- عام 1990م تم إعلان الوحدة بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية والعربية اليمنية ، وكانت الوحدة اندماجية فكرة بمضمونها جيد وهدفها سامي، ولكن تم تشويه هذه الأهداف من قبل الطرف الشمالي، وقام بتسريح ضباط جنوبيين وفصل كثير من الجنوبيين من أعمالهم ، وقام بسحب السلاح من الجيش الجنوبي إلى معسكرات في الشمال.
-استوعب الطرف الجنوبي أن هذه الوحدة ليس الهدف منها توحيد شعبين واتحاد دولتين.
استشعر الخطر وقام بإعلان فك الإرتباط، ولكن كان هذا القرار متأخراً وشنت الحرب عام 1994م وانتصر الشمال آنذاك بمساعدة قادة جنوبيين ، وقد راح ضحية هذه الحرب الآلاف من المدنيين الابرياء .
- لم يراجع الرئيس صالح نفسه واستمر في طغيانه وظلمه ، وقام الضباط الجنوبيين في عام 2007 م بحراك وأسموه الحراك الجنوبي كان ذلك الحراك مطلبياً.
-استمر صالح في عناده وطغيانه وتحول الحراك من حراك مطلبي إلى ثورة ومسيرات تدعوا إلى فك الإرتباط وقوبلت هذه المسيرات بالقمع والتعذيب والقتل تم هذا الإجرام تحت راية الوحدة وكان الجنود الذين يقتلون المتظاهرين رافعين علم اليمن.
وتأصل عند الجنوبيين كره وحقد للعلم اليمني وأصبح علم الجنوب يرمز إلى التضحية والفداء ؛ لأن الذين كانوا يقتلون ويعذبون يرفعونه.
- استمر الجنوبيون إلى 2011م ومن ثم قامت ثورة شاملة شملت اليمن جنوباً وشمالاً توقف الجنوبيين عن ثورتهم ، و اتحدوا مع الشماليين لإسقاط صالح ورفعوا أعلام اليمن إلى أن سقط صالح من سدة الحكم
أعتقد الجنوبيين أن الذي كان يظلمهم ويقتلهم قد سقط وبدأت تتلاشى ثورة فك الإرتباط استمر الوضع الى 2014 م.
- بدأ الحوثيون دخول عمران ، ومن ثم صنعاء وقتها تم السيطرة على صنعاء ، واستغل صالح الفرصة لكي ينتقم من أعدائه وتحالف مع الوحوثي.
-بعد التحالف بدأ الزحف إلى الجنوب بحجة محاربة الدواعش والتكفيريين رغم المقاومة الشرسة والمستميتة استطاع أن يسيطر على أغلب مديريات المحافظات الجنوبية ، بعدها تقدم نحو عدن ولكن قوبل بمقاومة أسطورية من أطفال وشباب ورجال ونساء عدن، قام بقصف بيوت المواطنين ، وشرد الأسر ، وقتل المدنيين وعاث في الأرض فسادا.
- ثم تم إعلان تحالف عربي وتدخلت دول الخليج وبعض الدول العربية ، وقاموا بالدعم السخي للمقاومة بالمال والسلاح البري والبحري والجوي ، استطاع الجنوبيين بمساعدة التحالف العربي دحر وهزيمة الحوثي وصالح.
وبعدها أيقن الجنوبيون أن الوحدة مع الشماليين لم تعد تنفع ، وعاد وهج القضية الجنوبية من جديد وأصبح الشعب في الجنوب بكافة أطيافه مع فك الإرتباط، وتم الإعتراف بمظلومية القضية الجنوبية ، وتعاطف الأشقاء ودعموا القضية الجنوبية ، وبذلك كسبوا محبة الشعب الجنوبي ، وعلق الجنوبيون أعلام وصور حكام الخليج في كل منزل وشارع ، كان هم الجنوبيين في ذلك الوقت إيفاء الدين ورد الجميل لدول التحالف.
- بعدها تم إعلان تشكيل الحزام الأمني بداية في عدن ، ومن ثم المحافظات المتبقية وكانت هذه القوات رافعة علم الجنوب.
- قامت هذه القوات بمحاربة التنظيمات الإرهابية في جميع محافظات الجنوب، وفي عام 2016 م تم إعلان مجلس انتقالي جنوبي يمثل القضية الجنوبية، فرحت الناس في وقتها، وكان الهدف من هذا المجلس استعادة الدولة الجنوبية ، وتحسين المعيشة، وتشكيل جيش جنوبي قوي.
- لكن سرعان ماتبددت هذه الأحلام وتلاشت وتحول هذا المجلس أداة في يد الإمارات ، وقام بظلم اسوأ من الظلم الذي كان يمارسه الإحتلال اليمني "حد وصفهم" . وتولد وعي عند المواطن حينها أن الجنوب لايمثله أشخاص وأن الوحدة لايمثلها أشخاص وءن الرايات التي يحملونها ماهي إلا أداة يستخدمونها لقتل الشعب وتدمير الوطن.
الحرب أثقلت كاهلنا وأتعبتنا جميعاً ، لم تنجح الوحدة الإندماجية بسبب غباء قادتنا ، ولم تنجح الإدارة الذاتية للجنوب بسبب ذل وضعف قادتنا.
- العيب ليس بالوحدة ولا في فك الإرتباط، العيب فينا نحن. - لماذا العيب فينا نحن ؟ لإننا جعلنا الأغبياء حكامنا وقادتنا ، صحيح الشعب ليس بيده شيء لكن الجيش الذي يقوده الحاكم أغلبه من الفقراء ، فإذا فقدت تلك العصا التي يضرِب بها الحاكم فقدت قوته.
جربنا كل شيء وفشل !
بقيت التجربة الواقعية والمنطقية والناجحة ،وهي تجربة الأقاليم.
- علينا أن نلتف حول هذا المشروع ؛ لأنه في اعتقادي طوق نجاة اليمنيين ؛ لأننا إذا أنفصلنا عن الشمال سنتقاتل فيما بيننا، وإذا استمرينا في الوحدة الإندماجية سنظل في صراع مستمر مع الشماليين .
لكن أملنا في الله كبير وسيغير الحال إلى الأفضل إن شاء الله.
- أختم مقالي هذا بشعر الإمام الشافعي رحمه الله عند ما قال :
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعا وعند الله منها المخرج