الوضع مآساوي بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، لكن ثمة أخر معني فيه مواطن الأجزاء الشمالية من تعز والسفليّة لأب يختلف إختلافاً جوهرياً عن ما هو سائد، وما نشاهدهُ ويتكرر بين كل يوم وليلة ولعدة سنوات بمئات النقلات من الصغيرةِ إلى المتوسطةِ محملةً بالمحروقات وتسلك طرقاً وعرةً إلا دليلاً قاطعاً على ذلك. واللآفت للنظرِ إنّ الأزمةَ التموينيةَ نفسها غير موجودةٍ وعلى حسب ما نعرفهُ ويُصرّح به وافدين من صنعاء، وبقية المناطق الخاضعةَ لسلطة الحوثيّن.. فسعر دبة البترول او الديزل فيها يتراوح بين خمسة إلى ستة الف ريال (ورقة فئة نوع كبير) ، ومتوفراً وعلى مدار الساعة في معظم المحطات، غير في هذه وحدها معرضة لشُح التموين تصل أحياناً إلى إختناقات حادة، فكل ما تتلقاهُ فقط هو المتغاضئ عنه من قبل الدوائر الأمنية، والعسكرية المسيطرة على المنافذ في م/ لحج، مفضلين توجيه تلك المركبات تسلك طرقاً وعرةً من مديرتي كرش، والمسيمير ودون أدنى من حماية أمنية تذكر لها، ما يعرّض اصحابها للإمتهان والسلب من قبل لصوص الطرقات وبفرض جباياتٍ كبيرةٍ وعلى كل لترٍ يمرُ من أمامهم، يضاف الشيئ ذاته للإبتزاز الذي يمارسهُ مالكي محطات بتروليةً ( سفري) وبرفع أسعار تكاد تكون مضعّفة عليهم.
القضيةُ تُثير كثيراً من الحيرة، لو أفترصنا إن الحوثين ولغرض في نفس يعقوب، هم من يُضحّوا بسكان هذه المناطق، غير أبهين بهم ولا بما يُصيبهم فالمسألة إعتيادية من هذه الناحية، ولإن طبعهم المزاجيّة فلا غرابة في الأمر ..إما إذا كانت تتم بتوطئ طيفاً أخراً، ففي ذلك نوعاً من الريبةِ والتعجّبِ!! ومن حيث معيار التعامل الذي يطبق على تلك ولا يطبق بنفس المستوى على صنعاءذمارعمران ريمة والمحويت وغيرها، الخاضعة ايضاً لسلطة الحوثين؟
وتلك طرفة واحدة فقط من طرف كثيرة للصراع والتي لا يوجد تفسيراً يقرّبنا من فهمٍ ادق لها غير شيئ واحدٍ هو: إنّه وإلى الآن مايعتمده المتحاربون من إستراتيجيات هي بحد ذاتها تقبل التجزئة في مكان ولا تقبل في أخر، وعليه يختص سكان كل منطقة ما بنوع من العقاب، يصنف على حسب أهوى ورغبات لا تفرّق ما بين إنسان ذا هدفاً سياسياً، وآخراً بسيطاً معدماً.
والمحصلة هي مزيداً من الإحتقان، والأحقاد، والبغضاء تُفرز على كل اتجاهٍ، وجانبٍ وإذا ما توفرت العوامل المساعدة لإشتعالها، فجأة قد نصحى يوماً على وقعِ إنفجارٍ مدوّي قد يُربك كل الحسابات والتوقعات.