يواجه عدد 16 طالب يمني متفوق مبتعث من حكومته إلى ماليزيا ويلات الإبتعاث بأسوأ تجلّياته. في بادئ الأمر، يحصلون على أعلى الدرجات في المرحلة الثانوية، وتنشر أسماؤهم في الجريدة الرّسمية كأوائل لمحافظاتهم التي أتواْ منها. ومن ثم يُطلق عليهم هذا اللقب المخزي: طلاب التبادل الثقافي. وصلواْ إلى بلد الإبتعاث وعلى محيّاهم أمل عريض وطموح لا متناهي. وبصرف النظر عن طريقة استقبالهم ومعاملتهم لحظة وصولهم، يبدأ هولاء الطلاب رحلة الدخول في نفق مظلم طويل من أول يوم يلتحقون فيه بجامعتهم. في تلك الفترة، وكل الفترات، ومن خلال استقراءه لطريقة عمل الملحقية الثقافية في ماليزيا، يستطيع أي شخص أن يلمس بوضوح مستوى العشوائية والفوضى في تعاطي هذه المؤسسة مع قضايا ومشاكل الطالب المبتعث. لا يوجد عمل مؤسسي يسعى لخدمة الطالب ويحترم حقوقه؛ حيث تجد في كل جامعة قصة مستقلة لمشاكل تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم؛ تستهلك فيها سمعتنا - نحن اليمنيين - حتى الصفر لينتقل مسرح العبث الى مكان آخر في جامعة أخرى، ضحية هذه اللعبة هو الطالب اليمني في المقام الأول والأخير. مشكلة التبادل الثقافي، باختصار شديد، كالتالي: اتفقت جامعة التكنولوجيا الماليزية (UTM) مع ممثلي الملحقية الثقافية على إعطاء 16 مقعد لطلاب يمنيين مع إعفائهم من رسوم الدراسة فقط (وهي نصف ما يستلمه طالب التمويل الحكومي)؛ بحيث تقوم الملحقية الثقافية بسداد بقية الرسوم المتراكمة على الطالب والتي تعادل تقريباً 1500 دولار سنوياً، ووقّع الطرفان على هذا الاتفاق. تراكمت هذه الرسوم فصل بعد فصل، وسنة بعد سنة. تعاملت الجامعة مع ذلك، في بادئ الأمر، بكل مرونة واحترام؛ فتسمح الطلاب بالتسجيل رغم أن عليهم ديون، ثقةً منهم بمسئولينا، إلى أن تنصلت الملحقية الثقافية عن اتفاقها، واتجهت لممارسة لعبتها المفضلة (لف ودوران ومماطلة)؛ حيث لم تقم بدفع حتى دولاراً واحداً على الإطلاق منذ بداية المشكلة، قبل اربع سنوات. ونتيجة لذلك تغيرت سياسة الجامعة كلياً تجاه الطالب اليمني في السنتين الأخيرتين؛ فيمنع الطالب من التسجيل قبل بداية كل ترم دراسي، ويظل يتوسل ملحقيته وسفارته كي يؤدواْ وظيفتهم ويتحملوا مسئولية قراراتهم ولكن لا من مجيب! وصلت القضية حالياً إلى ذروتها، سئمت الجامعة من الوعود المضلِّلة، وقررت منع الطلاب من مواصلة الدراسة إلى أن يتم سداد جميع الرسوم وهددت بطردهم. أُبلغ السفير والملحق بهذا الأمر، وأن الطلاب في طريقهم إلى الاعتصام للمطالبة بحقوقهم. رد السفير بلهجة شديدة بأنه سيمنع أي اعتصام وسيتدعي الشرطة الماليزية فوراً لإعتقال أي أحد يتجرأ ويطالب بحقه، وحلف بأمه أنه سيفعل ذلك! في الداخل، وزارة التعليم العالي تحديداً، «لا يعرفون القضية شيئاً ولم يسمعواْ بها»، حسب قولهم. رغم أن عشرات الملفات قد أرسلت إليهم. في وضع كهذا، لا يدري هذا الطالب اليمني المتفوق ماذا يفعل؛ لم يعد أمامه أي خيار عدا: أن يسجن أو يحرم من دراسته. صارت المنحة محنة مريرة يتذوق مرارتها كل يوم منذ أن وصل إلى بلد الإبتعاث. علمتنا يمنيتُنا ألا نخاف من أحد، وإن قامواْ، بسجننا. سنعتصم من أجل كرامتنا وكرامة بلدنا، وسنتحمل عواقب "فشلهم" حتى يستجيبواْ لقضيتنا. ومن هنا أناشد جميع المسئولين المعنيين بالأمر، خصوصاً داخل الوطن، للقيام بواجب المسئولية تجاه طلابهم واخراجهم من هذا النفق المظلم والبئيس. أيضا اناشد جميع الحقوقيين ومنظمات المجتمع المدني وكل من له غيرة على سمعة بلده أن يقفواْ في صفنا ويساندواْ قضيتنا المشروعة والنبيلة.