد وقعت قبل اسبوعين ، أ ليس في الأمر سرٌ و وراء الأكمة ماورائها ؟!! ، عن نفسي أرى بما أنها قد وقعت قبل اسبوعين لم تنتشر الا الآن فهي قصةٌ مرتبةٌ تم اعدادها مسبقا وقع ضحيتها هذا الشاب البرئ و قام بها تلك المجموعة الشيطانية تنفيذا لأوامرٍ عليا من قبل نظام الاستخبارات الحوثية ، وبما أنه تم نشرها الآن في ظل مواجهاتٍ و معارك دامية بين الحوثيين من جهة و الجيش الوطني وقبائل مأرب والجوف من جهةٍ اخرى فهذا يشير إلى أن الحوثيين يريدون التغطية على مدى هزيتمهم المتمثلة بانكسار جحافلهم و تمزيقهم بين قتيل وجريح وأسير فقرروا نشر الفيديو حتى يجذبوا الأنظار بشكل عام الى هذه القضية الإنسانية و يتم تغطية هزيمتهم المؤلمة في الجبهة الشرقية المتمثلة بجبهات مأرب والجوف ، ثم بعد أن تصبح القضية قضية رأي عام سيتم الدعوة الى مظاهرةٍ تضامنية والتي قد خرجت بالفعل، فتعطي انطباعاً على أن الحوثيين لا يحاربون حرية الشعب ولا يكممون الأفواه و لا يمنعون التجمعات والتظاهرات وهذه اشارة للداخل والخارج يؤكدون بها على حكمهم المدني في صورة سطحيةٍ ومزيفة مليئة بالمغالطات والنفاق ، وبالتالي سيقوم الحوثيون بالقاء القبض على الجناة ومن ثم محاكمتهم و بذلك يكونون قد جعلوا من اتباعهم كباش فداءٍ لخدمة فكرتهم و تلميع سمعتهم امام الرأي العام (فعقيدتهم المكيافيلية تؤمن ب أن الغاية تبرر الوسيلة )، ومن هنا يكونون قد صوروا للناس وللعالم أنهم دولة دستور و قانون لا يسكتون على جريمة و لا يتهاونون مع أي مجرم أو متمرد ، وبالتالي يكونون قد اصطادوا أكثر من عِجرَد (ذكر الحمام بالعامية) وليس فقط عصفور بحجرٍ واحد ، وهي تتلخص بما يأتي : 1- جذب الاضواء و لفت الأنظار الى هذه القضية و التعتيم على انكسارهم وسحق فلولهم في مارب والجوف. 2- السماح بالمظاهرة التضامنية لكي يظهرون انفسهم على أنهم رجال دولة مدنية لا تحارب الحقوق ولا تقيد الحريات. 3- محاكمة ومعاقبة الجناة - والذين هم بالأصل مقربون منهم - حتى يعطون انطباعا للراي العام انهم دولة دستور وقانون يخدم الشعب و يعاقب المجرمين. قد يكون هناك من يعارض هذا الكلام الذي استنتجته باجتهادٍ شخصي ، وبذلك فأنا اقول لهذا الشخص : اعطني جوابا يستسيغه العقل و يتقبله المنطق للسؤال السابق في كيفية خروج هذا المقطع الذي يمزق القلوب للعلن ، فإن اجبت وإلا فاخرس ولا تؤذِ الحقيقة بنعيقك وكلامك العقيم فإن استمريت على ذلك فإني ما اراك إلا مدافعا عن الحوثيين بطريقة ظمنية غير مباشرة. كل جريمةٍ مها صغرت او كبرت فالحوثيون لها اهلٌ و بها جديرون ، فلا يستغرب من ذلك أحد ، فما خُفي من جرائم الحوثيين في السجون المظلمة فهو أعظم من ذلك و أدهى وأمرّ ، و أعرف أن هناك من سيفهم قصدي بطريقةٍ خاطئة وقد تكون متعمدة و يظن أنني أنكر وقوع هذه الجريمة لكني أرد على هذا - الذي يهرف بما لايعرف - بأنني لا أنكر ابدا وقوعها بل أرى من وجهة نظرٍ شخصية يؤيدها القرائن والظروف ولكل شخصٍ أن يشغل عقله و يبحث في ذلك، ارى أن الشاب عبدالله الأغبري - شهيد الإنسانية - قد تم استخدامه بصورة ساقطة في مسرحيةٍ مأساوية في غاية القبح والسقوط من أجل حاجةٍ في نفس الحوثيين ، وأكاد أجزم أن هناك الكثيرون ممن يرون رأيي لكن لم يبدوه خوفا من اساءة فهمهم و اتهامهم بالأوهام والخيالات من قبل سطحيي التفكير وخفيفي العقول ، ونحن نكرر ونقول كل جُرمٍ يخطر على البال لا يتردد الحوثيون عن فعله مادام وهو يخدم مشروعهم الدموي الخبيث. بالمختصر ، من غير المستبعد أن الحوثيين الكهنوتيين قد جعلوا من تعذيب الشاب المسكين عبدالله الأغبري حتى الموت حيلةً دنيئةً لتنفيذ مآربهم الخبيثة قبحهم الله وقبح من يناصرهم ويؤيدهم و لو بالكلمة ، لكنهم لم يعلموا أن مثل هذه المظالم والجرائم كفيلةً بأن توجب عليهم سخط الله وتزلزل عروشهم وتدك قصورهم ( .... ولا يظلمُ ربُك أحدا ) قضية عبدالله الأغبري و قضية بائع الآيسكريم وقضية الجندي السهاقي وكل القضايا الإنسانية الأخرى هي قضايانا كلنا. جرائم الحوثيين السلالين أكثر من أن تعد و تحصى. إن لم يتم اجتثاث هذه الشجرة الخبيثة فلن تنتهي سلسلة القصص الدموية ولن يتوقف شلال الدماء أبداً أبدا . قضية -الأغبري -تفضح-حقيقة-الحوثيين