كان على الأحلام أن تكون مستبعدة ومستقطبة في آن، وعلى الظلال أن تدرك قيمة الأشجار التي خفتت وصارت عجائز، وأن أعود كمان أنا في آخر اللحظات إلى نيسان أقطف الورد وأسقي قلبي بالكثير من النهار والحواجز، وأن أترجل من جديد صهوات سقطت وغادرت وأن أتلاشى قبل أن أنظر في عين الشمس بعينٍ باكية حزينة ، بهذه الكلمات عرفنا أسيل تلاحمة الشاعرة الفلسطينية الشابة , لقبت بشاعرة الجنوب الفلسطيني وهي لم تتجاوز ال 16 ، في هذا الحديث تروي لنا كيف كانت الاقتحامات الصهيونية لمنزل عائلتها مصدر الهامها ، تخبرنا كيف أصبحت متيمة بالعشق الأزلي عدن ، ماهي نظرتها نحن الواقع الثقافي ... والكثير فإلى تفاصيل الحوار : حاورها: أنس خالد
من هي أسيل تلاحمه ؟ بنت تربت على متغيرات كتير بالحياة كل مفصل اعطاها تجربة جديدة منذ نعومة أظافري وحتى اللحظة.
أين تجد أسيل نفسها ؟ أجد نفسي في الفصول، في بداية الشتاء أما بعد البداية فهذا صعب وقاس رغم دفئه وحضوره الجميل إلا أنه فصل متطلب يحتاج إلى الكثير من رد الغائبين واجتثاث الحدود ، أجد نفسي أكثر في الربيع بلياليه القمرية وفناجين القهوة والقلم وكتاب جميل أخاف من النهايات جداً من أواخر الشهور جميعها، ومن نهايات الأمسيات، ونهايات القصائد كأني على حافة عطشى لم تكتف بما جاد عليها الوقت.
الشعر أو الأدب ككل ماذا يعني لأسيل ؟ فعل الخلاص , الفسحة التي اعطانا اياها الله لنعبر كل ما نطيق ولا نطيق.
كيف كانت بدايتك مع الكتابة ؟ كان في البداية محاولات بسيطة لا تتجاوز خربشات، ألقيها في مدرستي عندما كنت بسن سبع سنوات، ومع تراكم الواقع المتعطش للكثير من الوجع تفاقم الحس إلى أبعد مما أعتقد، حتى صارت الكتابة جزء كثيف في حياتي اليومية، كان ذلك بسبب الانتهاكات التي تعرضت لها عائلتي في بداية الانتفاضة الثانية من مطاردة عمي واغتياله وسجن والدي الذي كان في السابق سجيناً لما يجاوز ثماني سنوات، ولسجن إخوتي ما يقارب ست سنوات.
كان ثمة أحداث كثيرة أرهقت الطفولة وأنضجتها على خطوط متزاحمة في الوطن القريب، كنت أضع يدي على قلبي وأخبرني بأن لا نستطيع أن نغير مسار القطار لكننا قد نستطيع بأن نغير السكك الحديدة، فنحن عاجزون أمام هذا الواقع لكننا قادرين على أن نغير الرؤية لا لشيء أكثر جمالا ولكن لشيء أكثر وضوحاً ومسؤولية، إذن أنا بدأت الكتابة في الثامنة من عمري تقريباً كانت مجرد خواطر، وبدأ والدي بنشرها في الحادية عشرة من عمري، حتى اهتديت إلى الدرب الصحيح في هذا المجال.
وماذا عن الشعر؟ بداية الشعر كانت بعد النشر كانت محاولات بسيطة بعد عمر 11 سنة بعدها قام الدكتور احمد كريم بلال -مصري الجنسية - بعمل قراءة نقدية وجيزة لمجموعة من الخواطرشعرت بعدها انه من المعيب أن انشر غير الشعر و بدأت الشعر.
أطلق عليك لقب شاعرة الجنوب الفلسطيني من أطلق هذا اللقب ؟ دكتور محمد العطشان من جامعة بيرزيت اطلق علي اللقب خلال أمسية وكان عمري وقتها لم يتجاوز 16 سنة
ماذا يعني لك اللقب ؟ ارتكاز قوي لبداية في عالم الكتابة
أنت تنتمين لعائلة أدبية , ما الذي دفعك للتوجه نحو دراسة الاعلام ؟ حاليا انا أدرس الادب العربي ما دفعني هو جو عائلتي والدي باحث وكاتب اخوتي صحفيين وكان لدينا مركز اعلام في السابق . انتقلت من الاعلام إلى الأدب العربي ليس لأني لا أحبه لكن لظروف اخرى.
يقال أن أسيل تعشق الترحال , ماهو المكان الذي تحب أن تزوره ؟ تلك الاماكن التي تعطي للخيال فسحة للدهشة والسكون وتجبرك على أن تعايشها بكل ما أوتيت من شغف.
ماذا عن الخليل ؟ هي الميلاد الأول لكنها ليست الأخير، لها شغف كثيف في قلبي ولكن المحطات كثيرة الحياة تحتاج المزيد من التجارب
الاماكن التي تعطي للخيال فسحة للدهشة مثل .... ؟ خذ القدس مثلاً داخل السور القديم، نحن كحاملين للهوية الخضراء نمنع من الدخول وكوني من عائلة مناضلة فأنا ممنوعة، كأنك تتجول في التاريخ كل حجر تتكلم خذ شوارع وأزقة دمشق , بيروت , بغداد , القاهرة ,الحمراء ، وعدن ..
كان محود درويش قد كتب ذهبنا إلى عدن قبل أحلامنا...إلخ وأنا هنا أطمع بنص منك لعدن :
يا ظل أمطار السماءِ خذي الصدى حتفاً على مهد القصيدة قلبيه وخذي البدايات التي صارت رماداً ثم أعلى حلم عذراء ربيعاً صيريه عدن الحبيبة والقريبة من دمٍ هاك انقشاع الفجر حلماً سيديه ناغي النوارس فوق ظل العارفين وترجلي فوق الفراش وعلى هدوء الدر في أنحاء قلبك عرفيه
بمن تأثرتي من الشعراء ؟ تأثرت بالفلسطينيين بالدرجة الاولى دويش وسميح القاسم محمد القيسي عز الدين مناصرة توفيق زياد معين بسيسو وبدرجة ثانية العراقيين السياب والنواب واحمد مطر والبياتي ولا أنسى نزار قباني. تأثرت أيضاً بلوركا وادباء اجانب الروس تحديدا.
ماذا عن والديك ؟
هما دوما خلفي يدفعاني إلى الأمام بكل شجاعة وثقة، من نقطة الصفر حتى هذه اللحظة.
ماهي أقرب قصيدة إليك ؟
الآن في المنفى لدرويش
كيف ترين الواقع الثقافي العربي حاليا ؟
ثمة الكثير من الكتاب والشعراء في وطننا العربي فالكتابة هي فعل الخلاص الذي ينقلنا إلى بعد آخر من أبعاد الواقع الذي ينهك كاهلنا وأرى في ضعف الاهتمام الملحوظ في هذا الوسط بل وأغلب المؤسسات التي ترعى هي اجتهادات شخصية، أصبح هناك ما نخشاه من متاجرة بالأقلام الأمر الذي يفقد القلم مصداقيته، وثمة متسلقين ينهضون من سباتهم على أكتاف الأحرار ليصلوا إلى أهداف ليست بالسامية لكن للأسف البقاء للأقوى كونوا إنسانيين قبل أن تكونوا أصحاب أقلام .