اقتربت الهبة الحضرمية من طي صفحاتها الأخيرة بالاتفاق الذي تم توقيعه بين حلف قبائل حضرموت والسلطة الحاكمة لكي تبدأ بعدها صفحات جديدة من صفحات التاريخ الحضرمي الذي يتوقع أن يكون مغايراً في يومياته لما قبل الهبة التي خضعت السلطة في ختامها لسلطان القبيلة حيث رضيت بالتحكيم القبلي وتنفيذ مطالب الحلف. لم تكن قيادة حلف قبائل حضرموت خائنة لتوقيعها الاتفاق - كما يزعم بعضهم- فقضية الحلف منذ البداية تختلف كلياً عن قضية الحراك الجنوبي ومنذ أول بيان أصدره الحلف كان واضحاً وشفافاً في كلامه ومطالبه إذ كانت المطالب حقوقية صرفة ليس من بينها تحرير الجنوب ولا حق تقرير المصير بل إن الحلف في بياناته كلها لم يصف السلطة بانها سلطة احتلال ولا وصف قواتها بجيش الاحتلال وأبلغ من ذلك رسالةً تحذير بعض شيوخ قبائل الحلف من رفع أي علمٍ أو شعار غير علم وشعارات ومطالب الحلف!!.
في 11/12/2014م علقت على مؤتمر قبائل حضرموت في صفحتي على الفيس بوك بقولي: (عدم رفع أي شعار انفصالي ولا علم جنوبي ولا صورة زعيم في اجتماع القبائل, وخلو البيان من أي إشارة إلى اسم الجنوب واقتصاره على اسم حضرموت فقط, فيما لم يصف البيان السلطة وجيشها بقوات الاحتلال بل السلطات الحاكمة, في هذا رسالة واضحة للحراك الجنوبي بدخول قوة جديدة على الساحة, ربما تتقاطع معه في بعض الأمور ولكنها تختلف معه في أمور أخرى!!).
وحين أعلنت القوة الجديدة التي دخلت الساحة الحضرمية أن يوم 20ديسمبر2013م هو يوم الهبة الشعبية الشاملة استطاع إعلام الحراك الجنوبي ممثلاً بقناة عدن لايف أن يحرف مطالب الهبة إعلامياً فمن هبة حضرمية أعلنها الحلف إلى هبة جنوبية ومن مطالب حقوقية إلى مطالب التحرير والاستقلال!! لكن الواقع على الأرض ومجريات الأحداث تقول غير ذلك فقد بدأت الهبة حضرمية وستنتهي حضرمية كما هي عليه اليوم ولن يكون الخاسر من ذلك إلا القضية الجنوبية التي ألبسوها ما ليس لها والعتب في ذلك على القيادات التي لم تدرك أن التوظيف الإعلامي والجماهيري لهذه الهبة في غير سياقها لن يكون في صالح مستقبل القضية الجنوبية.
لست أدري كيف ستعلق قناة عدن لايف على اتفاق حلف قبائل حضرموت مع السلطات؟ وكيف سيبرر محللوها موقف القبائل اليوم وقد كانوا يشيدون بهم بالأمس؟ وكيف سيتلقى الشارع الجنوبي الاتفاق الذي أبرم؟ وهل سيتفهم أنه كان يعيش في غيبوبة إعلامية؟.
لقد أثبت الحلف أنه قوة فاعلة على الأرض لا يستهان بها وأن قيادته نجحت في إدارة الهبة من جهتها وكانت بياناتها واضحة شفافة منذ بدايتها واستطاعت أن تناور وتدير المعركة على الأرض حتى تصل إلى سقف من المطالب ترضى بها مما يدل على أن حنكة شيوخ قبائل الحلف كانت أكبر من حنكة وإدارة بعض قيادات الحراك التي أرادت أن تستفيد من الهبة لكن برفع مطالب وشعارات ليست من مطالب وشعارات الحلف.
فعلى الحراك أن يعيد النظر في تصوراته للأمور ومجريات الواقع إن أراد أن يستمر كقوة فاعلة في الشارع الجنوبي فهناك قوى جديدة بدأت تأخذ دورها ومكانها الطبيعي في الواقع وتصنع الأحداث ويتفاعل معها الشارع ولها تصوراتها الخاصة بها يمكن أن تتقاطع مع الحراك في بعض مطالبه لكن ليس في جميع المطالب ولكن ينبغي التعاطي معها كواقع لا بد منه.