أكد الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن، أن قضية اللاجئين هي قضية إنسانية وسياسية وإجتماعية وقانونية..، تستدعي من المجتمع الدولي أن يقف أمامها بجدية ومسئولية أكبر للتخفيف من ألام ومأساة مغادرة اللاجئين لأوطانهم بسبب ظروف قهرية عديدة..، حاثاً على العمل على سن قوانين دولية لحماية اللاجئين وتوفير ظروف معيشية مناسبة لهم. ورد ذلك في الكلمة التي ألقاها اليوم في فعاليات الندوة العلمية عن "اللاجئين في أحكام القانون الدولي والتشريعات الوطنية"، التي نظمها مركز شئون اللاجئين في كلية الحقوق بجامعة عدن، بالتعاون مع مكتب منظمة الأممالمتحدة لشئون اللاجئين في عدن. وتطرق الأخ رئيس جامعة عدن في كلمته إلى أبرز قضايا اللاجئين التي يشهدها عالمنا العربي وأهمها قضية اللاجئين الفلسطينيين واللاجئين الصوماليين..، وكذا قضايا اللاجئين التي نتجت عن الأزمات السياسية والإجتماعية التي عصفت بعدد من الدول العربية كالعراق وسوريا وليبيا..، منوهاً إلى حالات اللجوء الداخلي في اليمن جراء الأعمال المسلحة بمحافظتي أبين وصعدة.
وأعرب عن تعاطفه الشديد مع كل اللاجئين في بلادنا وفي الدول العربية والعالم..، نتيجة لما يتعرض له اللاجئين من تشريد وبعُد عن منازلهم وأوطانهم، وكذا لهشاشة بعض القوانين الدولية التي تغمط حقوق اللاجئين وأوضاعهم الصعبة، وضعف التضامن الدولي والواجب الانساني تجاه هذه الفئة من البشر التي أجبرتهم ظروف بلدانهم إلى اللجوء خوفاً على حياتهم. وأشار الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور أن تبني الأممالمتحدة لقضية اللاجئين فإنها تتبناها لمعاني إنساني سامية والتزاماً اخلاقيا وإنسانيا تجاههم..، لافتاً إلى مايلاقيه العديد من اللاجئين العرب والفارقة من مخاطر الموت والغرق في بحار وشواطئ البحر الأبيض المتوسط وسواحل اندونيسيا واستراليا أثناء رحلتهم للجوء من أوطانهم إلى بلدان أوروبا واستراليا. وقال: " نحن نشهد حالياً معضلة كبيرة تؤثر على تعايش الانسانية وانسجامها وتوائمها، فالله سبحانه وتعالى خلق العباد ليتعارفوا ويتعايشوا بسلام وتعاون وليس للتصارع والتنابذ وتقسيم وفرز الناس بحسب الأهواء والأعراق والمذاهب". ودعا الأخ/رئيس جامعة عدن، إلى نشر وتعزيز قيم التعايش والتسامح بين البشرية، للحد من ظاهرة اللجوء والمساهمة مع جهود منظمة الأممالمتحدة لنشر رسالة التعايش والتعاون..، مشيراً أن كلية الحقوق بجامعة عدن افتتحت مؤخراً مركزاً يعنى بشئون وأحوال اللاجئين ليشكل رافد للبحث العلمي لمشكلات اللاجئين وقضاياهم وتقديم الحلول والمعالجات الناجعة لها، ولتأكيد اهتمام جامعة عدن بقضية انسانية مهمة هي قضية اللاجئين. من جهته قال الدكتور/عبدالوهاب شمسان الحكيمي عميد كلية الحقوق بجامعة عدن، إنه في الوقت الذي وصل فيه الانسان إلى الفضاء الخارجي وإكتشاف كواكب جديدة في هذا الكون، نجد انه لازال هذا الانسان الغريب العجيب يكيل المصائب على نفسه وعلى غيره، فالحروب لازالت قائمة والنزاعات لازالت مستعرة، وأثارها في تزايد مستمر الأمر الذي يجعل الانسان يسعى ويجتهد في البحث عن ملجأ آمن لحياة سعيدة ومستقره لنفسه. وأفاد أن إكتشاف الانتهاكات التي تعرضت لها حقوق الإنسان منذ قيام الحربين العالميتين الأولى والثانية حتى اليوم عن الارتباط الوثيق القائم بين نظام حق الملجأ وحماية حقوق الانسان..، مشيراً أن التطورات الحديثة التي يشهدها القرن الحادي والعشرون في مجال مشكلة وحماية اللاجئين تشير جميعها إلى وجود اتجاه وان كان بطيئا ولم يبلغ غايته بعد نحو اعتراف القانون الدولي بحق الأفراد في الحصول على الملجأ بحيث يمكن فرضه على الدول. وتطرق الدكتور/عبدالوهاب شمسان الحكيمي إلى التدفق الدائم وغير المنقطع للاجئين إلى اليمن سواء استخدامها كمنطقة ترانزيت توجهها نحو دول الخليج أو البقاء فيها..، منوهاً أن احصائيات المنظمة الدولية للامم المتحدة لشئون اللاجئين سجل العام الماضي لجؤ 107,500 لاجئ ممن قدموا إلى البلاد بحثا عن العمل في الخليج أو اللجوء في اليمن التي وصل عدد اللاجئين فيها أكثر من مليون لاجئ. وأضاف: أن الجمهورية اليمنية قامت وتقوم بواجبها الإنساني تجاه اللاجئين رغم ظروفها الاقتصادية الصعبة..، منوهاً أن مركز دراسات شئون اللاجئين في كلية الحقوق بجامعة عدن بفضل الدعم والمساندة اللامحدودة من قبل الدكتور/عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس الجامعة، وكذا الدعم والتعاون مع المنظمة الدولية للامم المتحدة لشئون اللاجئين ومكتبها بعدن، لن تألوا جهداً في العمل على إعداد الدراسات الضرورية التي ستجيب بل وستبرز تلك الأسباب والعوامل والخلفيات الأساسية والاجتماعية وغيرها التي لها الأثر الكبير على إزدياد اللاجئين سواء من القرن الإفريقي أو غيرها من البلدان. من جهته عبر الأستاذ/محمد أحمد صالح الدنبع مسئول مكتب المفوضية السامية لغوث اللاجئين في مدينة عدن، عن تطلع مفوضية اللاجئين إلى المزيد من علاقات التعاون المشترك مع جامعة عدن، ممثلة بكلية الحقوق ومركز دراسات شئون اللاجئين، لتنفيذ أبحاث علمية ودراسات عن النزوح القسري واللجوء والوضع القانوني والإنساني للاجئين. وذكر ان المفوضية السامية للامم المتحدة ستتقدم خلال هذه الندوة ببحث عن عناصر وأشكال الحماية الممنوحة للاجئين، وكذا الولاية الممنوحة لهم عالمياً من قبل المجتمع الدولي والذي تعد اليمن أحد مكونات هذه الأسرة الدولية. ونوه أن هذه الندوة تشكل خطوة مهمة للمشاركة بالمعلومات والخبرات لقضايا اللاجئين وأولوياتهم وأهمية الحماية القانونية لهم التي سيتعرف المشاركون في هذه الندوة عليها. وفي ختام كلمته عبر عن شكره لرئاسة جامعة عدن وعمادة كلية الحقوق، ولكل من ساهم في الاعداد والتحضير والعمل في هذه الندوة وبذلوا الجهود الكبيرة والمضنية في الاشراف المباشر على نشاطات مركز دراسات شئون اللاجئين والنازحين وأسهم بتحويل فكرة المركز إلى برنامج عمل في قضية تعد من أهم القضايا التي تعاني منها البشرية. إلى ذلك فقد صدر عن المشاركين بفعاليات الندوة بيانا ختاميا فيما يلي نصه: البيان الختامي مواكبة لإحتفالات كلية الحقوق جامعة عدن الذكرى الخامسة والثلاثين لإنشائها التي تصادف هذا العام 2013م, وبرعاية كريمة من أ.د.عبدالعزيز صالح بن حبتور رئيس جامعة عدن وبالتعاون مع المنظمة الدولية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين, عقدت الندوة العلمية حول "اللاجئين في أحكام القانون الدولي والتشريعات الوطنية" التي شارك فيها نخبة من أعضاء الهيئة التدريسية في الكلية وجامعة عدن إلى جانب باحثين متميزين من خارجها, بأوراق عمل علمية قيمة شملت جملة من القضايا التي تمحورت حول اللجوء وحق الملجأ وحماية حقوق الإنسان والوضع القانوني لللاجئ وغيرها من المواضيع الرصينة . هذا وقد كان للحضور الرائع في فعاليات الندوة الأثر الكبير في إغناء الأوراق العلمية, سواء من خلال التعقيبات أو الإستفسارات أو المناقشات الجادة، والتي أعطت بل وعكست بمجملها صورة حية لمدى الأهمية التي إكتسبها ويكتسبها موضوع الندوة بإعتباره من المواضيع الإنسانية الهامة التي تحظى بالإهتمام الكبير ليس فقط من قبل قيادة جامعة عدن ممثلة بالأستاذ الدكتور/ عبدالعزيز صالح بن حبتور أو من قبل مركز دراسات شؤون اللاجئين في كلية الحقوق- جامعة عدن, ولكن إتضح أن هناك جهات أخرى تهتم بهذا الموضوع لها علاقة به وكان لها حضور فاعل في هذه الندوة. ولعل هذه الندوة وإنعقادها في هذه الظروف الوطنية والإقليمية والدولية المعقدة تأتي وقد بات وشيكاً أن تصل مشكلة اللجوء إلى حد أصبحت مثاراً بين الدول أجمع, ومخاوف مما سيحل بالإنسانية من كوارث يسبب تزايد الأعداد النازحة من بلدانها هرباً من ويلات الحروب أو مما تتعرض له ليس من دمار مادي يحل بممتلكاتها فحسب, وإنما تجاوز هذا الدمار إلى دمار جسدي يستحوذ ليس على حياة الشعوب، بل يتعدى ذلك إلى حقوق الإنسان وحرياته, ومنها حقه في الحصول أو الإنتقال إلى ملجأ آمن يستقر فيه ويعيش ويمارس حياته بصورة طبيعية. هذا وقد خرجت الندوة كإستخلاص لمداولاتها التي استمرت على مدى يومين متتاليين بالتوصيات الأتية: 1.ضرورة تغيير الوضع القائم في القانون الدولي المعاصر من خلال التوصل إلى إتفاقية دولية تعترف للفرد بحق الحصول على الملجأ وتراعي في نفس الوقت حماية المصالح الحيوية للدول. 2.التأكيد على أن منح حق اللجوء يعتبر واجباً إنسانياً أساسياً على الدولة المضيفة, مثله مثل تقديم المساعدة لشخص في خطر أو المساعدة في إنقاذ غرقى في البحر... إلخ , وهو واجب عالمي طبقاً للقانون وينفذ على الجميع دون تفرقة. 3.أحقية طلب اللجوء للإنسان اللاجئ حتى ولو كانت تبعيته لدولة تقع في عداء مع دولة الملجأ, وذلك إنطلاقاً من الطابع السلمي والإنساني لمسألة منح الملجأ. 4.بما أن هناك لجوء إقليمي بسبب النزاعات والحروب التي تجتاح بين وقت وأخر الدول العربية حيث الأوضاع السياسية والعسكرية مهيئة لتدفق مئات الألاف من اللاجئين الجدد من وإلى الدول العربية, لذا فهناك حاجة إلى إبرام إتفاقية عربية مماثلة للإتفاقية الدولية لللاجئين. 5.عدم جواز طرد اللاجئ أو رده إلى حدود إقليم الدولة المانحة اللجوء , حيث تكون فيه حياته معرضة للخطر وحريته بسبب دينه أو جنسيته أو أرائه السياسية. 6.التزام دولة الملجأ بإنشاء نظم للجوء التي من شأنها أن تحدد من هو اللاجئ ومن الذي لا يستحق الحماية. 7.دعم اليمن لكافة الوسائل الممكنة لتتمكن من القيام بواجبها الإنساني تجاه اللاجئين المتواجدين في أرضها. 8.تقديم الدعم والمساندة اللازمين لمركز دراسات شؤون اللاجئين في كلية الحقوق- جامعة عدن ليتمكن من القيام، بمهامه المتاحة به في وضع الدراسات اللازمة في قضايا اللاجئين. 9.إعادة تعريف اللاجئ الفلسطيني من قبل وكالة الغوث بحيث يجرى التأكيد على أن اللاجئ هو من هجر قسراً من قبل الكيان الصهيوني في حربي 1948م- 1967م وكل ذريته لاجئين، وليس كما هو مطروح من قبل الكيان الصهيوني أن صفه اللجوء فقط لمن تم إحصائهم من قبل وكالة الغوث في حينه.
وعليه نجدها مناسبة هنا للقول بأن مشكلة اللاجئين ليست مشكلة طارئة كما بظن البعض, فالتجارب العربية تحديداً والتجربة اليمنية على وجه الخصوص, تؤكد لنا بأن مشكلة اللاجئين من المواضيع الثابتة والمستمرة حيث أن أعداد اللاجئين أصبحت في إزدياد يوماً بعد يوم وبحاجة إلى وقفة جريئة وعادلة لحمايتهم سواء أكانوا من العرب أو من غيرهم. حضر فعاليات الندوة وجلساتها الافتتاحية والختامية الدكتور/عبدالوهاب شمسان الحكيمي عميد كلية الحقوق، والدكتور/خالد عمر باجنيد مستشار رئيس الجامعة، والدكتور/حسين عبدالرحمن باسلامة عميد كلية الآداب السابق، والدكتور/محمد رجب أبو رجب ممثل منظمة التحرير الفلسطينية بعدن، والأستاذ/حسين حاجي القنصل الصومالي بعدن، وعدد من نواب عميد كلية الحقوق ورؤساء الأقسام العلمية وأساتذة الجامعة وحشد من الأساتذة والطلاب والمهتمين. من/نصر باغريب: