الحديث عن التعليم يعني الحديث في قضية متشعبة ومعقدة يتعذر الإلمام بكل جوانبها . وان امكن الإلمام بكل جوانبها فإنه يستحيل معالجتها جميعاً في مقال واحد .. ولكن سنحاول قدر المستطاع ان نتحدث في الأهم والمهم . الكل يعرف مدى أهمية التعليم وقيمته وأثره الإيجابي والكبير في بناء الإنسان والوطن . ومعظمنا في هذه البلد العريقة والأصيلة تعلمنا ودرسنا منذ الصغر في المعلامة. هكذا كانت تسمى. ومن ثم احتضنتنا المدارس البسيطة في الجزء الأخير من الخمسينات والستينات وما تلاها. وتحدثنا اننا رغم بساطة المباني المدرسية كما كان بساطة الزمن الذي كنا نعيشه حينذاك. إلا اننا كنا نلمس الدفء في الغرف الدراسية واماكن الأنشطة كما لمسنا الاهتمام بالتعليم وموازية له التربية. رغم بساطة الهيكل المدرسي إلا إنه كان يحوي عقول تحب الوطن وتحب العلم وتتحلى بالتربية الذاتية الذي تحصل عليها في الأسرة والمجتمع. كما انها تحوي جميع مجالات الأنشطة إلى جانب الحصص الدراسية والذي كان لها صدى قوي وتأثير أقوى لدى الطلاب والمعلمون والإدارة المدرسية والأسرة والمجتمع. ورغم ان التدريس كان لا يتعدى الثانوية العامة او دار المعلمات لكنا كنا نجد حتى خريجي الشهادة المتوسطة لديهم القدرة على تربية الاجيال التي بعدها . وبالحصيلة التي تم اكتسابها . وكانت شهادة الثانوية العامة بقسميها العلمي والادبي قياسا بالدكتوارة والماجستير الحاليين وفي الزمن الاسود الذي نعيشه قرابة ثلاثون عاما .. هي الاهم . لان الشهادة كانت تعطى حسب التحصيل العلمي وما تم اكتسابه .. وليس بشراء شهادات وبحوث.. والعقول خاوية من كل شيء. الا الامتلاك للشهادة العليا الذي تحصل عليها بالطرق الغير مشروعة. كان هناك اهتمام بالمدرس على المستوى الداخلي في المدرسة من تأهيل وتدريب وتربية عامة تكتسب من خلال السلوك اليومي بين طاقم المدرسة. وهذا يعكس نفسه على الجيل الموجود. وتكون المخرجات جميعها واضحة وصادقة ولها أثر فعال في حياة الطلاب وأسرهم وقبلهم المدرس والإدارة المدرسية. كانت هناك دورات تدريبية بين الفينة والأخرى وعلى مدار العام الدراسي للإدارات المدرسية والمعلمون. كان المعلم يشعر بالمسئولية عن الطالب في المدرسة وخارجها .. ويدرك الطالب مدى هذه المسئولية من خلال الاهتمام والعلاقة المباشرة. ولا يقل دور مدير المدرسة عن ذلك باحتوائه طاقم التدريس والاهتمام بهم ومعرفة مشاكلهم وتقديم المساعدة في حلها. ومتابعته في عمله للارتقاء به الى الافضل في التعامل والعطاء لجيل يتخرج وهو متسلح بالعلم والمعرفة والتربية ومفهومها الصحيح . كان هناك فريق توجيه تربوي له دور فعال ومهم في متابعة المعلمين والاعتناء بهم وتوجيههم للعمل بالطرق الصحيحة . والاهم من ذلك كله كانت توجد قيادة تربوية تمتلك الكثير من الخبرة والمعرفة والوعي والادراك لما يسمى بالعملية التربوية والتعليمية. وكانت تعنى بأمور كثيرة في هذا المجال. ومن كان يعيش ذلك الزمان يترحم عليها. وهو يجد انه يعيش في زمن خاوي من كل شيء .. حتى من الملامح البسيطة . وضاع الصرح التربوي الذي تم بناؤه بقوة وعظمة تساوي عظمة الزمن الجميل والتي كنا نحياه في كل مجالات حياتنا . واصبحت العقول خاوية حتى من الصدى الذي اختفى وتلاشى شيئا فشيئا عبر هادمي كل جميل وبمعاول صدئه ولكن بتصميم للهدم . واصبحت المصالح الشخصية فوق كل اعتبار وعلى مستوى الاخلاق والمبادئ والخوف من الله . واصبحت المسكنات التي تعطى للضمير لإسكاته وغيابه كثيرة ومختلفة .. ويا للأسف كل هذا نعلقه على شماعة اسمها الوضع والحرب والخ .......من اعذار واهية . اصبحت مدارسنا جدران بارده لا يوجد فيها العلم والمعرفة والتربية . واصبح المعلم لا يهمه سوى كيف يطوي المنهاج وبالطريقة التي يريدها ومريحه له .. ومن سيراقب . ومن سيهتم . . وعذره انه مطحون بالحياة المعيشية التي تعكس سلبا على سير عمله . مع ان هذا العمل هو من اعطاه اسم ولقب ومعاش . وللأسف تناسينا ان هذه المهنة هي سامية وفوق السمو . وشبه المعلم بالرسول للدور الذي يلعبه في حياة الاخرين . اصبح دور الادارة المدرسية غير فاعل . باهت . وايضا مستغل الظروف والاوضاع ويفكر كيف ممكن يجمع المال من الطلاب وكانه جبايه . وتحت مبررات ومسميات مختلفة . امور كثيرة وان تحدثنا فيها بأريحية ستأخذ مجلدات . كل هذا والتربية والتعليم فقد ابسط مقوماته .. وتلاشى كل جميل . بل انتهى من غالبية مدارسنا والذي كانت تعمل بخبرات وكفاءات وحب العمل والضمير الحي الذي يخاف من رب العالمين الذي يرى مالا نراه ويعلم مالا نعلمه .. متناسيين انهم كل ومن موقعه ستتم محاسبته من رب العالمين . . اما المحاسبة على الارض من يحاسب من .... ؟؟؟؟ المدارس الحكومية تفتقر : - لقيادة عليا حكيمة واعية وذات خبرات عالية بمعنى التربية والتعليم ومتطلباتها . لإدارة مدرسيه تتحلى بنفس الصفات . لمدرسين بحاجة لتأهيل وتدريب . وصحوة ضمير . ولا تربط العمل بمشاكلها . لمنهاج سلس وبسيط بالمعلومة الهادفة ويتعايش مع الواقع . لوسيلة تعليمية هادفة ومشوقة وجذابة . لطاقم توجيه تربوي يحمل مت الخبرات والكفاءات والاخلاص في العمل . للائحة مدرسية تترجم العمل التربوي والتعليمي والاداري . علينا غسل النفوس بالقيم الصحيحة والمبادئ القيمة . علينا ان ننظر للواقع التعليمي السيء وبكل المقاييس وكيف ممكن تصحيحه كل من موقعه . علينا ان ندرك وبعمق ان الله يرانا ويعلم ما في انفسنا . علينا تربية جيل صالح ونغرس فيه الاخلاق الصحيحة والوازع الديني ونجعله يستفيد من ما يتلقاه في المدرسة ويعكسه في واقعه الأسري والمجتمعي .. ويجب توعيته لما يفيده في حياته ومستقبله . علينا اعادة الهيبة للمعلم والادارة المدرسية . علينا ربط علاقة طيبة مع الاسرة لتصب في تربية ابناءها . علينا . . وعلينا . . وعلينا . . . علينا الكثير هذا اذا فعلا اخلصنا في عملنا . لا اطيل . رغم ان الموضوع ليس هين . . ولكن حاولت اضع اهم الامور . وممكن في مقالاتي القادمة التطرق لبعض الأمور الضرورية او الحساسة مجزأة .. لتعطي انطباعا اهم واكبر وتكون ميسره خلال القراءة . كلمة أخيرة اقولها بمرارة ان العام الدراسي والذي هو فصلين دراسيين .. فصل منه يذهب بالإضراب. والاخر ينتهي بالكورونا .. الوباء الذي لا يوجد في عدن وانما يوجد في بعض العقول لمآرب اخرى . دمتم برعاية الرحمن .