بعد ان قرأت الرؤية التي قدمها الاخوة ممثلي الحراك الجنوبي في فريق عمل القضية الجنوبية التي وضعت تحت عنوان (رؤية الحراك الجنوبي لجذور القضية الجنوبية المقدمة لمؤتمر الحوار الوطني الشامل)التي تم نشرها في الموقع الالكتروني(الجمهورية نت) تبين لي مدى الضعف السياسي والتنظيمي الذي يعانيه المكون السياسي(مؤتمر شعب الجنوب)الذي اصبح بدون رئيس بعد ان انسحب من رئاسته احمد بن فريد الصريمه بعد انسحابه من مؤتمر حوار صنعاء الذي علل سبب انسحابه بعدم معرفته المسبقة لما يحويه النظام الداخلي الخاص بمؤتمر حوار صنعاء ذلك النظام الذي لايسمح للمحاور الجنوبي ان يفي بما وعد به شعب الجنوب (حد قوله). على الرغم من كبر حجم تلك الرؤية البالغ(10420) كلمة وعلى الرغم من ما حاكته من قضايا تم تقسيمها الى ابعاد تاريخية وقانونية واقتصادية وثقافية واجتماعية وجغرافية ورغم ما تطرقت له من مواضيع تم جمعها من (15) مصدر و (7) ملاحق الا انها اهملت الكثير من القضايا الجوهرية كما انها كتبت بشكل مشوه لن يراعى فيها التسلسل المنطقي والمعلوماتي للاحداث الذي اذا ما عملت به سوف يكسبها الشكل الانسيابي.. وبدون اطالة فتلك الرؤية شبيهة بدعوى قانونية تقدم بها محامي بليد (حاصل على شهادة علمية مزورة). وذلك ان دل على شيء فهو يدل على المسار الارتجالي الذي يسير عليه مكون(مؤتمر شعب الجنوب) الذي بداء بقرار المشاركة بالحوار والارتجالية في اختيار الاعضاء المشاركين الذي لم يراعي فيه الكفاءة والتخصص مروراً بالموافقة على تشتيت اعضائه المشاركين بالحوار بين مختلف القضايا البالغ عددها تسع قضايا ثمان منها لا تمت القضية الجنوبية بصلة وقبوله بحوار ليس له من الندية حتى شكله وإصراره على الاستمرار رغم انسحاب الكثير من اعضاءه ، وهاهي رؤيتهم تعكس بوضوح اثر ذلك المسار الارتجالي الصرف . ان الحديث التفصيلي عن عيوب تلك الرؤية قد يطول ولا يوجد مجال يتسع ذلك ، لذا سأورد بعضاً منها للاستدلال ليس الا وهي على النحو التالي: اولاً ما تم طرحه كبعد تاريخي لجذور القضية الجنوبية: اورد الاخوة الممثلين للحراك الجنوبي في فريق عمل القضية الجنوبية من خلال رؤيتهم اسهاباً مملاً لكثير من الاحداث التاريخية واهملت اخرى وهنا يمكن تقسيم ماورد في تلك الرؤية كبعد تاريخي للقضية الجنوبية بالتالي : 1 احداث ووقائع لا يستطيع اي كان ان يعتبرها جذوراً للقضية الجنوبية كما لايمكن ان تمثل بعداً تاريخياً للقضية الجنوبية بل ويمكن اعتبار غالبيتها تخص الشمال وقضايا الشمال، فعلى سبيل الحصر بالذكر المختصر جراء الحديث عن سبب تسمية اليمن وشرحت فيه كيف تم تحول ذلك الاسم من جغرافيا الى هوية ، وبعد ذلك شرحت كيف تمكنت القوى القبلية ممثلة بقفبيلة حاشد من ركوب موجة ثورة 26 سبتمبر 1962م ووصفت كبف تمكنت تلك القوى من عقد تحالفات مع قيادات عسكرية ودينية الغرض منها تقاسم الثروة والسلطة كما تحدثت عن الكيفية التي اعادت فيها تلك القوى الكررة مرة اخرى لركوب موجة تورة 2011م ...ومن ثم اتجهت الى الحديث عن سعي تلك القوى الى تكريس فكرة اليمننة لتشمل الجنوب باستخدام اجهزتها الاعلامية والاستخباراتية الى ان تمكنت من الصاق اسم اليمن في الجنوب حيث تم تحويل اسم الدولة في الجنوب من (اتحاد الجنوب العربي) الى ( جمهورية اليمن الجنوبية ) في 30 نوفمبر 1967م، وبطريقة لا تمت البعد التاريخي بصلة اجتهدت تلك الرؤية في الحديث عن الدراسة التي قامت بها مؤسسة الاهرام المصرية عن حرب صيف 1994م التي اثبتت نتائجها ان الوحدة اليمنية لم تبنى عل اسس متينة. (افرغت لتلك الاحداث 55 سطراً من اجمالي 70 سطراً جراء الحديث فيها عن البعد التاريخي للقضية الجنوبية) 2 دون ان تلتزم تلك الرؤية بالتسلسل التاريخي للاحداث كبعد تاريخي فبعد ان تناولت القضايا سابقة الذكر وجدناها تتخطى عقوداً وعقود من الزمن لتدلف في الحديث عن الرفض الشعبي الجنوبي في 7/7/2007م وارجعت سبب هذا الرفض الى عدم وجود المواطنة المتساوية من ناحية ومن ناحية احرى الى الخطابات السياسية للقيادات الشمالية التي تكرس فكرة عودة الفرع الى الاصل وفكرة الوحدة المعمدة بالدم وفكرة تمجيد نتائج الحرب وفكرة اعطاء البعد الديني لمفهوم الوحدة مستشهدين بعدد من المقولات كمقولة الرئيس المخلوع في خطاب الحرب في ميدان السبعين وماقاله الارياني بعد حرب صيف 1994م وما قاله الشيخ ناجي الشايف وما قاله اليدومي بعد الحرب وصولاً الى ماقاله الممثل فهد القرني في مسلسل همي همك..وبعد ذلك اشارت الرؤية الى تحول الوحدة الطوعية الى وحدة معمدة بالدم ،كما يلاحظ عدم مراعاة كتاب الرؤية التسلسل المنطقي للمعلومات الامر الذي جعلهم لايفرقون بين السبب والنتيجة. 3 اذا كانت الرؤية المقدمة من قبل الحراك السلمي الجنوبي بعنوان(رؤية الحراك الجنوبي لجذور القضية الجنوبية المقدمه لمؤتمر الحوار الوطني الشامل) فعند الحديث عن البعد التاريخي كأحد محاور تلك الرؤية يفترض ان يتركز الحديث عن الحقبة التاريخية التي بدأت بها القضية الجنوبية بالبروز فإذا كانت القضية الجنوبية قضية شعب تعرض للتنكيل وقضية دولة تعرضت لاحتلال وقضية هوبة مسلوبة (مثلما تفضلوا الاعضاء الممثلين للحراك في معرض رؤيتهم) فان الحديث عن البعد التاريخي للقضية الجنوبية يجب ان لا يخرج عن احداث ووقائع تمت خلال الفترة(1990م 2013م) اما قبل ذلك لم تكن هناك قضية جنوبية بل كان للجنوب دولة ذات سيادة محددة برقعة جغرافية ولها شخصية اعتبارية في الاممالمتحدة والمنظمات التابعة لها ، كما كانت عضو في جامعة الدول العربية والمنظمات ذات الصلة بها. 4 اهملت كثير من القضايا التي تعتبر بمثابة الاسباب التاريخية لوجود القضية الجنوبية التي تمثل البعد التاريخي للقضيه الجنوبية فعلى سبيل المثال لم تتحدث عن نكوص الشريك الشمالي في الوحدة عن اتفاقيات ومواثيق الوحدة لم تشرح اسباب الخلاف الذي سبق الانتخابات النيابية الاولى 1993م كدليل دامغ على رغبة الجنوبيين في بنا دولة النظام والقانون ورغبة القيادات الشمالية في تعزيز وحماية نظام القبيلة، ولم تتحدث لا من قريب ولا من بعيد على الاسباب التي ادت الى اضطرار نظام صنعاء لاجتياح الجنوب عسكرياً وكيف فتح النار على وثيقة العهد والاتفاق ذات الاجماع الوطني وكبعد تاريخي لم تشرح كيف ان القضية الجنوبية كانت نتاج لتجمعات كميية فتلك الممارسات الاحتلالية ادت الى رفض شعبي وتصعيد مستمر تمثل بمقاطعة الجنوب للانتخابات وكيف دفع ذلك الوضع الماساوي في الجنوب من تبقى من قيادات جنوبية المنظوية في الحزب الاشتراكي لطرح مشروع اصلاح مسار الوحدة فقوبل بالرفض فتقدموا بمشروع اصلاح سياسي قوبل الاخر بالرفض فبدات فعاليات احتجاجية كانت تقابلها سلطات الاحتلال بالبطش الى توجت تلك الانشطة بولادة الثورة السلمية الجنوبيةفي 7/7/2007م...الخ. ثانياً البعد القانوني في الوقت الذي تفضل اعضاء الحراك في فريق القضية الجنوبية مشكورين باسهاب عن قضايا قانونية كثيرة إلا انهم اغفلوا بعض القضايا فعلى سبيل المثال اغفلوا الموقف القانوني للمجتمع الدولي تجاة حرب صيف 1994م الذي كلل بإصدار قرارين دوليين تحمل في فحواها حماية لمصالح الجنوبيين فان لم تكن سياسية فبالتاكيد حملت مضامين حقوقية انسانية حملت نظام صنعاء توفير حق العيش الكريم للجنوبيين الذي قبل بها شكلاً ورما بها جنب الحائط مضموناً. كما لم تتحدث عن اصرار قيادات الجنوب بربط انتها المرحلة الانتقالية بعد اعلان الوحدة بانتهاء بناء المنظومة القانوننية للدولة الوليدة ليس اعتباطاً بل استناداً قانونياً للمواثيق الوحدوية الذي قابلة رفض قيادات الشمال لذلك واعتبروا بطريقة ارتجالية انتهاء الفترة الزمنية للمرحلة الانتقالية المحددة بسنتين ونصف(الاطار الزمني) بانها الفيصل المحدد لانتها تلك الفترة بغض النظر عما انجز من اسس قانونية للدولة الجديدة وعلى اعتبار ان تلك الاطر القانونية لم تستكمل فهذا يعني فشل المشروع الوحدوي في عبور المرحلة الانتقالية وذلك يعني من وجهة النظر القانونية ان البلاد لم تتوحد بعد . لم تشير بانه مادام والشريك الشمل اخل بكل اتفاقيات الوحدة والعمل على تسيير الدولة الوليدة بقوانيين الجمهورية العربية اليمنية فذلك يؤكد ان الوحدة من الناحية القانونية لم تتم وان الوضع الحالي ماهو الاوضع احتلالي صرف. ثالثاً البعد الاقتصادي لم تشير الرؤية الى قانون الخصخصة الذي نفذ بشكل مشوة الذي انتقلت بموجبه كل المشاريع الحيوية التي كانت تتكئ عليها دولة الجنوب من مصانع ومزارع وووالخ من ملكية الدولة الى ملكية القطاع الخاص بابخس الاثمان مخلفاً وراءه طابور من البطالة في الجنوب دون ان يضع ذلك القانون الشروط التي تضمن استيعاب المالك الجديد لعمالة تلك المشاريع. لم تشيير الرؤية الى قانون الاصلاح الاقتصادي والاداري والمالي الذي سعت الى تنفيذه سلطات الاحتلال في مارس 1995م وفشلت الدولة في تنفيذه ناهيك عن اثاره السلبية على ابناء الجنوب بشكل خاص جراء رفع الدعم عن السلع الاساسية. والسؤال الذي يطرح نفسه علينا هل يستطيع هولاء بتلك القدرات الاقل من المتواضعة ان يخرجوا حقاً جنوبياً ام انهم سوف يزيدون فوق الباطل باطلاً ؟ .