أولا – المحيط الإقليمي العربي . لقد شاب الموقف لدول المحيط الإقليمي العربي كثير من الحذر والترقب المحكوم بإيديولوجيات وفلسفات مغايره تماما لأهداف حركة التحرر الجنوبية وبالإمكان رؤية ذلك من زاويتين . - دول مجلس التعاون الخليجي ذات الأنظمة الملكية - الدول العربية ذات الأنظمة الجمهورية 1- دول مجلس التعاون الخليجي كثير ما أثيرت مواضيع هي محل جدل حول إمكانيات وقدرات دول مجلس التعاون الخليجي في التأثير في مجريات الأوضاع في محيطها العربي ومن المواضيع المثيرة للجدل موضوع العلاقات الخليجية مع دولة الاحتلال اليمنية . هذه الأخيرة التي ضلت ولفترة طويلة مصدر إزعاج لدول مجلس التعاون الخليجي بسبب ممارستها الابتزاز السياسي والاقتصادي في مواجهه انصياع تام من قبل دول المجلس . فعلى المستوى السياسي تحضي الجمهورية العربية اليمنية بتأييد مطلق من قبل دول المجلس رغم مواقفها العدائية العلنية لدول المجلس وخير شاهد على ذلك تحالف الجمهورية العربية اليمنية مع العراق في اجتياح دولتين من دول المجلس وهي دولة الكويت وجزء من المملكة العربية السعودية كجزء من مخطط لاحتلال الخليج العربي والجنوب العربي . وهي مواقف تنم عن وقوع دول المجلس تحت وطاءه الابتزاز السياسي . إما على المستوى الاقتصادي فقد حصلت الجمهورية العربية اليمنية على دعم مالي سنوي يغطي الموازنة ألعامه للدولة وأكثر من ذلك . وقد صرح بذلك مندوب المملكة العربية السعودية في مؤتمر المانحين الذي انعقد في لندن 2009 وذكر مئات المليارات من الدولارات تم تقديمها لليمن وقال عبارته المشهورة – التي شبه فيها السلطة الحاكمة في صنعا بالقربة المخرومة - . وقد برزت على السطح إن أهم أوراق النظام اليمني في ابتزازه لدول مجلس التعاون الخليجي هي ورقة العلاقات الإيرانية وورقة ألتركيبه ألد يمغرافية. لذلك كان التعاطي والتجاوب من قبل دول مجلس التعاون الخليجي مع القضية الجنوبية ضعيفا وكان يقتصر على إيجاد الحلول من زاوية منظور النظام اليمني للإحداث ودعم برامج الحكومات اليمنية المتعاقبة التي تسخره هذه الأخيرة في بناء شركات خاصة وقمع الثورة الجنوبية وتمويل بؤر التوتر القبلي بالسلاح . وقد كان لأوراق الابتزاز السياسي والاقتصادي وهي العلاقات اليمنية الإيرانية والتركيبة الديمغرافية والمذهب الشيعي وتنظيم القاعدة . كان لها إن تكون العامل المثبط من عزيمة دول مجلس التعاون الخليجي في التعاطي بإيجاب مع القضية الجنوبية ومع حركة التحرر الجنوبية . 2- الدول العربية ذات الأنظمة الجمهورية . وهي انظمه في اغلبها ترعرعت في أحضان القومية العربية وضلت انضمتها مهيمنة ومن جاء بعدها مستمده نهجها من الفكر الدكتاتوري القومي الذي أسسه المتسلقون على دما وتضحيات الشعوب العربية إبان ثورات ما سمي بالتحرير . مع الإشارة إلى انه كان من ضحايا الفكر القومي العربي شعب الجنوب العربي الذي وقع ضحية مؤامرات القومية العربية التي كان لها اليد لطولا في إسقاط هويته وخير شاهد على ذلك بعثة جمهورية مصر إلى الأممالمتحدة مع الوفد الجنوبي قبل إعلان قيام جنوب .............(يمننة الجنوب). وكان متزامن ذلك مع إسقاط هوية الشعب الكردي ولامزيغي ولأقباط وغيرها من الشعوب . لذلك كان من الطبيعي وقوف أنظمة تلك الدول موقف المتفرج على مايجري بحق شعب الجنوب من حصار وذبح وتجويع وامتهان لأرضه وكرامته . وعين تلك الأنظمة على الشعوب التي تحت هيمنتها منزوعة الهوية . وقد زاد الأمور تعقيدا دور المفكرين العرب ومؤسسات الإعلام العربية التي ترجمت تلك المواقف الغبية على أنها مواقف حكيمة . و قراءة وترجمة رؤية المفكرين العرب للقضية الجنوبية من زاويتين – الأولى – المفكرون العرب والمؤسسات الاعلاميه العربية الذين تربوا في مدرسة القومية العربية والمفكرون العرب والمؤسسات الإعلامية العربية الذين استمدوا ثقافتهم من فكر مدرسة القومية العربية . وهؤلا جميعا سخروا كل إمكانياتهم وقدراتهم الفكرية لخدمة المشروع القومي العربي وقد امتلأت المكتبات العربية بنتاجهم الفكري الذي كان في جزء كبير منه لخدمة مشروع النخبة السياسية الحاكمة في العالم العربي آنذاك الذي أتى على هوية كثير من الشعوب في العالم العربي ومنها هوية شعب الجنوب العربي . وقل ماتجد كاتب أو مفكر أنصف للتاريخ شعب من الشعوب التي وقعت ضحية ذلك المشروع . وقد انعكس ذلك على توجه الجيل الجديد من المفكرين والسياسيين في إنكار الهوية الجنوبية لشعب الجنوب العربي . وبالتالي عدم التعاطي مع القضية الجنوبية من زاوية رؤية حركة التحرر الجنوبية التي أعلنت عن أهدافها وهي التحرر واستعادة الهوية الجنوبية . الثانية – المفكرون العرب والمؤسسات الإعلامية العربية المعاصرة . هولا المفكرون والمؤسسات الإعلامية العربية المعاصرة– الجديدة – الذين يصفون أنفسهم بالمتحررين من قيود الفكر القومي العربي هم الآخرون وقعوا في ذنب عدم إنصاف قضية شعب الجنوب العربي وهذا الجيل ينقسم إلى قسمين – الأول يستقي مادته الفكرية من فكر مدرسة القومية العربية ولكن خلسة حتى لايكلف نفسه عنا البحث والتحقيق في حقائق المحطات التاريخية التي مرت بها الشعوب العربية . وهو فكر لم يلتزم بالمعايير الأخلاقية في طرح الحقائق بإنصاف وتجرد . الثاني ينتمي هذا الفريق إلى فكر مدرسة الإخوان المسلمين وهو فكر دكتاتوري متطرف ليقل تطرفا عن فكر القومية العربية تجاه الموقف من الأقليات والشعوب التي تناضل من اجل استعادة هويتها بسبب مشروعه الإسلامي حسب زعمه . ولكن بسبب تضييق الخناق على هذا التيار منذ خمسينات القرن العشرين إلى وقت متأخر لصالح هيمنة التيار القومي جعل منه ومن مفكريه يظهرون بمظهر الضحية وأعينهم على كرسي الحكم . فصرفوا النظر حينها تماما عن الخوض في مثل هذه المواضيع خلافا لعقيدتهم الديكتاتورية تجاه مواضيع الهوية . إلى إن جاءت ماسمي بثورات الربيع العربي التي أطاحت بأغلب الديكتاتوريات العربية ذات الفكر القومي وفي عقر دار القومية العربية ... وكان من الطبيعي تسلق الإخوان المسلمين لما أسسوا له من فكر الظهور بمظهر الضحية والمنقذ المنتظر منذ ستون عاما خلت ..... وقد حدث ذلك في عدة دول ...قد يكون نذير شؤم على شعب الجنوب العربي وذلك لمشروعها المضاد لمشروع حركة التحرر الجنوبية . ثانيا – الموقف الدولي ويمكننا تجسيد المشهد من خلال رؤيتنا عبر النافذة المطلة باتجاه الدول العظمى والمنظمات الدولية ومنظمات المجتمع المدني في أوربا وأمريكا وموقف هولا مما يجري في الجنوب . فعلى صعيد الأممالمتحدة سبق وان كان لها مواقف ايجابيه عند إعلان الجمهورية العربية اليمنية الحرب على الجنوب في 1994 توجت بصدور قرارين عن مجلس الأمن برقم 924 و 931 لعام 1994 أسست لشعب الجنوب العربي عدم شرعية التواجد العسكري اليمني في الجنوب وتحفظ للجنوبيين السيادة الكاملة على أراضيهم . إلا إن ماحدث إن الإله العسكرية لجيش الاحتلال اليمني كانت أسرع في اجتياح واحتلال الجنوب من تحرك المجتمع الدولي في خلق آليات تنفيذ القرارين وبذلك فرض الجيش اليمني سياسة الأمر الواقع التي وضعت المجتمع الدولي في موقف محرج وبالذات موضوع انخراط فئة من السياسيين الجنوبيين مؤيده مايجري تحت مظلة ماسمي بالوحدة اليمنية- وثيقة الاستسلام ألمقدمه من النخبة الحاكمة آنذاك . لذلك تم ترحيل القرارين إلى رفوف وأرشيف مجلس الأمن وتوقف مجلس الأمن عن الحديث في هذا الموضوع .بعد إن ذابت الجبهة الوطنية الجنوبية المدافعة عن الجنوب .... واختفى معظم قياداتها ... وعم الصمت الجنوب من غربه الى شرقه جراء الهيمنة المطلقة لحكام الاحتلال العسكريين على ارض الجنوب . وما ان بداءت بعض الحركات تعلن عن نفسها الا وبداءت المنظمات الدولية ومنها منظمة حقوق الإنسان بالحديث عن الحالة في الجنوب وتضمنت تقاريرها حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان ولكن كان المحرج لها في تلك الفترة – ما بعد الحرب – أنها لم تحصل على الدليل لكثير من حالات الانتهاكات بسبب حالة الخوف الشديد عند الناس من التصريح بما يحدث وتقديم الدليل تلك الحالة التي عمت الجنوب جراء ألقبضه العسكرية والأمنية المطلقة . وانه خلال الفترة منذ 1990 وهي مرحلة الوصاية الفعلية مرورا بالاجتياح العسكري الكامل في 1994 إلى 2006 كانت أيادي الاحتلال تعبث بالجنوب على طول الأرض وعرضها بدون رادع يذكر حتى وصل بالإله الإعلامية إلى الترويج إن شعب الجنوب – شعب بلا ارض - صاحب ذلك انتهاكات كثيرة جدا لحقوق الإنسان على كل المستويات ...تحدثت عنها المنضمات الدولية في تقاريرها ولكن من زاوية إعمال ألدوله الفاشلة ...وكانت تلميحات المجتمع الدولي هي بالاكتفاء بعدم تحطم الإطار الخارجي لهذه ألدوله الذي ترى فيه دول الجوار والدول المرتبطة معها بمصالح مشتركه انه السوار الذي سيحمي مصالحها وأمنها في المنطقة . ونتيجة لتغليب دول الجوار والدول الكبرى لمصالحها على حساب المثل والمبادئ ألمقدسه لديهم في الأصل داخل دولهم – هو ما دفع دولة الاحتلال إلى التمادي في إعمالها المخالفة لكل الأعراف الدولية تجاه شعب الجنوب العربي . ولكن هذه التقارير بصرت عيون الجنوبيين على ضرورة الذود عن حقهم وضرورة كسر حاجز الخوف والإعلان عن قضيتهم وهو ماحدث بالفعل في 7 /7 / 2007 في ساحة العروض في عدن . وبعد اكتمال الإطار التنظيمي لحركة التحرر الجنوبية أصبحت احد مصادر تزويد المنظمات الدولية بحالة الانتهاكات لحقوق الإنسان . بعد إن كان مصدر هذه المنظمات في الحصول على المعلومات تقارير أجهزة نظام الاحتلال الاستخباراتية التي تعمل تحت اسم منظمات المجتمع المدني ووزارة حقوق الإنسان في اليمن . وقد صاحب الظهور العلني لحركه التحرر الجنوبية وأهدافها في طرد الاحتلال واستعادة الهوية ..هجمة أمنيه شرسة لإخماد الغضب الشعبي العارم الذي عم الجنوب ...هذا التصادم نقل القضية الجنوبية إلى الرأي العام العالمي ودخلت القضية الجنوبية من ضمن مواضيع النقاش لداء منظمات المجتمع المدني في أوربا وأمريكا في مواجهه سلطاتهم الحاكمة ومراكز صنع القرار في تلك الدول .. وذلك تقديسا للمبادئ الإنسانية ومنها احترام ورعاية حقوق الإنسان وكان التحرك البريطاني هو المبادر الأكبر في القارة الأوربية إلى جانب التحرك الأمريكي واقتصر في البداية على توجيه النصح للحكومة اليمنية بضرورة احترام حقوق الإنسان وإيجاد حل للقضية الجنوبية ..قوبل ذلك بالمناورة السياسية من قبل الحكومة اليمنية المتذرعة بحالة الانفلات الأمني تارة والأوضاع ألاقتصاديه السيئة في كل البلاد تارة أخرى ...وصورت المشهد إمام المجتمع الدولي كحاله عامه في عموم البلاد ويتطلب دعم الحكومة اليمنية حتى ليصبح ما يسمى بالوطن البيئة الحاضنة لتنظيم القاعدة والإرهاب .. وكان يعلم النظام اليمني إن نقطة ضعف المجتمع الدولي هي الإرهاب فخلق لذلك عشرات الخلايا أعلنت عن نفسها بانتمائها لتنظيم القاعدة . علاوة على الخلايا التي استخدمها كأوراق ضغط في السنوات السابقة منذ 2002 وذلك عندما يثور الحديث في المجتمع الدولي عن ضرورة تغيير النظام في صنعا . وقد استخدمت تلك الخلايا في ضرب السفارات الأجنبية في اليمن واختطاف وقتل الدبلوماسيين والسياح وتدمير السفينة العسكرية الأمريكية يو أس أس كول في ميناء عدن 2001 وناقلة النفط الفرنسية في ميناء حضرموت وعمليات أخرى سجلتها المخابرات الأمريكية ضد تنظيم القاعدة في اليمن . هذه بعض أسباب انصراف أنظار المجتمع الدولي عن القضية الجنوبية لصالح دعم النظام الحاكم وإيجاد الحلول للحيلولة دون انهياره لمنع اتساع رقعة تنظيم القاعدة والإرهاب في الجزيرة العربية والبحار المحيطة بها حسب زعمهم . وهي خطه ذكيه ونقطه تحسب لصالح النظام العسكري الحاكم في اليمن برغم كل ماسخر لها من إمكانيات هائلة ونفذها على حساب كرامة الشعب اليمني وعلى حساب حصار وتدمير شعب الجنوب العربي كل ذلك مقابل صرف أنظار المجتمع الدولي عن القضية الجنوبية وخلط الأوراق في الجنوب وإيجاد الذريعة والغطا لحالة الانتهاكات التي يرتكبها بحق حركة التحرر الجنوبية والشعب الجنوبي عموما . بالطبع سيثور السؤال التالي ماذا يجب علينا إن نفعل - لذلك سيكون الموضوع القادم عن جهود الحركة التحررية الجنوبية في كسر هذا الحاجز حاضرا ومستقبلا ...