منذ رحلت "لارا" ، ابتعدت عن كل مواسم الحفلات، الأعراس تذكرني بوصالها , بحمرة وجنتيها عند أول لقاء، تشعرني أني يتيم وسط زحمة الذكريات، لا طالما تهربت من قرع طبول الزفاف ، وناديت من أعماقي حي على النجاة ، لن أقدر على تحمل ألم لا يبدده طول السماء ، ذاك الإنذار الذي ينزل بي منتهى الوجع ، يكبل ذاكرتي ويعيدني إلى الماضي لأكون ضيف الحسرات العاجزة التي لا تغني من قدر محتوم ! في يوما ما ذهبت أمي مع صديقتها إلى زفاف أحد الأقارب ، وقبل خروجها طرقت باب غرفتي ، ودخلت لتجدني منهمك في القراءة ، انتبهت لها فأخبرتني بأنها ذاهبة وستعود مساء ،ثم قبلتني بقبلات حارة ملئها شغف حب الأم ، وقبلتها أنا كذلك ثم ذهبت ، وجلست منتظراً عودتها بفارغ الصبر. أطلت مساء فأطل النور ودخل أفواجاً إلى البيت ، قبلت جبينها وجلست معها في صالة المنزل ، قدمت لي صحن الحلوى الذي تركته لأجلي ، ثم بدأت تكلمني عن قاعة العرس والألوان ،تصف جمال العروس و نقوش الحناء التي بيديها ،كنت أنصت لها مستمتعا بالحديث. فجأة صرت أرى شفاه أمي تتحرك دون أن أكون في الإستماع ، كأنما أقفلت مسامعي عن الحاضر ، وتخيلت لو أن راحلتي ماثلة أمامي بليلة زفافنا ، بيديها باقة ورد ، الخجل واضح بملامحها ، مفضوح في كل حركاتها ، تتمايل شعراتها التي ُصففت بعناية ،الخاتم بيديها يغمز لفرحنا ، كلما ارتدت قفطانا بات تعداد الجمال مستحيلا في حضرتها ،الفستان الأبيض يثرثر بدلا عني " أنت لي" ، كل شيء يقول أنها خلقت لي وحدي ، حملتها إلى غرفتنا فارتعش قلبها وذاب بحضني ، تهوي بعدي أكثر من قربي لأني كلما اقتربت ازدادت دقات قلبها و طال بها الشوق أكثر من ذي قبل ، معادلة حبنا لا تقبل نتيجة أو حل ، الحقيقة معكوسة على قلبين لا يشبع كلاهما من الآخر، الليل بحضرتها يرقص على هدوء وسكينة ، القمر من بهجته أحاطنا بهالة ضوء كبرى ليس فيها سوانا ، تموت الأشياء والأصوات من حولنا فلا يُسمع إلا كلمة تلوكها شفاهنا باحتراق " أحبك أحبك "! _" صهيب صهيب "وحده نداء أمي أفاقني من غيبوبتي _" أسمعك أمي أكملي " _" أكملت يا ولدي " انسلت مني دمعة مرت على خدودي فاحترق قلبي ، كتمت الألم، خنقته بداخلي ، تمنيت لو كان هذا الخيال حقيقة. #دموع_ممنوعة_من_العرض 2021-2-2