الحراك ولد من رحم المعاناة التي جربناها وصبرنا عليها كثيرا دون جدوى، الحراك تخلق تدريجيا وببطئ من مطالب حقوقية متواضعة مثل تواضع وطيبة أهل الجنوب المعروفين لكنه أي (الحراك) تربى وترعرع على العفة والشرف، الحراك هو ظهور الحق دون خوف وزوال الباطل مهما يكلف هذا الزوال للباطل من ثمن، أخيرا الحراك دينمو ومحرك الشارع في الجنوب لأن المطلب والهدف واحد وهو استعادة الدولة لهذا كان كل أبناء الجنوب مع الحراك الذي بعون الله سيوصلهم إلى بر الأمان وإلى الهدف المنشود. والملاحظ للفئات الفاعلة والفعالة في مسيرة الحراك منذ بدايته الأولى سيلحظ أن جيل الشباب ومثلهم من أجيال صغيرة تحديدا (جيل الوحلة) أقصد الوحدة فهؤلاء هم أصحاب اليد الطولى وأصحاب التضحيات الغالية حتى أننا لو قمنا بحسبة بسيطة لشهداء الثورة الجنوبية الحالية سنعرف أن أغلب الشهداء من جيل الشباب في كل محافظات الجنوب، فهم مؤمنون بعدالة قضيتهم وأحقيتها بالتضحية والفداء لهذا كانوا سبّاقين في تقديم أنفسهم لهذه الثورة.
أما لو ركزنا على كل العمال التي صاحبت وتصاحب الحراك فللشباب السبق سواء بالكتابة الصحفية المتنوعة من مقالات وتقارير اخبارية تشرح ما يحصل في الجنوب أو مراسلة القنوات الفضائية مع قلته ومحدودية استجابة هذه القنوات إلا أنهم لم يظهروا العجز أبدا، وهم على دراية كاملة بأن من رفضنا اليوم سيجري خلفنا غدا طواعية ودون إغراءات منا أو كما قال مرة المبدع الكاتب/ أحمد عمر بن فريد: (الذي لم يأتِ معنا اليوم سيأتي غدا) هذه المقولة لازالت صلاحيتها مستمرة ولن تنتهي إلا بتحقيق أبناء الجنوب كل أهدافهم وغاياتهم المنشودة التي نمت عن مرارة الواقع الذي لا يقبله أحد.
وبالعودة إلى الشباب الذي لا يكل ولا يمل، والطموح لديهم موجود وبكميات كبيرة فهم مستمرون دون توقف، فكل من يزور الجنوب سيعرف أعمال الشباب المتنوعة فعلى سبيل المثال كل من زار مدينة (المكلا) "عروس البحر" (وعاصمة حضرموت) سيعرف أعمال الشباب فأعلام دولة الجنوب موجودة وبكثرة على مداخل المدينة ومن الداخل وهذه الأعلام في غاية الإبداع الشبابي فهي تشد الناظر لتركيز النظر وأخذ صورة لهذه الأعلام الجميلة فمنها (المتحركة) أي: المثبتة في أعمدة، وهي من (قماش) ترفرف مع نسيمات (بحر العرب) البارد والباعد للهموم والباعث للأمل في رفرفة هذه الأعلام ومنها من هي (ثابتة) في الجدران وأعالي الجبال المطلة على مدينة (المكلا) وهي مصبوغة (بالبويا)، أما الرسومات المعبرة عن القضية الجنوبية كثيرة ومنتشرة في كل أرجاء المدينة.
وما شدني كثيرا صورة ولا أجمل منها في التعبير والمنظر وهي صورة لحمامة تحمل علم الجنوب وتدفع أحد أفراد الاحتلال إلى الأمام مع كلمة (ارحل) يا له من تعبيرٍ رائع وفيه من التأدب الشيء الكثير فصاحب الصورة لم يجعل في أرجل الحمامة البندقية لا وإنما جعل (العلم) بدلا من (البندقية)، حقيقة من شاهد هذه الصورة سيقول أن (الحمامة): تقول لهذا المحتل: ارحل عن أرض الجنوب ويكفي ما حصل، وعليك أن تفهم قصدي إن كنت حليم فالحليم تكفيه الإشارة، وابداعات الشباب كثيرة، وليس لها حصر.
وما دام الشباب موجودون فلدينا لازالت بخير فهم قاطعون العهد على أنفسهم على مواصلة مسيرة النضال لنيل الاستقلال والحرية واستعادة الدولة السابقة لهذا أدعو كافة قيادات الحراك في الداخل إعطاء الشباب مزيدا من المشاركة فيما يحصل في الجنوب وكلي ثقة من أن الشباب ستكون أفكارهم في غاية الدقة، وفي تسريع المهمة.
أنا لا أطلب من هؤلاء القيادات أن يحل محلهم الشباب لكن يكون للشباب الرأي والمشورة، أما إننا نرتهن لهؤلاء القادة ومع احترامي لنضالات الجميع فهذا هو شيء من الخطأ إن لم يكن الخطأ نفسه أم يقل السابقون: (تبني الأوطان سواعد الشباب) والشباب عماد المستقبل، ونور دربه، علينا اقتفاء خُطى الوالد الرئيس/ علي سالم البيض فهو القائل: (البركة في الشباب) ولا أعتقد أن أبا فيصل يريد من كلامه هذا شيء آخر فهو كما عرفناه صادق حتى منذ ظهوره إلى اللحظة صادق وغير لفّاف ومع شعبه قلبا وقالبا وكثيرا ما يقول (سنسلم الراية للشباب) كلام واضح.
لهذا على الجميع دعم الشباب ومدهم بما يستحقونه من أشياء تخدمنا جميعا، وتخدم هذه الثورة الشريفة.
وربنا يوفقنا إلى ما فيه مصلحة (شعب الجنوب) والسلام