قال محللون إن رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- يحاول تحسين صورته السياسية في الداخل الإسرائيلي، والظهور وكأنه فرض شروطه على حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو ما عكسته تصريحاته الأخيرة. ورأى المحللون أن نتنياهو يحاول استخدام ملف نزع سلاح حماس ذريعة للعودة إلى التصعيد، لكنهم توقعوا أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيضغط عليه ليلتزم بخطته إذا ما واصل الحرب وعرقل مسارها. وقال نتنياهو إن إسرائيل تريد إنهاء المفاوضات المستندة إلى خطة الرئيس الأميركي خلال أيام قليلة، وإن "جميع المختطفين الأحياء والأموات سيعودون مع وجود الجيش في عمق قطاع غزة، مؤكدا أنه لم يتخل عنهم ولا عن تحقيق باقي أهداف الحرب. وجاءت تصريحات نتنياهو للصحفيين بعد اجتماع طارئ عقده مع وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير والمالية بتسلئيل سموتريتش. ويذكر أن مصدرا دبلوماسيا مطلعا كشف أن الوفد المفاوض لحماس يغادر الدوحة اليوم الأحد إلى القاهرة تمهيدا لمشاركته بالمفاوضات، في حين يتوجه الوفد القطري إلى القاهرة غدا الاثنين مع بدء المفاوضات الخاصة بتطبيق خطة ترامب، مشيرا إلى أن المفاوضات التقنية لبدء تطبيق المرحلة الأولى من خطة ترامب تبدأ في شرم الشيخ الاثنين. وحسب مسؤول الاتصالات السابق للبيت الأبيض مارك فايفل، فإن نبرة "تفاؤل حذر" طغت هذه المرة على كلام نتنياهو، إذ اختلفت كليا عن تلك التي كانت أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة قبل أيام، حيث كان خطابه متشددا وداعما لاستمرار الحرب بشكل كامل. واعتبر فايفل أن "نتنياهو يرغب في النجاة سياسيا من خلال التمسك بمقترح ترامب لإنهاء الحرب على غزة"، مشيرا إلى أنه "يسير من خلال التوازن الصعب بين التوافق مع حكومته التي تدعو للتخلص من حماس واستمرار الحرب، وبين التفاوض مع ترامب الذي يطالب بإنهاء الحرب". ومن جهة أخرى، أوضح فايفل أن ترامب يسعى لتسجيل إنجاز تاريخي قد يمنحه الفوز بجائزة نوبل، لينضم إلى صفوف "قادة السلام"، لكنه قد يصاب بخيبة أمل إذا استمرت إسرائيل في التصعيد وخرق بنود الاتفاق. وأضاف المسؤول الأميركي السابق أن "الأولوية لدى ترامب أن يظهر نتنياهو قويا في الداخل الإسرائيلي، لكنه في الوقت نفسه لن يتردد في الضغط عليه إذا ما واصل الحرب وعرقل المفاوضات". صفقة إسرائيلية أما الكاتب المختص في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين، فاعتبر أن نتنياهو يحاول تصوير خطة ترامب وكأنها "صفقة إسرائيلية خالصة"، مركزا على ملف الإفراج عن الأسرى دون التطرق إلى مستقبل قطاع غزة. ومن جانبه، رأى الباحث الفلسطيني في معهد الدراسات الدولية بجنيف د. بلال سلايمة أن "نتنياهو يناور في تنفيذ بنود خطة ترامب، مفضلا التركيز على بند تبادل الأسرى الذي يصب في صالحه السياسي، مع تجاهل القضايا الجوهرية كمسألة الانسحاب من غزة أو رفع الحصار". وأشار جبارين إلى أن ملف نزع سلاح حركة حماس يشكل نقطة بالغة الحساسية، إذ لم تقدم الحركة إجابة واضحة في ردها الأخير، ما قد يستغله نتنياهو ذريعة للعودة إلى التصعيد، خاصة في ظل تقاطع مواقفه مع وزراء يمينيين، مثل وزيرالأمن القومي والمالية اللذين يطالبان بمواصلة الحرب. وكان البيت الأبيض أصدر في 29 سبتمبر/أيلول 2025 خطة مفصلة تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، متبوعة ببرنامج شامل لإعادة الإعمار وإعادة تنظيم الوضع السياسي والأمني في القطاع.