اندفع الحوثييون -ومن ورائهم آنذاك- بهمجية وجهل صوب عدن ظنّا منهم أن مدنيّة المجتمع ستُخضِعَهم لوجودهم وسلاحهم وبالتأكيد أنهم لم يقرؤوا تاريخ عدن والجنوب، كما هي عادة الحوثيين في استدعاء التاريخ الذي يتماهى مع أفكارهم بأخطائه ومغالطاته فتفجّرت مشاعر الغضب والرفض والمقاومة لدى أبناء كل الجنوب وبدأت المقاومة الشعبية لتحرير عدن ، فدحروا الحوثيين الذين جرّوا أذيال الخيبة إلى مناطق -لا شك سترفضهم إن عاجلا او آجلا- واستطاعت عدن أن تكسر شوكة الحوثي لتثبت أنه يهزم ، متى توحّدت جبهة المقاومة ولنا فيما يحدث في مأرب وتعز والبيضاء والضالع والحديدة وحجة أمثلة وتباشير نصر . وصاحَبَ انتصار أبناء عدن آمالا كبيرة ، ووعودا بأن تكون عدن نموذجا يحتذى به في إعادة بناء دولة مدنية تَرسي أُسس السلم الأمني والاجتماعي ، كركيزة للانطلاق نحو المعالجات و البناء الشامل ، وأُعلنت عدن عاصمة مؤقتة لليمن ، بعد ما يقارب الست سنوات من التحرير خرج الناس إلى الشوارع ليعبّروا عن مدى قسوة معاناتهم وتدهور حالهم المعيشي والأمني ، حيث تواجدت ما أطلق عليها حكومة الكفاءات التي تشكلت بموجب اتفاق الرياض في العاصمة المؤقتة عدن ، منذ ما يقارب الثلاث شهور ، وصاحب تواجدها تطلعات لدى المواطن في معالجة مشاكله اليومية وتحسين ظروف معيشته ، لكن وعلى العكس من ذلك تراجعت الخدمات وعادت الكهرباء للانقطاع وانقطعت الرواتب وتضاعفت الأسعار وانهارت العملة وساءت الحالة الأمنية وتدهور الوضع المعيشي ، ولم تُنفّذ الحكومة أياً من التزاماتها وفقاً لاتفاق الرياض!! ولم تحقق أية منجزات ملموسة على الارض ، انعكست على حياة المواطن ومعيشته ، بل انعكس فشل الحكومة واقعاً معاشاً ومعاناة يومية مكررة للمواطن، ما أدى إلى غضبٍ شعبيٍ ومحاولة اقتحام قصر المعاشيق لإيصال أصواتهم وأنينهم إلى مسامع الحكومة . ولا يعنيني من كان وراء خروج الناس إلى الشارع -إن وجد- وإنما يعنيني أن شدة المعاناة تجاوزت حد احتمالهم. ويلاحظ أنه كلّما طالب المواطن بحقوقه أو واجه الحكومة بقصورها ، تصدّت له أصوات تبرّرُ القصور وغياب الفعل المأمول من الحكومة، بإلقاء حزمة تُهَمٍ جاهزة ومكررة ، بأن أيدٍ خفيةٍ وراء فشل الحكومة وأنها تواجه ضغوطات وأنها لا تملك مطلق الولاية، وتختبئ الحكومة خلف تلك المبررات تاركةً الناس غارقةً في همومها ومعاناتها ، محتفظةً بلقبها كحكومةِ كفاءات واحتفاظ أعضائها بألقابهم الرنانة وامتيازاتهم المادية الكبيرة. ولنا مثلٌ في إحدى الوزارات التي انحصرت مهام رأسها بالتنديد والإدانة والحديث عن حقائق يعرفها أبسط الناس ، عبر تغريدات لا تسمن ولا تغن من جوع ، متجاهلاً دوره في وضع خططٍ لتفعيل مهام وزارته . وكذا الحال بوزارة أخرى معنية بحقوق الانسان . فلماذا لا تخرج الحكومة عن صمتها وتواجه الناس بحقائق أسباب عجزها، وتتحمل المسؤولية الأخلاقية والسياسية كما حدث مع الحكومة الأردنية عندما مات 7 مواطنين أردنيين جراء قصور في خدمة المرضى في إحدى المستشفيات الأردنية ، ومنذ الحادثة إلى اليوم والناس تُعبّر عن غضبها واحتجاجها حيال ذلك رغم استقالة وزير الصحة الادأردني وإعلانه تَحمّل المسؤولية الأخلاقية ، وكذا إقدام السلطات العليا على إيقاف المسؤولين في كافة المستويات بالمستشفى والمنطقة الصحية وإيداعهم رهن التحقيق. وعليه تبقى الحكومة اليمنية هي المسؤولة أولا وأخيرا وإليها توجه المساءلة الاخلاقية والسياسية والقانونية عما وصل إليه حال الناس من تدهور في حال استمرار صمتها وعجزها عن الكلام.