لقاء/ لبنى الخطيب يحتفل في 15 مارس من كل عام بيوم المدينة العربية، و جميعنا يعشق و يهوى مدينته و مسقط رأسه و ملاعب الصِبا، و مدينة عدن إحدى هذه المدن التي يفاخر بها أهلها و يسعد بالعيش فيها ورغم تغييرات الحياة و ماشابها من تدهور و مناظر لا تسر من طفح للمجاري و قمامات متكدسة و عشوائيات و مظاهر عسكرية هنا و هناك وفقدان للأمن والأمان، الإ أن عدن تظل حبيبة أهلها و حضناً دافئاً للجميع. و برز مؤخراً شباب وشابات يعملون بهمة لبعث الروح الثقافية لعدن مما لحقها من طمس للهوية وتهديم للمواقع الأثرية حيث تنظم إسبوعياً منذ مطلع عامنا الجاري عدد من الفعاليات الهادفة المغذية للروح والفكر وهذه المبادرات الشبابية "البيت الثقافي العدني" و"عدن اجين" التي أعضاؤها نخبة من الشباب العدني يهوى التجديد وإعادة روح المدينة و موروثها الثقافي، وفي هذا السياق نظمت مبادرة"عدن أجين" أكبر رحلة داخلية في عدن نسق لها عبر موقع التواصل الإجتماعي "الفيس بوك" شارك فيها شباب و كبار و بعض الصغار و تحقق حلمهم بالمشاركة في أكبر رحلة داخلية لإستكشاف أغوار و أسرار هضبة عدن التاريخية التي تظم عدد من المعالم الآثرية .
فائدة متعة مغامرة و إندهاش المهندس مازن شريف رئيس المبادرة :" هدفنا من الرحلة التعرف على النصف الآخر و الرائع لجزء من مدينتنا عدن، لقد لمست السعادة في وجوه 137 شاباً وشابة شاركوا في الرحلة و رغم التعب بصعود هضبة عدن المرتفعة حوالي 800 قدم عن سطح البحر، إلا أن الفرحة عاشها أكثر من أستطاعوا الوصول للقلعة "التركية" في أعلى قمة جبل شمسان، وعندها مُحيت مني كل علامات الإرهاق و فريق"عدن أجين", لما حققته الرحلة من نتائج إيجابية فاقت التوقعات, فجمعنا المعلومة الثرية التي قدمها ضيف الرحلة الأستاذ معروف عقبة الى جانب الإستمتاع بفقراتها الموسيقية والترفيهية". و أوضح مازن:" سعد جميع المشاركين و من تابعوا عبر "الفيسبوك" ما نشره المشاركين بالرحلة للصور التوثيقية لطبيعة عدن وجمالها مما دفعنا لتنظيم مسابقة للتصويت لأجمل صور، والصورة المميزة للرحلة كانت كلمة "عدن" التي طرزناها من أجسادنا البشرية بمشاركة 100 عدني و عدنية ولأول مرة كتبت وسط الهضبة بحضور نوعي متميز من 30 شابة و 100 شاب من مختلف التخصصات و أجمع الكل كانت رحلة إستثنائية بالفائدة, المتعة, المغامرة و الإندهاش". بهمة و حماس نوارة الذيباني مهندسة إتصالات:" رغم زيارتي السابقة لأجزاء من الهضبة قريبة من سطح الارض "كهوف البومس" و "مهلكة الفرس"، الأ أن الرحلة كشفت لنا جزء من فوهة بركان تحيطنا بمدينة "كريتر" التي أنشق إسمها عن الإنجليزية، و لم أواصل إكتشاف هضبة عدن لوعورة الطريق والإرهاق على أمل صعودي مرة أخرى ل"لقلعة التركية" بينما الأغلبية واصلوا بنفس الهمة و الحماس وأكتشفوا سحر مدينة عدن من أعلى قمة فيها". نسمو بعدن رشاد محمد عقربي طالب حاسوب:" رحلة ممتعة عرفتنا بمكنون مدينتنا عدن، رغم نحافة جسمي الإ أنني صممت ونجحت في الصعود الى "القلعة التركية" بصحبة من أستطاعوا الصمود وعندها زال عنا التعب و الإرهاق وأنبهرنا بجمال منظر مدينة عدن من طرفها لطرفها الأخر وكم هي رائعة عدن و نسمو بها من جديد". معالم آثرية رأفت شرف هائل مذيع بقناة عدن الفضائية هذه الرحلة أشبعت شوقيً لمعرفة أسرار هضبة عدن حيث مررنا أولاً بالآثر التاريخي"كهوف البومس" التي نحثها أجدادنا بأشكال هندسية جميلة بنظام الغرفة والعمود حدثنا الأستاذ عقبه عنها: " الفراعنة تميزوا بسر خلطة التحنيط بينما أهل عدن تميزوا بإستخدامهم الخلطة السحرية لمادة "البومس" التي تُمزج بالماء وأستخدمت في بناء الصهاريج، و عدد من معالم عدن وبيوتها القديمة هذه الخلطة تضاهي الخلطة التي ركبها الرومان في تماسك البناء". و يستطرد رأفت قائلاً:" يجاور "كهوف البومس"برج الصمت" وتسمى أيضاً "مهلكة الفرس" والتي تعد جزء من تاريخ مدينة عدن وشاهد على تعايش أهلها في نسيج إجتماعي رائع وتقبلهم للأخر أجناس و أعراق وديانات مختلفة سكنت عدن، فقد بنى الفرس معتنقو الديانة "الزرادتشية" في المكان المرتفع والهادئ "برج الصمت" ليتخلصوا من جثت موتاهم بوضعها بصوان خاص في الهواء الطلق لتنهشها الطيور وتتحلل جثتهم لتجري في مجرى خاص داخل البرج، وهذا المعلم أخر ماتبقى من آثار لمعتنقي "الزرادتشية" في شبه الجزيرة العربية، و تعرض للتشويه والهدم ممن لا يعرفوا قيمة تاريخ مدينة عدن، وبنوا مساكنهم العشوائية من صفيح وخشب أو حجارة دخيلة على الهضبة و أحدثوا تلوثاً بصرياً وبيئياً للمكان الآثري التاريخي، الذي نطل منه على أحياء "كريتر" عدن العتيقة وقلعتها الشامخة "صيرة" . و يضيف رأفت:" واصلنا مغامرتنا للدروب السبعة التي شيدها الإنسان في عدن بالقدم و مرينا من فوق ثلاثة منها، وتعجبنا لماذا الدروب كبيرة واسعة!؟ و الإجابة جاءتنا من الخبير الجيولوجي الأستاذ معروف عقبة لتحفظ مدينة عدن من الغرق عند هطول الأمطار والسيول كما تحفظها منظومة صهاريج عدن، ولمن لا يعلم في الهضبة شاهدنا عدة قبور قيل لنا هي لضحايا طائرة سقطت في ستينات القرن الماضي، ونجحت بصعود "القلعه" التركية" التي كان لها سلماً من ألف"درجه" وأنهار، وكم أنبهرنا للسلاسل الجبليه و رأينا جمال عدن الحبيبة". عبث بالمعالم هبة عيدروس محامية:" الرحلة الإستكشافية بقدر فرحتنا المشاركة فيها والتعرف على "هضبة عدن" إلا انه أقلقنا كثيراً العبث الكبير بطبيعة المعالم الآثرية في عدن و فوق التصور فكهوف "البوميس" التي ليس لها نظير أصبحت مكباً لنفايات سكان البيوت العشوائية المحيطة بها، وآثار التعدي على الطبيعة واضحة بتهديم البعض للجبال لبناء مساكن عشوائية وبكل آسف عين السلطة المحلية نائمة على ما يطول عدن ومعالمها التاريخية من عبث و هدم، مما دفع الغيورين على مدينة عدن العمل للحفاظ على معالمها التاريخية شكلت مؤخراً شبكة الدفاع عن "الموروث الثقافي والطبيعي لعدن" وتكونت من عدد من منظمات المجتمع المدني و هدفها الدفاع والتوعية بالموروث الثقافي والطبيعي لعدن و الحفاظ عليه من العبث وتعريفه للأجيال الشابة و العمل معاً بالنداء الذي أطلقته الجمعية اليمنية للتاريخ والآثار/ عدن منذ 2005م لإعلان" عدن محمية تاريخية"." تنشر بالتزامن مع صحيفة"الطريق"