كثير من الدول ترمي بثقلها في حرب اليمن كي تستفيد ، ما بعد صعود بايدن رئيسا لأمريكا تغيرت كل قواعد اللعبة السياسية والعسكرية في آن واحد ، العلاقات القديمة التي كانت استراتيجية بداءت تتبدل ، تركيا في صف السعودية اليوم وضد حركة الحوثيين ، موسكو ادانت ضربات الحوثيين للأراضي السعودية ومنشاتها النفطية ، ووزير خارجيتها لافروف تحدث ان رفع حركة انصار الله من قائمة الجماعات الإرهابية لن يكون شيكا على بياض ، بداءت أمريكا تلملم نفسها من الشرق الأوسط باتجاه الصين الأكثر خطر على وجودها ، وإسرائيل اصبح اليمن عدوها واقعا وحقيقة ، خرجت الامارات من التحالف العربي ، وعادت قطر الى اليمن ، رجال دولة ونشطاء في السعودية يهاجمون أمريكا ، اعتبروا ان محمد بن سلمان خط أحمر في قضية خاشقجي ، وصل الامر ان تعمل السعودية على تقييم علاقتها بأمريكا ، واتجهت نحو شركاء أخرين ، وايران مازالت هي القلق الأكبر، كل هذه التقاطعات الجديدة ما كان لها أن تحدث إن استمر ترامب او ضعفت إيران . تركيا في وقت سابق ومن على حساب رئيسها اردوغان في منصته الاجتماعية اعتبرت السعودية والإمارات بدول المشيخات الطارئة على خارطة المنطقة ، وأكد على وجوب تدخل تركيا في حرب اليمن ضد السعودية ، لم يكن تقزيم اردوغان لهاذين البلدين بمستغرب، تركياكإيران امتداد حضاري قوي في جذور التاريخ ، المستغرب اليوم أن تركيا ستقاتل الى جانب دولة المشيخات حليفة للسعودية وضد الحوثيين ، أكدت حركة انصار الله الحوثيين على لسان ناطقها العسكري ان جماعته اسقطت في الاجواء اليمنية طائرة تجسسية تركية الصنع ، في العام الماضي وقعت السعودية مع شركة فيستيل التركية للصناعات الدفاعية بما قيمته 200مليون دولار في اطار التصنيع المشترك لطائرة مسيرة من طراز " كاريال " ، تركيا تجيد تجنيد المرتزقة ، المرصد السوري أكد العام الماضي تجنيد الاستخبارات التركية سوريين في شمال سوريا لإرسالهم اليمن ، وفي مدينة عفرين تحديدا بحسب مدير المرصد لعبت الاستخبارات التركية هذا الدور التجميعي للسوريين . بداءت العلاقات السعودية التركية تتحسن مع انطلاق اعمال قمة العشرين المنعقدة في الرياض ، في هذا الاثناء اعلن المكتب الرئاسي في تركيا بيان في تاريخ 21نوفمبر 2020م قال فيه ان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان والملك سلمان بن عبدالعزيز ملك السعودية اتفقا على تحسين العلاقات الثنائية بين انقره والرياض ، التغيير السريع في خطاب تركيا ووقوفها الى جانب السعودية في هذا الوقت له دوافعه وأهدافه ، من هذه الدوافع أن المنطقة بداءت تتشكل بعيدا عن طموح تركيا في ظل التحالفات القوية لإيرانوروسياوالصين ، الخلافات بين الاتراك والإيرانيين برزت للعلن عندما تدخلت تركيا عسكريا في كارباخ ، في حينها القى اردوغان قصيدة اذرية تهدد وحدة التراب الإيراني ، وتدخلت تركيا أيضا في " سنجار " شمال العراق ضد وحدات حزب العمال الكردستاني ، حينها غضبت ايران واستدعت السفير تركيا . تركيا محاصرة من اتجاهاتها الأربع ، زيادة في ذلك نهمها الاستثماري الاقتصادي التي ستجنيه شركاتها من السعودية ، تعددت الأهداف للأتراك ويعتبر دخولها حرب اليمن حلم ، باعتقادنا لعب الدور الأكبر في ذلك حزب الإصلاح الإخواني الذي يعتبر بوابة تركيا لليمن ؛ ولكن بالطريقة التي تريدها السعودية ، التدخل التركي يهدف الى حماية ذراعه الاخواني في اليمن ، يعزز من قوته ويسعى الى بقاءه لينخرط ندا قويا في أي حل سياسي قادم ، إضافة أن لتركيا حساب في ليبيا وسوريا ، ادركت السعودية حاجة الاتراك في ذلك وفتحت لها الأبواب في اليمن لتقاتل الحوثيين معها بعد ان انهكتها المعارك وحيدة وتغاضى عنها الجميع . التدخل الروسي في اليمن يعزز ان هناك اتفاقات خفية مع ايران بهذا الصدد ، يسهم هذا التدخل بدرجة رئيسية الى تقاسم المنطقة مع الصين ، ايرانروسياالصين يمثلون النفوذ القادم في الشرق الأوسط ، آنا يورشفسكايا زميلة اقدم في معهد واشنطن في تحليل قدمته للبيت الأبيض عن خطورة تغلل الروس في الشرق الأوسط واكدت انه " ليس مستبعد ان ايران تسهم في فتح خطوط لروسيا في الخليج العربي للوصول الى مواني المياه الدافئة في الخليج العربي ، وتعتبر احد الممرات المائية الأكثر استراتيجية في العالم ، واي خط لروسيا في الخليج سيؤدي الى إضعاف الولايات المتحدة ". بطبيعة الحال سياسة بايدن الخارجية تنطلق من ترك أمريكا للشرق الأوسط والاتجاه نحو الصين، وزير خارجية أمريكا بلينكن اكد أن : " الصين اكبر اختبار جيو سياسي للقرن الواحد والعشرين بالنسبة للولايات المتحدةالامريكية "، اتجهت السعودية الى روسيا نظرا للموقف الأمريكي السلبي في حرب اليمن ، رفعت أمريكا حركة انصارالله الحوثية من الجماعات الإرهابية ، وأوقفت بيع اسلحة للسعودية تستخدمها في حربها على الأراضي اليمنية ، وتركت مقدرات الطاقة العالمية في السعودية تحت مصير الضربات الصاروخية والمسيرة للحوثيين دون ادنى حماية أمريكية او اممية لهذه الطاقة العالمية . التحالفات الجديدة للسعودية في حرب اليمن هي تحالفات تكتيكية تسهم من ناحية في استعادة ضبط أمريكا باتجاه عمق علاقة البلدين وتاريخهما الطويل واستعادة هذه العلاقة مجددا وفق ومعايير وتطلعات السعودية ، ومن ناحية أخرى لم يتبقى للسعودية سوى ان تصل الى الحد الممكن لحفظ توازنات الأطراف اليمنية بعد ان قضى الحوثيين واجتثوا كل الأحزاب والمكونات في مناطق سيطرتهم ، واصبحوا الصوت الأقوى بلا نزاع ، لهذا أسست السعودية تحالفاتها مع الاتراك في هذا الجانب ، وسيسهم الاتراك بالضرورة الى تحريك ادواتها في اليمن وهم حزب الإصلاح الإخواني للقتال واستنزاف الحوثيين ومنع تفردهم بالمشهد السياسي واقعا ، وجبهة تعز مثال بسيط . روسيا ستسهم بدرجة رئيسية في الضغط على حركة انصار الله الحوثيين من الاتجاه الذي سيسهم في إيقافهم للمعارك ودخولهم في مفاوضات وتفاهمات جادة مع السعودية مبنية على ضمانات واستحقاقات تكون فيها السعودية بعيدة عن أي ارباكات مستقبلية وهذا ما تطمح له السعودية ، هذه التحالفات الجديدة للسعودية في حرب اليمن لا تؤسس الا لحماية السعودية في المدى البعيد ، وإيقاف استنزافها في المنظور القريب ، فشل المبعوث الاممي غريفيت ولحقه أيضا في الفشل المبعوث الأمريكي ليندركينج الذي انتهت مدة جولته والمحددة بعشرة أيام دون احراز أي تقدم وأعلنت الخارجية الامريكية انه سيبقى الى جانب المبعوث الاممي لفترة غير محددة ، وامريكا في طريقها لمغادرة المنطقة إلا من تواجد بسيط ، لا يمكن أن يكون التدخل الروسي عابر وكذا التدخل التركي أيضا بل ان الصراع سيكون على اشده في اليمن لإن الأطراف المربكة مازالت قوية وهي جماعة إخوان اليمن وانصار الله الحوثيين وسيزداد المشهد تعقيدا ، لا روسيا ستنهي حركة انصار الله ولا تركيا ستضعف حركة الإخوان وفي كلا الحالتين ضمنت السعودية خروجها الآمن مع الحفاظ على القوى المتصارعة بجاهزيتها وبقاء مموليها . الجنوب مغيب عن هذا الصراع ولا وجود له إلا في المنظور الحقوقي وذلك لأسباب كثيرة أهمها أن الصراع اليمني في اصله بين شرعية يمنية وإنقلاب يمني ، ومازالت القوة اليمنية - شرعي وحوثي - هي اللاعب الرئيسي في الصراع الى اللحظة ، تغيرت المعركة وأصبحت في منظور كثير من الأطراف والبلدان والرعاة الدوليين انها معركة بين صنعاءوالرياض أي مازالت تحتفظ بيمنيتها ، حتى الحلول المطروحة في المسودات الدولية واخرها وثيقة الاتفاق المشترك في اصلها تتمحور بين الشرعية والحوثيين ولكل طرف منتسبين وفي داخل الشرعية مكون الانتقالي الجنوبي اسوة بالمكونات اليمنية المتعددة وسيتحرك الانتقالي في مسارات الشرعية المرسومة ومادون ذلك كذب . تحرك الانتقالي الجنوبي في اتجاه ارباك صورة المشهد ، نجح الى حد ما ، لكن نجاحه كان يهدف الى إعادة ضبط ايقاعات الشرعية اليمنية تحت مظلة السعودية في حرب اليمن ، وجه الانتقالي الجنوبي قوة الجنوب عبر خطابه الإعلامي المظلل الانتهازي لحماية المشروع العربي ، هذا المشروع انتهى عندما سقطت العراق ، معلوم أن الشرعية اليمنية مخترقة ، الاذرع التي اخترقت الشرعية لها علاقات بدول هدفت الى اسقاط السعودية وافشال طموحها ، حرب المصالح والنفوذ اقتضت أن تبسط كل من قطروتركيا حتى عمان قوتها حتى لا تتفرد السعودية باليمن وتضرب مصالح هذه البلدان واستقرارها ، لم ينجح الانتقالي الجنوبي في اعادة ضبط الشرعية ولم يضبط إيقاع سيطرته على الجنوب ، ولم يفلح في ان تتبنى السعودية مشروعه السياسي . القوة التي دعمت بروز الانتقالي سياسيا وقدمت له بكل سخاء الدعم العسكري ، والتأهيل القتالي تركته اليوم يصارع حماقاته ونفعيته ، عادت الشرعية اليمنية الى عدن وهو حارسها الأمين ، كل مظاهر الخروج الشعبي اليوم في عدن ليس ضد الانتقالي الجنوبي بدرجة رئيسية ، حصار الحكومة في معاشيق واخراجها من عدن معناه عودة المعارك من شقرة مجددا الى عدن ، حكومة المناصفة التي صم بها الانتقالي الجنوبي مسامع مناصريه أصبحت مسمار نعشه الأخير ، لذا وجه الخبجي عند ترأسه قبل ايام اجتماعا لهيئة الانتقالي زيادة رفع الجاهزية القتالية الأمنية والعسكرية ، في عدن الجياع لم يضعوا بعد صور قائد الانتقالي الزبيدي المتواجد في الامارات تحت الأقدام ، ولم يسحبوا الثقة من الانتقالي الجنوبي ، الجياع في عدن خرجوا يصرخون لأوجاعهم ومعاناتهم . يتنطط الزبيدي مابين لقاءات صحفية عالمية يسوق عبرها مشروع الوهم ، مشروع بلا خارطة ولا جغرافية ولا قوة ، بل إن مكونه السياسي وهو الانتقالي كان له اليد الطولى في الانفجار العظيم للحمة الجنوبية ، ابتعدت اسماع الجنوبيين عن السماع لهؤلاء ، العالم اليوم يفكر بهذه الحرب التي أثقلت كاهلهم في اليمن ، حرب تتآكل فيها توزانات الداخل اليمني وإعادة هذه التوازنات مجددا ، سبع سنوات من الحرب غيرت فيها السعودية اتجاهها نحو تركياوروسيا ، هذا التحالفات التكتيكية الجديدة للسعودية قد توقف الحرب لكنها لن تنهيها ، وإن انتهت لن يطفو على السطح الاستقرار المستدام ، اليمن لن يتشظى ، وعدن لن تدوم طويلا بيد الانتقالي الجنوبي .