التاريخ هو اكبر مدرسه لتعلم تصحيح الاخطاء وللتاريخ ابواب كثيرة ومتنوعة من الاحداث والأخطاء التي ارتكبتها كثير من الامم والقادة ويمكن التعلم من تلك الاحداث حتى لاتتكرر , ولكن على ما يبدوا ان الاخوان المسلمين لايقرأون التاريخ بل يسيرون قدماَ وبنفس السلبيات والعقليات القديمه دون الاعتبار من الماضي في اصرار ناقص التفكير وغريب التحرك . و كأن السيد قطب لازال بينهم و يردد نفس الكلام الطائفي ويحرض على العنف ومحاربة الدوله في شكل انتحار سياسي معروف النتيجة ومخالف لإرادة الشعب وتطلعاته , فبرغم الخروقات الضخمة التي ارتكبتها حكومة الاخوان بعد تولي السلطة في الجانب الداخلي والخارجي من قبلهم إلا انهم كانوا يصرون على سياسة الاخطاء المتعمده ابتداء من سياسة التعيينات الاخوانيه وحتى صرف جوازات دبلوماسيه لأعضاء الجماعه الكثير منهم لايفقه شيء في الدبلوماسيه حتى انه تم صرف اثنا عشر الف تصريح حمل سلاح لأعضاء الجماعه وكل هذا السلوك الغير مبرر تحت شعار ان مرسي وصل الى السلطة عن طريق الانتخابات الحرة ولهم الحق في اليد الطولى في كل شيء وإقصاء كل من يعارض سلوكهم وتناسوا ان هتلر ايضا ترشح للرئاسة وفاز بالانتخابات وارتكب اخطاء ادت الى تدمير المانيا بسبب الايدلوجية الاقصائية .
الحكومه المصريه عملت جاهده منذ عزل مرسي وبداية حركة الاعتصامات في رابعة العدويه والنهضة لحل الخلافات السياسيه عن طريق الحوار ووضعت امام الاخوان المسلمين 8 مبادرات لحل ألازمه في البلاد وفض الاعتصامات بطريقه سلميه ولكن تلك المبادرات قوبلت بالرفض وبمواصلة التحريض على العنف ومحاولة جر الشعب المصري الى دوامة العنف الطائفي وقد شاهد الملايين من الناس في مصر وخارجها وهم يدعون الى الدفاع عن الشرعيه حتى بالموت وهو مايعني اعطاء الضوء الاخضر لأعضاء الجماعه بممارسة العنف والقتل في حال شرعت الحكومة في فض اعتصاماتهم و نسى اعضاء الجماعه في نفس الوقت ان الاعتصامات هي ظاهره مؤقتة للتعبير عن الرأي امام الدوله وتحولت اعتصاماتهم الى بؤر للتحريض والتحشيد ضد كل من يعارض الاخوان .
وتراجعت مستوىات الحركة ألاقتصاديه في مصر واشتد عود الجريمة المنظمه وتهريب السلاح وانتشار الجهاديين في سيناء ودخل الامن القومي المصري في منعطف خطير جدا الامر الذي اجبر الحكومة ان تتخذ قرار بفض الاعتصامات وكان القرار صعب على الحكومة كون الاخوان زجوا بالأطفال في مخيمات الاعتصامات وخوف الحكومة من استخدامهم كدروع بشرية ولم ينظر الاخوان في مصر كيف تعامل مثلهم الاعلى وزعيم التنظيم الدولي للإخوان السيد اردوغان مع المعتصمين في ساحة جيزي في اسطنبول قائلا إن صبره "بدأ ينفذ وان أجهزة الأمن ستتعامل معهم في حال امتنعوا عن ذلك , ومعروف ان اجهزة الامن التركية لم تفض الاعتصامات هناك بالورود والقُبل وإنما بالقوة .
المخيف في تحرك الاخوان في مسرح الاعتصامات كان مسلسل التحريض الطائفي ضد كل من يعارضهم وخاصة الشيعه والأقباط فقد تم حرق الكنائس ومحلات الاقباط ومهاجمة مساكن الشيعه وقتل البعض منهم, والعجيب ان بعض القنوات العربية والأقلام المأجورة كانت تشجع على تأجيج العنف الطائفي في المجتمع المصري احياناً بطريقه مباشره وأحينا اخرى بطرق ملتوية ولكن الغريب ان تسقط هامات اعلاميه في مستنقع دعم الفوضى في مصر وضد ارادة الشعب مثل قلم الدكتور فيصل القاسم الذي كتب مقاله بعنوان الفرق بين العلمانيين والعلمانجيين قائلاً( الفرق بين العلماني الغربي و"العلمانجي" العربي أن الأول عمل على فصل الكنيسة عن الدولة، لكنه في الوقت نفسه أعطي وضمن كامل الحرية للدين والمتدينين بأن يمارسوا حياتهم على أكمل وجه في المجتمع دون أي قيود أو مضايقات، أما "العلمانجي" العربي فقد ناصب الدين والمتدينين العداء من اللحظة الأولى، وراح يعمل بطريقة فاشية حقيرة موتورة حاقدة على استئصالهم واجتثاثهم من المجتمع ) .
كان الاجدر بالدكتور فيصل ان يعرف ان العلمانجي العربي لم يناصب العداء للمتدينين وإنما الاخيرين هم من يناصبون العداء لكل من يقف ضدهم او يخالف افكارهم وعلى مر التاريخ وان الجماعات الجهادية خُلقت من داخل الاخوان المسلمين , في مصر مثلا كم قتل هولاء المتدينين من زعامات ومفكري مصر وكم من شخصيات سياسيه على لائحة التكفير وإقامة الحد لديهم , و في تاريخ اليمن القديم والحديث كم من كوادر الحزب الاشتراكي اليمني والناصري والأحزاب اليساريه الاخرى تم تصفيتهم على يد المتدينين وبفتاوي رسميه يعج بها الانترنت والصحافة , ولانذهب بعيد الثوره السوريه في بلد مسقط رأس الدكتور فيصل ماذا يعمل الجهاديين ومن على شاكلتهم هناك باسم الدين وفي العراق كذلك وفي تونس الثوره , شهداء ما بعد ثورات الربيع العربي شكري بلعيد ومحمد البراهمي على يد من قتلوا ؟ سؤال اعتقد ان الاجابه عنه يعرفها حتى الطفل العربي.
البارادوكس في مقاله الدكتور فيصل القاسم هو حالة التسويق الغير منطقي والغير شرعي والغير انساني لفكرة ان المتدينين هم الضحايا دائما حتى وهم في السلطة يمارسون الحكم وأجهزة الدوله في ايديهم وفي المعارضه كذلك وهم يمارسون السياسة والعنف باسم الدين هي فكرة تحويل الخصم المتدين الى ضحية دائمة فاقدة الامل في لغة الحوار لان العلمانيين العرب يعادونها وتناسى الدكتور ان اقلام العلمانيين العرب ايضاَ دعمت حركات المقاومه الاسلامية مثل حماس وحزب الله ولكن في الحقيقة ان جوهر المقاله هو محاولة تشويش الفكر العربي وتسويق اجندات واضحة لجهات دائما ما تطبق المثل القائل خالف تعرف تلعب بالنار وتمارس دور اكبر من حجمها لتبرز على الساحة العربية كدوله ذات تأثير وثقل سياسي يحسب له .
ويتسأل الدكتور فيصل لماذا يسمح العلماني الغربي للتوجهات الدينية بأن تمارس السياسة بينما يعمل العلمانجي العربي على إقصاء الدين والمتدينين من الحياة العامة ؟ الدكتور فيصل هو ذاته يعرف ان الدين و الاحزاب الدينيه في اوروبا قائمه على التسامح والخير للأخر ولا تفكر في عقلية هذا مسلم وهذا ناقص دين ولا تستخدم السكين إلا في المطابخ المنزلية العلمانيين في اوربا يتعايشون مع رجال دين وقاعدة شعبيه متدينة متعلمة ومتحضرة تقبل الاخر ولاتكرهه الاوربيين بنوا دولة القانون بعد ان فصلوا الدين عن السياسة.
ولم يلاحظ الدكتور فيصل ان كثير من رجال الدين المسلمين حينما يهربون حتى من دول نظامها السياسي اسلامي بحت فهم لايهربون لان العلمانيين هناك يمنعونهم من ممارسة الدين وإنما رجال الدين هم منقسمون على انفسهم ويقتلون بعضهم بعض من اجل السلطة ولايسمحون للأقلام الحرة العلمانيه وغيرها من الكتابه والتعبير عن نفسها لأنها تخاف من الاقلام العلمانيه لأنها تحارب بالكلمة كما حاربوا من قبل فلاسفة ومفكرين اوروبيين تسلط الكنيسة مثل فولتير وجان جاك روسو وديفيد هيوم رواد عصر التنوير في اوربا .
عصر التنوير وما أنتجه من أفكار وضعية وعقلانية ملهماً لعدد من الثورات الاجتماعية والسياسية شهدتها أوروبا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أسفرت عن قيام الدولة الحديثة , وقيام جيش كمؤسسة قوية ومتمتعة باستقلال نسبي وسيادة جو من العقلنة في التنظيم.
وقد سادت في هذه الدولة أنظمة سياسية بديلة من أنظمة القرون الوسطى، بحيث قامت هذه الأنظمة بانتزاع الصفة الإلهية عن سلطة الملوك والبابوات فاصلة الدين عن الدولة وكانوا دائما ما يحذروا من الطاعة العمياء لرجال الدين كما طالبوا بتقوية المعرفة لأنها مصدر القوة.
الدكتور فيصل تناسى ان الانظمة العلمانيه العربية الاستبدادية السابقه لم تمنع ممارسة الشعائر الدينيه ولكن الكثير من رجال الدين العرب اضطر للهرب الى اوربا ليس هرباً من بطش الانظمة ولا حباً في اوربا وإنما بعيداً عن القتل على الهوية الدينيه هذا سني وذاك شيعي الهواية المفضله الذي تمارسه الجماعات الدينيه .
الربيع العربي بالفعل أماط اللثام عن الكثير ممن كانوا يدعون العلمانية والليبرالية في العالم العربي وهذا ليس فقط وإنما كشف الوجه الجاهل العنيف للتيارات الاسلامية في العالم العربي في مصر و اليمن وليبيا وسوريا وتونس الموضوع ليس في العلمانيين العرب فهم ايضاَ بشر ويخطئون و انما في الذي يستخدم العنف و الدين ويلفه بحزام ناسف و يقتل مسلم مثله و تركيا الذي يمدح الدكتور فيصل القيادات الاسلامية وحكمها فيها هي دوله علمانيه بإدارة دستور علماني الماده الثانيه فيهل تقول ( جمهورية تركيا هي دولة ديمقراطية وعلمانية واجتماعية تحكمها سيادة القانون ؛ وتضع في اعتبارها مفاهيم السلم العام ، والتضامن الوطني والعدالة ؛ واحترام حقوق الإنسان ؛ والولاء لقومية أتاتورك بينما تقول الماده الرابعة فيه (لا يجوز إلغاء أو تعديل الحكم الوارد في المادة 1 من الدستور الذي يصف شكل الدولة بوصفها جمهورية ، وكذلك الحكم الوارد في المادة 2 عن خصائص الجمهورية ، وكذلك الوارد في المادة 3 ، ولا يجوز اقتراح تعديل أي منها.
كنت اتمنى من الدكتور فيصل ان يعمل على الكتابه بمهنيه صحفيه ويعمل على الفصل بين مصلحة الشعوب وبين مصلحة الحاكم بمصداقية وهو الذي يعرف اكثر من غيره ما معنى النفاق الصحفي وانتقد الكثير من زملائه الذين قال عنهم لاعقي أحذية الطواغيت الساقطين والمتساقطين ولم يكتب شيئا عن لاعقي احذية الشيوخ والأمراء .
في الاخير لابد من القول ان دون الامن القومي للبلد لا يمكن ان يكون هناك استقرار سياسي واقتصادي وان هناك زعامات من الاحزاب الدينيه فاشلة بامتياز مثلها مثل زعامات فاشلة من بقية الاحزاب العلمانيه والليبرالية واليسارية والقومية وغيرها وان هناك ميادين صحفيه تمارس فيها الاعدامات للعقل العربي وبشكل يومي ومدروس وان اشد الاعدامات قسوة وألم هو اعدام الفكر والضمير لأن سكراته اقسى من سكرات الاعدام الجسدي .