( كنتُ أدري .. ما على ردفان يجري .. كنتُ أدري .. أن إخواني و أهلي .. أذرعٌ تحتضن النورَ و أرواحٌ تصلي .. في طريق الراية الخضراء و الشمس الأسيرة .. وربيعٍ ذات يومٍ كان في شبه الجزيرة .. ترضع الدنيا شذاهُ و عبيره ....).
(محمد عبده غانم)
ستة وأربعون عاماً مضت على رحيل آخر جندي بريطاني و أكثر من نصف قرن من الزمان , على الشاعر عبده عثمان , وهو يعلم ما يجري و يعتمل على جبال ردفان .
و على الرغم من كل ذلك , مازالت الحكومات العربية تعلق فشلها في إدارة الدولة و توجيه دفة سفينتها إلى بر الأمان , على شماعة الاستعمار و أعوانه .
فهو سبب في تخلفنا و فسادنا , و سبب في فشل التعليم و الرياضة و في هزائم منتخباتنا , و جفاف الآبار و المعايين . أكثر من خمسين عاماً و شعوبنا العربية تعيش تحت تأثير خدر الثورات ,لتصحو منه على دوي ثورات جديدة , تدعو إلى الحرية و الكرامة و الانعتاق و .. و ترفع شعارات قديمة جديدة , أو جديدة قديمة .
أ بعد أن وهن الوطن و اشتعلت الأحلام شيبا ؟؟!! أبعد هذا العمر المديد في عسل الثورات أو وهمها , تشتعل الثورات الجديدة من جديد لترمم أو تدك القديمة ؟؟.
و تبرز على أنقاضها شماعة جديدة بعد إحالة القديمة على المعاش تتحمل كل الأخطاء الجديدة , اسمها بقايا النظام .
فأول مشروع للحكومات العربية الجديدة , هو بناء و إقامة هذه الشماعة , و بقدرة تحمّل كبيرة , تتحمل حتى الزلازل و الأعاصير .
فحين انتصرت الثورات , و أعلنت شقيقاتها العربيات استقلالهن , بين عقدي الخمسينيات و الستينيات , تنفس الفلسطينيون الصعداء , و تأملوا في القادم خيرا , و أنه لن يمضي يوم و ليلة إلا و يكون حالها كحالهن .
لكن الأيام تمضي و الليالي , و لا جديد تحت شمس العرب , إلا الشجب و التنديد و الإدانة .. وتجد أخواتها قد انشغلن عنها بصراعات جانبية , و قضايا هامشية .. و اليوم بثورات ربيعية جديدة .
و من يدري يا فلسطين , فقد تحتاج الثورات إلى ثورات , و الحكومات إلى شماعات و ليس في الإمكان أبدع من الشجب و الاستنكار والإدانات فصبراً فلسطين !!!