(لا جدوى من طلب المزيد من الثمار طالما والشجرة لم تنضج بعد) ثمة فرق بين قبول الفدرالية كقيمة سياسية ديمقراطية عامة مجردة وأداة ممكنة في تأسيس مشروع الدولة الحديثة دولة العقد الاجتماعي العادلة حينما تكون شروط ومقومات تحققها مكتملة ومهيئة ولو في حدودها الدنيا كما هو حال الفدراليات الناجحة والمستقرة والمزدهرة في عالمنا المعاصر ، وبين رفض الفدرالية بعدها ، شعار ووسيلة وتبرير للمشاريع قوى ومصالح تقليدية مهيمنة لا هدف لها ابعد من ديمومة وضعها وتأبيده بكل وسيلة ممكنة على حساب حقوق الآخرين ومصالحهم وعلى حساب مشروع الدولة المفترضة الغائبة ، كما هو حال فدرالية الموفنبيك المختلقة مسخا لا يحمل ذرة واحدة من المشروعية والأصالة ويفتقد الى كل مقومات وشروط التحقق الممكن . ان اقلمة (الجمهورية اليمنية ) الفاشلة والمنتهية الشرعية القانونية والاهلية الاخلاقية بحرب اجتياح واحتلال قوى الغزو والتكفير التقليدية المهيمنة في صنعاء للجنوب في 7/ 7 94م ، نقول ان اقلمة هذا الكيان العسكري الدموي الباطل وتحويله الى دولة فدرالية كما يزعمون هو هروب جبان ومهين من مواجهات الاستحقاقات_ الواقعية الراسخة الثابتة لشعب الجنوب وقضيته العادلة وللمجتمع المقهور في الشمال _ استحقاقات يستحيل تجاوزها بهذه الوصفات السحرية العابرة من دهاليز التاريخ الغابرة التي استحضرها حواريوا جمال بن عمر في موفنبيك صنعاء الباردة . فكرة الفدرالية التي ولدت ميته لا تختلف عن فكرة الوحدة والديمقراطية والحداثة والتحديث والثورة والحوار التي استخدمتها ذات القوى المهيمنة شعارات تبدو انها حق ولكن يراد بها باطل ! فكيف يمكن تخيل مشروع دولة ممكنة من اي نمط كان مع من يزعم انه (الثوري والحامي والوطني الاول في اليمن بينما يعلن في اخر مقابلة له قبل يومين فقط وبالحرف الواحد في مقابلة مع صحيفة المصدر قائلا ((( من خان حاشد خان الله والوطن ))) وغير ذلك من الكلام الواضح الدال الذي يعكس ثقافة مهيمنة سائدة وعميقة وفاعلة وقوية وحاضرة في المملكة المتوكلية اليمنية التي اعيد انتاجها اليوم باسماء وصيغ اخرى كما كتب الباحث البريطاني بول دريش قبل سنوات ثقافة تاريخية يستحيل مغالطتها بالشعارات والتوفقات الزائفة ،واالثقافة هي ما يبقى بعد نسيان كل شيء ، ليست المسألة سياسية كما قد يتصور البعض بل ذات جذور وابعاد تاريخية اجتماعية ثقافية راسخة وبين السياسة والثقافة علاقة عكسية حسب الانثوبولوجيا السياسية ، اذكلما كان الاندماج الثقافي قويا كان الاندماج السياسي ضعيفا والعكس صحيح ، وهذا ما نراه واقع حال وشاهد عيان في حياتنا الان ، اذ ان تجربة وخبرة الشمال الثقافية السياسية تختلف اختلافا واسعا مع الجنوب ،وربما كان لهذا الوضع التاريخي المفارق المثير للاهتمام في صنعاء الشمالية التقليدية ان رفع من قيمة عدن الجنوبية المجربة والمختبرة تاريخيا في ان تكون هي لا غيرها من تفوز بالرهان ، رهان اعادة بناء الدولة الجنوبية الحديثة , ورب ضارة نافعة كما يقول المثل ، وهذا ما يسمى بمكر التاريخ الذي يستحيل تجاوزه ، ومن غنمه كله عدمه كله لا خيارات بديلة هنا والآن حتى وان استحضروا كل موميات التاريخ القديم سبأ ومعين وآزال والجند وتهامه وحمير وقتبان واوسان وكل ما كان او لم يكن ، على صنعاء ان تحسم أمرها مع التاريخ المؤجل اولا ، التاريخ الذي يكسر رؤى البشر ولا يتكسر رأسه أبدا .
مشكلة تأسيس الدول ليست بالمسألة التي يمكن حلها بالحوارات والتوافقات والنوايا والرغبات والامنيات والسحر ، بل هي اولا وقبل كل شيء شأن التاريخ بلحمه وسداه وعملية صيرورة تطورية تاريخية عميقة الجذور لا يمكن لها ان تتحقق الا بتحولات مادية واقعية فعلية محسوسة ملموسة تطال كل البناء والانساق والقيم والرموز والعلاقات ,وبالاساس الفاعلين والأفعال اي السلوك قبل الوعي قانون التقدم البشري منذ الازل ، انها شروط وعوامل يستحيل مغالطتها او إشباعها ، باي طريقة من الطرق وكيفما اتفق ، ثمة استحقاقات تاريخية لا تكون الدولة الا بها ، الا باشباعها وحلها، ودونها خرط القتاد، وليس بمقدور النوايا والإرادات والرغبات والاسماء والصفات ، مهما كان صدقها وحجمها وسعتها واخلاصها ان تحل محلها ، حتى وان اجتمع العالم بجنه وأنسه وبكل هيئاته وقواه وخبراته وخبرائه وملوكه ونفطه ودولاراته وقنواته والخليج ومجلس الأمن الدولي وجمال بن عمر وحاشد وبكيل والامام والاحزاب والبرلمان ، ولا جدوى من طلب المزيد من الثمار طالما وان الشجرة لم تنضج بعد، وهذا الذي كنا نقوله ونردده ونكتبه منذ زمن ، كل شيء باوانه ، ولم يكتشف العالم بعد طريقة فعالة يتم بها تحقيق هذا الإنجاز التاريخي الأهم _اقصد _إنجاز بناء الدولة من اي نمط او شكل بما هي مؤسسة وجامعة الدولة الحديثة دولة الدستور والمؤسسات والنظام والقانون والمواطنة المتساوية سوى كانت بسيطة او مركبة مركزية او كنفدرالية او فيدرالية رئاسية او برلمانية ...الخ
غير الطريقة الطبيعية التطورية التدرجية النامية الطويلة التراكمية الانتقالية لمضطردة التحويلية المجربة المختبرة في الحضارة الحديثة طريقة انتقال المجتمع من التقليد الى الحداثة ، في صنعاء كل المؤشرات تدل اليوم على غياب شبه كامل لمثل هذه الممكنات الضرورية اللازبة لاحداث هذه النقلة السياسية النوعية الى من القبيلة والطائفية الى الدولة الفيدرالية المزعومة وهذا ليس تشاؤما منا ولا علاقة له بمشاعرنا ومواقفنا وارائنا بل هو ما تفصح عنه الوقائع والممكنات التاريخة المتاحة والمشاهدة بالعين المجردة ، اذ ان البشر لايصنعون تاريخهم على هواهم بل في ظل شروط وممكنات لا يختارونها بانفسهم بل هي معطاه لهم سلفا وهي من يشرطهم ويحدد وجودهم الاجتماعي والسياسي ولا ، فهل فهمنا هسهسة التاريخ وشفرته وقانونه ، وهل فهمنا السياسة ومنطقها وشروط وقواعد لعباتها، وقانونها الأثير انها فن الممكن ، في السياسة افعل ما تستطيع فعله لا ما ترغب او تريد فعله ، ولا بد مما ليس منه بدا وبنا الدول ليس وجهات نظر واقتراح تسميات لاقاليم وارادات طيبة للنخب المحلية او للشرعية الدولية او للداعمين والراغبيين الاقليميين ، حتى وان كانوا امثال السفير جمال بن عمر والعشر الدول ، كل المؤشرات الاتية من صنعاء بعد حوار موفنبيك تدل ان الأمور لا تسير في الطريق السليم لتأسيس دولة ممكنة في صنعاء من اي نوع كان حتى من نمط سبأ الاسطورية ، كم اتمنى ان يكون العكس ولكن ليس بالامنيات وحدها يسير ويتحقق التاريخ وتحولاته المادية والمعنوية . في ما يشبه الخاتمة
سبأ ومعين وتهامة والجند أقاليم اليمن الذي هو الشمال اما الجنوب المحتل فقد جرى تقليب اسمي الإقليمين اليتيمين اللذين منحوها اياه خلال أسبوع واحد فقط ثلاث مرات من صيغة اقليم شرقي وإقليم غربي الى اقليم الأحقاف وإقليم عدن الى اقليم حضوموت وإقليم عدن ، ويعلم الله ماذا سيكونا غدا
، مساكين الايتام على موائد اللئام !!! والسلام ختام