اليوم هو عيد ميلاد عيسى المسيح عليه السلام .. امس في المستشفى كان هنا ماراثون خروج للمرضى من الاقسام عشان يحتفلوا مع اسرهم .. الأمر مماثل يحدث كان في اليمن ليلة العيد .. لكن ما عشته امس لم امر به في سنوات عملي ابدا.. كان لدينا في القسم امرأتين تقريبا في نفس العمر (منتصف الخمسينات) احدهما تعاني من الزهايمر مبكر في مرحلة متقدمة نوعا ما جاءت بنوبة صرع .. والأخرى اجرت عملية إزالة ورم من منطقة حساسة جدا و أختل لديها مستوى التركيز والإدراك بعض الشيء لكن حالتها افضل بمراحل من الاولى والتواصل معها ممكن و التفاهم ايضا وهي وجاءت ايضا للسبب ذاته.. الأولى كان زوجها يتصل لنا باليوم ثلاث اربع مرات عشان يتطمن عليها .. و يسأل متى بتخرج عشان يحتفل معها .. يحتفل مع امرأة لا تعرف حتى اسمه ولا تعرف من هي ولا أين هي ولا يوجد طريقة للتخاطب معها !! قلنا له انها لازالت غير مهيئة للخروج فهي لا تأكل ولا تشرب ولا تعي جيدا.. قال انه يعرف يتعامل معها جيدا.. قال لابد انها افتقدت لأكله ولرائحة ما يطبخه لها وان لا أحد يعتني بها مثله ( حتى فضلاتها يقوم هو بتنظيفها)..وافقنا ان يحضر ويراها ويقيم هو شخصيا حالتها لانه يعرفها جيدا قبل نوبة الصرع.. جاء في وجودي ووجود رئيس الشعبة .. هي فرحت به كطفلة صغيرة وهو كان كأب لتلك الطفلة .. أخذها و غادرا المستشفى. المرأة الاخرى رفض زوجها الحضور لإخراجها رغم طلبنا منه ذلك وقال انه غير متواجد في المنزل في فترة الأعياد .. وأنه يمكننا نقلها لمستشفى أخر إذا لم نرغب ببقاءها لدينا.. كانت المسكينة تسأل في كل ساعة هل سيحضر زوجي لاصطحابي ام ساقضي العيد هنا وحيدة .. اخبرها رئيس الوحدة انه لايمكنها الخروج الان لانه لابد من عمل فحوصات واشعات إضافية واننا بالكاد اقنعنا زوجها بذلك.. بعد انتهاء الدوام ظللت افكر بالاثنتين.. سألت رئيسي بالشعبة بحكم أنه رجل: ما الذي يجعل الرجل يصل الى هذا الحد من الحب والاخلاص والتفاني و ما الذي يجعله يتصرف بكل هذه النذالة .. قال الجواب سهل هو " المرأة" .. قلت له ليس شرطا هناك نساء رائعات ولكن غير محظوظات برجال جيدين.. قال أنا اقصد المرأة التي انجبته و ربته .. يقصد أمه المحروسة طبعا..