لا يختلف اثنان على أن الحرب المشؤومة التي تسببت فيها مليشيات الحوثي المصنفة في قوائم التنظيمات الإرهابية قد تسببت بكارثة إنسانية غير مسبوقة وخلقت واقعاً سوداوياً مغايراً لما كان عليه الحال قبل نشوب تلك الحرب خاصة في الجانب الإنساني والمعيشي الذي أصبح كارثياً ومأساوياً بكل ما تعنيه الكلمة من معانٍ. فالحرب قد غيرت الموازين وقلبت الأمور رأساً على عقب ؛ فالبعض كان بالأمس فقيراً يشكو شظف العيش واليوم قد أصبح في حالة أفضل تغنيه عن الإعانات والمساعدات ، والبعض الآخر كان غنياً مستور الحال أصبح اليوم وبسبب تلك الحرب الملعونة معدماً يشكو الفاقة والعوز. وأمام هذه المتغيرات التي أفرزتها الظروف القائمة اليوم كنتيجة طبيعية للحرب والاقتتال ؛ لابد من إعادة النظر فيما يخص سجلات المستفيدين من قانون صندوق الرعاية الاجتماعية ، فهناك أسر كانت موسرة ونتيجة الحرب - كما أسلفنا الذكر - أصبحت معدمة وبحاجة ماسة إلى المساعدة ومد يد العون لها ، وهناك أسر كانت فقيرة والآن أصبحت بخير واسع وغنية وليس لها حاجة من تلك الإعانات الزهيدة التي تكفلت اليونسيف بصرفها وفقاً لكشوفات الرعاية الاجتماعية لعام 2012م، لأنه من غير المعقول الاستمرار بالعمل وفقاً للمعطيات والوقائع والمسوحات السابقة التي تمت قبل ما يقارب من عشر سنوات بدون أي تحديث أو مراعاة لظروف اليوم وما طرأ من متغيرات كبيرة وكثيرة جداً. وإذا كان صندوق الرعاية الاجتماعية مطالباً بالأمس بالشفافية وتصحيح البيانات والتدقيق فيها واستبعاد الحالات الوهمية وغير المستحقة والتي تحتل حيزاً لا يستهان به من إجمالي قوائم المستفيدين ، فهو اليوم مطالب أكثر من أي وقت مضى بمراجعة شاملة ومحاربة الفساد والتزوير وكذا تحديث البيانات لأن شريحة مستفيدي الرعاية الاجتماعية باتت اليوم أكثر معاناة من غيرها وأكثر من يحتاج للمساعدة. لذا يقع على عاتق صندوق الرعاية الاجتماعية المسؤولية الكبرى في تحقيق التوزيع العادل للمستفيدين ، وصحة البيانات وتحديثها وفقاً للظروف الراهنة وإدراج الأسر المستحقة الفقيرة غير المسجلة من قبل ، ولا يعفيه من القيام بمهامه البتة مشروع الحوالات النقدية الطارئة الذي تموله اليونيسيف ، فهو لا يزال جهة إشرافية وله سلطته على ذلك المشروع القائم أساساً على قواعد بيانات صندوق الرعاية الاجتماعية وتشريعاته. ختاماً بقي أن نشير إلى أن الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الناس نتيجة الغلاء الفاحش وتدهور العملة المحلية يحتم على صندوق الرعاية مطالبة اليونسيف بزيادة مبلغ الإعانة بما يتوائم مع الوضع المعيشي الراهن ، لأن الإعانة الزهيدة التي يصرف حالياً لا يسمن ولا يغني من جوع. زكريا محمد محسن