تسود حالة من الترقب والخوف الشارع المصري تحسبا لحدوث أي صدام دموي بين مؤيدي ومعارضي الرئيس محمد مرسي خلال التظاهرات التي دعت إليها الأحزاب المعارضة للرئيس يوم 30 يونيو الجاري، في الذكري الأولي لتوليه الحكم. ومازاد تخوف المصرين هو إتساع رقعة الاحتجاجات على حركة تعيينات المحافظين الجدد التي أقرها الرئيس مرسي، مساء الأحد الماضي، لتزداد وتيرة المخاوف من احتمالات إعلانه لحالة الطوارئ قبل 30 يونيو المقبل، تحسباً لما قد يحدث من مواجهات دامية، بين المعارضين لنظامه والمؤيدين له. وفيما يبدو أن الأمور تتجه إلى صدام حتمي أعلن في القاهرة، أمس، عن مبادرة "النداء الأخير" قدمها حزب مصر الذي يتزعمه الداعية عمرو خالد للخروج من الأزمة قبل التظاهرات المرتقبة. وشددت المبادرة على ضرورة تغيير حكومة هشام قنديل، واستقالة النائب العام، وتعهد الرئيس محمد مرسي بأن يصبح رئيساً لكل المصريين. وأكد البيان، أنه ما زالت بيد رئيس الجمهورية فرصة أخيرة لتجنيب الوطن الانقسام وتلافي أي مخاطر أو اضطرابات إذا قرر اتخاذ مبادرة سياسية تتضمن خطوات صريحة بلا لبس أو تردد، يعلنها في خطاب علني مباشر للشعب. ومنها: تشكيل لجنة من 10 شخصيات عامة وقانونية مشهود لها بالنزاهة، لم تشارك في أعمال الجمعية التأسيسية السابقة، لاقتراح ومراجعة التعديلات الدستورية الكفيلة بإحداث القدر الغالب من التوافق العام وإنهاء أزمة الخلاف الدستوري. وتكليف شخصية عامة أو تكنوقراطية متميزة، من خارج إطار أحزاب السلطة الحالية، بتشكيل حكومة تآلف وطني من أعلى الكفاءات المتاحة، لتجمع حولها المصريين وتواجه بجدية المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة، وتكون قادرة على اتخاذ القرارات الصعبة التي قد تكون ضرورية للخروج بالبلاد من المنعطف الحالي، وتمهد لانتخابات مجلس النواب القادم في مناخ وطني مستقر. كما دعا الحزب النائب العام طلعت عبدالله للاستقالة ودعوة النائب العام السابق عبدالمجيد محمود للاعتذار عن تنفيذ الحكم الصادر لصالحه، ودعوة مجلس القضاء الأعلى لترشيح نائب عام جديد. وطالب البيان، رئيس الجمهورية بأن يصبح رئيسا لكل المصريين بلا تمييز، وأن يتعهد بعدم "أخونة الدولة" وتعيين كافة القيادات في الجهاز الإداري والمحليات والمؤسسات وفقا لمعيار الكفاءة وحده. كذلك تأكيد الرئيس إلتزامه والحكومة الجديدة بمنح الأولوية للبرامج والسياسات الهادفة لتحقيق العدالة الاجتماعية والحفاظ على كرامة المواطنين وتمكين الشباب. في ذات السياق، كشفت أنباء، عن تبنى بعض السياسيين والقيادات بجبهة الإنقاذ، مبادرة مشروطة للخروج من عنق الزجاجة الراهن، يتم بمقتضاها إعلان الرئيس محمد مرسي عن إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، مقابل بقائه لمدة عام جديد ليكمل عامين من مدته الرئاسية، يتعهد خلالها بإعادة الهدوء إلى الشارع. وبينما أشارت مصادر اخرى إلى رفض قاطع من أغلبية قيادات الجبهة، أكد العضو المؤسس بحزب الدستور الذي يرأسه الدكتور محمد البرادعي أحمد عبد الفتاح، "إن المبادرة تم طرحها من قبل عدد من السياسيين بالتوافق مع بعض قيادات الجبهة ولكن الغالبية العظمى ترفضها وتصر على رحيل مرسي". بالمقابل، وفيما رفض أشرف جاب الله، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين الفكرة معتبرًا أنها من المبادرات الغريبة، وقال: "لا يمكن بحال من الأحوال أن يدعو الرئيس لانتخابات مبكرة قبل إتمامه مدة الأربع سنوات".. اعترف المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، الدكتور أحمد رامي، بالاتصالات، وقال: "هناك اتصالات مع أطراف بجبهة الإنقاذ من أجل فتح قنوات للحوار، لكن لم نصل لجديد حتى الآن".. لكن الدكتور محمد المصرى، عضو مجلس شورى الجماعة، وصف المطالبة برحيل مرسى "مراهقة سياسية". في غضون ذلك، حذرت منظمات حقوقية، من تصاعد حدة التصريحات، من عدد من الأطراف السياسية بشأن مظاهرات 30 يونيو. وطالبت، تأكيدا على حق التظاهر السلمي والدفاع عن حرية الرأي والتعبير، بضرورة أن تكفل الدولة للمتظاهرين حق التجمع والتعبير عن آرائهم، دون حجر من احد أو ملاحقة من تيارات بعينها. وأكد البيان الصادر لعدد من المنظمات الحقوقية، ضرورة أن تستمع الرئاسة لمطالب المحتجين، ومواجهة التحديات التي يتعرض لها الأمن القومي المصري. وحملت المنظمات الرئاسة المصرية مسؤولية الحفاظ على حق المتظاهرين، في الدفاع عن مطالبهم المشروعة، ومن التعرض لهم ونزع فتيل الحرب الأهلية. هذا وقد شهدت أروقة وزارة الداخلية المصرية العديد من الاجتماعات المتواصلة لبحث آخر الاستعدادات لمظاهرات 30 يونيو. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط، نقلاً عن مصادر أمنية رفيعة المستوى بوزارة الداخلية إنه تم رفع درجة الاستعدادات داخل كل قطاعات الوزارة إلى الحالة (ج)، ابتداءً من، الأربعاء المقبل، وتقرر إلغاء كل الراحات للضباط والأفراد والمجندين، ورفع درجة الاستنفار الأمني، خاصة في المحافظات التي من المتوقع أن تشهد مظاهرات حاشدة مثل القاهرة والجيزة والإسكندرية والسويس وبورسعيد والغربية والمنوفية، بالإضافة إلى إمكانية الاستعانة ببعض الضباط من مديريات الأمن بالمحافظات الهادئة، للدفع بهم بالمحافظات الملتهبة خلال التظاهرات، على حد قول المصادر. وأكدت المصادر الأمنية أن الوزارة وضعت عدة سيناريوهات لتأمين المتظاهرين السلميين خلال التظاهرات: السيناريو الأول يتعلق بسير المظاهرات في الإطار السلمى، مشيرة إلى أن قوات الشرطة ستؤمن المتظاهرين عن بعد من خلال نقاط ارتكازات أمنية بالمحاور الرئيسية، دون تواجد أي شرطي في مسارات المتظاهرين، لضمان عدم الاحتكاك بين الجانبين. أما السيناريو الثانى فيتعلق ببدء المظاهرات في إطار سلمي، ثم تحولها كما حدث في العديد من المظاهرات السابقة مع حلول الليل إلى أعمال تعدٍ بالمولوتوف والحجارة على بعض المنشآت المهمة والحيوية من قبل بعض الصبية، مشيرة إلى أن قوات الشرطة ستلتزم بضبط النفس ومحاولة إعطاء المعتدين فرصة للتراجع عن اعتداءاتهم، وفي حال استمرارهم ستقوم القوات بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع بالقدر الذي يكفي لوقف تلك الاعتداءات وإبعادهم عن المنشآت، وضبط ما يمكن أن يتم ضبطهم، كما أوضحت المصادر. وأضافت المصادر الأمنية أن السيناريو الثالث هو الأصعب بالنسبة لقوات الشرطة، وهو المتمثل في حدوث تصادم أو اشتباكات بين المتظاهرين المعارضين للنظام والمؤيدين له، مشيرة إلى أن صعوبته تكمن في كيفية دخول قوات الشرطة بين الطرفين للفصل بينهما وفض هذا الاشتباك، نظرًا لأنه في حال دخولها من ناحية المتظاهرين المعارضين فسيظن المتظاهرون المؤيدون أن قوات الشرطة مع المعارضين والعكس صحيح، على حد قول المصادر. وأشارت المصادر الأمنية إلى أنه بالنسبة لتأمين المنشآت المهمة والحيوية، فتم التنسيق مع القوات المسلحة لتأمين تلك المنشآت على مدار ال24 ساعة، ومن بينها مجلسا الشعب والشورى، ومجلس الوزراء، ومبنى اتحاد الاذاعة والتليفزيون، والبنك المركزي، ومحطات الكهرباء والمياه الرئيسية، ومدينة الإنتاج الإعلامي، لضمان عدم محاولة البعض لاقتحامها أو التعدي عليها. وأوضحت المصادر أن اللواء محمد إبراهيم أصدر توجيهات مشددة بتأمين كل السجون والليمانات على مستوى الجمهورية. وأضافت المصادر أن خطة وزارة الداخلية لتأمين مظاهرات 30 يونيو لم تغفل المحافظات الحدودية، مشيرة إلى أنه سيتم تشديد الإجراءات الأمنية على كل المعابر من وإلى سيناء بمدن القناة الثلاث، لمنع دخول أي عناصر أجنبية إلى البلاد بطريقة غير شرعية، خلال التظاهرات ومن بينها نفق الشهيد أحمد حمدي، وكوبري السلام، ووقف العمل بجميع المعديات بقناة السويس، ونشر العديد من الأكمنة الثابتة والمتحركة بمحافظتي شمال وجنوب سيناء، لمواجهة أي محاولات لاستغلال تلك التظاهرات في القيام بأي أعمال إرهابية أو تخريبية. وأكدت المصادر الأمنية أنه تقرر الدفع بحوالي 200 ألف من رجال الشرطة لتأمين المظاهرات بمحافظات الجمهورية، يشملون ضباطًا وأفرادًا وجنودًا من إدارات البحث الجنائي، والنجدة، والمرور، والأمن المركزي، والحماية المدنية، من بينهم 220 تشكيل أمن مركزى و100 تشكيل احتياطي، بالإضافة إلى عشرات المدرعات الحديثة ذات "البرجين".