بعد 60 عاما.. بايرن يسجل الانتصار العاشر تواليا    كين يبدد مخاوف الإصابة    الانفجارات تهز "اسرائيل" والبخيتي يؤكد: العمليات اليمنية ورقة ضغط بيد المفاوض الفلسطيني    7 قتلى بهجوم على سجن في مقديشو تبنته حركة الشباب    محللون: نتنياهو يناور وسلاح حماس ذريعته للانقلاب على خطة ترامب    جرائم إعدام الأسرى في تعز فاقت الحدود    قبل يومين من الأربعينية    ليلة فينيسيوس.. ريال مدريد يضرب فياريال ويتصدر الليجا    تشلسي يسقط ليفربول وأرسنال يرتقي للصدارة وفوز يونايتد وتوتنهام    مدير عام المركز الوطني لمختبرات الصحة العامة المركزية لسبتمبر نت :نطمح إلى إنشاء 4 فروع جديدة    انتحار أكثر من 7 آلاف شخص في كوريا الجنوبية    الكشف عن 63 جريمة مجهولة    جريمة قتل جماعي قرب حقل مياه عدن.. دفن نفايات شديدة الخطورة في لحج    بعيدا عن المحاصصة بكل وضوح.. مطالب الجنوب لن تنتظر أكثر    خبير في الطقس: البرد هذا العام سيهاجمنا باكرًا    دائرة المرأة في إصلاح حجة تحتفي بأعياد الثورة المجيدة    حريق يلتهم مستشفى في ساحل حضرموت    شاهد / اللحظات الاخيرة للشهيد الاسير "العفيري" .. قبل تنفيذ جريمة اعدامه ! فيديو    تشيلسي يتجاوز ليفربول ويوقف مسيرته نحو لقب الدوري الانجليزي    برئاسة البشيري..اجتماع يناقش أوضاع قطاع المولات والمراكز التجارية    نجاة قائد اللواء الأول عمالقة من استهداف بعبوة ناسفة في شبوة    بقاء الحوثي حاكما لليمن، مصلحة جنوبية يجهلها السياسي الجنوبي    فوز اليوم ليس مقياس .. ولكن !!    تقرير أممي: استدامة تحسن الريال اليمني مرهونة باستئناف صادرات النفط والغاز    تحقيق يكشف عن عمليات تهريب الأحجار الكريمة والمعادن النادرة من اليمن    القرية .. مدرستي الاولى    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    العلامة مفتاح يفتتح مهرجان خيرات اليمن بصنعاء    غوارديولا يدعو إلى التظاهر في برشلونة ضد الإبادة الجماعية بغزة    (الفاو) تعلن انخفاض أسعار السلع الغذائية العالمية في سبتمبر    محافظ حضرموت يناقش أوضاع الصيادين في الريدة وقصيعر    المحرّمي يلتقي رئيس الوزراء ويؤكد دعم مجلس القيادة للإصلاحات الاقتصادية والخدمية    وزير النفط يناقش آلية سير عمل لجنة صياغة قانون النفط والغاز    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    انتقالي شبام يدشّن توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب الأسر المحتاجة بالمديرية    مناشدة عاجلة لصرف الرواتب    إب.. مجهولون يحرقون سيارتي قاضٍ ومرافقه في وقت واحد وفي مكانين مختلفين    إحصائية رسمية: وفاة وإصابة 399 شخصا جراء حوادث السير خلال سبتمبر    مسيرة الإتحاد في مواقف الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي    قطع رواتب عناصر "المتشددين" في اليمن ضمن إصلاحات "الشرعية"    حماس تعلن موقفها من خطة ترامب بشأن قطاع غزة    حزام عدن يلقي القبض على 5 متهمين بالتقطع    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    تُكتب النهايات مبكراً لكننا نتأخر كثيراً في قراءتها    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    مدرسة 22 يونيو بالمحفد تكرم طلابها المتفوقين في العام الدراسي المنصرم    كشف ملابسات جريمة قتل الشاب عماد حمدي بالمعلا    جريمة مروعة في عدن.. شاب ينهي حياة خاله بسكين    سياسيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويطلقون وسم #اللغه_المهريه_هويه_جنوبيه    وقفة لهيئة المحافظة على المدن التاريخية تنديدا باستهداف العدو الصهيوني لمدينة صنعاء القديمة    مفتاح يطلع على حجم الاضرار بالمتحف الوطني    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    صنعاء... الحصن المنيع    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قبل يومين من الأربعينية
نشر في 26 سبتمبر يوم 05 - 10 - 2025

تشرفت بمرافقة الشهيد القاضي مجاهد أحمد عبدالله – وزير العدل وحقوق الإنسان – خلال عدد من زياراته الميدانية إلى المحافظات، والتي هدفت إلى تفقد أوضاع المحاكم والسجون والاطلاع المباشر على احتياجاتها، وقد أتاح لي عملي الإعلامي المرافق له فرصة التعرف عن قرب على شخصيته وأسلوب إدارته ومسؤوليته.
كانت مرافقة القاضي الشهيد مجاهد أحمد عبدالله في جولاته التفقدية لمحاكم وسجون المحافظات، أكثر من مجرد مهمة إعلامية مهنية. لقد كانت رحلة تعلم، واستشفافاً لمعاني القيادة الحقيقية المتجذرة في التواضع والإنسانية.
لم يكن "الوزير" في تلك الرحلات شخصيةً رسميةً عابرة، تنظر من برجها العاجي، بل كان رفيقاً وأخاً، كان حريصاً على مشاركتنا، مرافقيه، فندق الإقامة، وجلسات المساء، وموائد الطعام نفسها، لم تكن تلك المشاركة شكلاً من أشكال البروتوكول، بل كانت انعكاساً حقيقياً لشخصيته التي تؤمن بأن الجميع شركاء في الوطن والمسؤولية.
في زيارات السفر الطويلة والوعرة بين المحافظات، كان حديثه لا ينقطع عن هموم القضاء وهموم السجون وهموم المواطن البسيط الذي يلتمس العدالة. كان يستمع أكثر مما يتكلم، يصغي لملاحظاتنا البسيطة وكأنها تقارير خبراء، محوّلاً المركبة إلى غرفة عمليات متنقلة تدار بالهمة والقلب المفتوح.
كانت روحه نقيّة صافية، لا تعرف الحقد ولا التعالي، وكانت هيبته تملأ المكان، هيبة المستندة إلى علمٍ وخبرةٍ وإخلاص، لا إلى منصبٍ وسلطة ، كما كان رحمه الله يجسد العدالة ليس فقط في الأحكام والنصوص، بل في التعامل مع الناس، في احترام الصغير والكبير، في تقدير الظروف، وفي أن يكون أول السامعين وآخر المتكلمين.
كان الشهيد، رحمه الله، يدقق في مفردات الخبر قبل نشره ، يرفض الجمل الانشائية ويدعونا للتركيز على المنجزات بتجرد دون مبالغة، جمع بين الجدية في أداء مهامه والحرص على أدق التفاصيل المتعلقة بتطوير البنية التحتية للمؤسسات القضائية، وبين التواضع في تعامله مع من حوله.
وتحت سماء المحافظات المختلفة التي زرناها ، كنا نشعر أننا لا نرافق وزيراً فحسب، بل نرافق مدرسةً إنسانيةً متحركة، مدرسة تعلّمنا أن القيادة الحقيقية هي خدمة، وأن المسؤولية أمانة، وأن أعظم السلطات هي سلطة القلب المتواضع والعقل المجاهد.
كانت همته عالية لا تعرف الكلل، فبعد كل يوم شاق من الزيارات الميدانية والوقوف على أحوال المباني المتضررة والاستماع لشكاوى الموظفين والنزلاء، كنا نجده في المساء ممتلئاً نشاطاً، مناقشاً خطط الغد، مفكراً في الحلول، وكأن طاقته كانت تستمد من إيمانه الراسخ بواجبه نحو الله ثم نحو هذا الوطن.
لقد تميز الفقيد بقدرة خاصة على الجمع بين المسؤولية الرسمية والروح الأخوية في التعامل، مما جعل من حوله يشعرون بالقرب منه ويستمدون من حضوره قدراً كبيراً من الطمأنينة والثقة، وإن تلك الصفات، إلى جانب التزامه الدائم بالعدالة ورسالة القضاء، شكلت جزءاً أصيلاً من شخصيته التي ستبقى حاضرة في ذاكرة من عرفوه وعملوا معه.
لن يغب ذلك اليوم الحزين من الذاكرة، لقد كانت الفاجعة كبيرة وكان اثرها مضاعفا، بكيناه كشخصية وطنية كفؤة ونزيهة ومحنكة، و كشخصية نبيلة كنت أجهلها من قبل ، غير أنه وخلال عام من عملي معه في ديوان الوزارة مثل لي شخصيا الدافع والحافز المعنوي للعمل وقدم لي الكثير من الدعم والمساندة.
رحل جسد القاضي المجاهد، لكن هذه الصفات – صفات القائد الإنسان، والأخ الحاني، والوزير المتواضع – ستظل نبراساً يضيء لكل من رافقه أو عمل معه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.