المركز الاقليمي للدراسات الاسترايجية أثار إعلان المشير عبد الفتاح السيسي ترشحه لسباق الانتخابات الرئاسية في مصر بعد استقالته من منصبه كوزير للدفاع، تساؤلات حول التحديات التي تنتظره حال فوزه بالرئاسة. وفي هذا الإطار، أفرد معهد كارنيجي لأبحاث السلام مقالا للباحثة الأمريكية "ميشيل دنّ" تحت عنوان: "خمسة أسئلة للسيسي.. رجل مصر الغامض"، تناولت فيه بالتحليل شخصية السيسي، وترشحه للرئاسة، وبرنامجه السياسي. وقالت الكاتبة إن المصريين لا يعرفون إلا القليل عن السيسي نفسه، وهو ما يُعد إشكالية بالنظر إلى الاستحقاقات التي تواجهها مصر، بحسب وجهة نظرها. لم يظهر السيسي في الحياة العامة إلا في الآونة الأخيرة. ونظرًا لشغله منصب رئيس الاستخبارات العسكرية، فلم يكن معروفًا تقريبًا للجمهور حتى تلك اللحظة التي حل فيها محل المشير محمد حسين طنطاوي كوزير للدفاع في أغسطس 2012، ثم زادت شعبيته بعد سقوط مرسي في 30 يونيو 2013. وطوال الأشهر التي تلت ذلك؛ حيث ثارت أسئلة كثيرة حول ما إذا كان سيترشح للرئاسة من عدمه. ورأت الباحثة أن السيسي لن يواجه منافسة حقيقية، سواء من اليمين أو من اليسار في الانتخابات الرئاسية التي من المحتمل أن تجري في مايو 2014، موضحةً أن المرشح الناصري حمدين صباحي سيجتذب بعض أصوات العمال والقوى الثورية، لكن الشباب الذين منحوه أصواتهم في 2012 انقسموا وتضاءلوا. وأوضحت ميشيل أن السيسي سيحقق انتصارًا سهلا بمعايير الانتخابات نفسها، وأن المصريين يتطلعون لمعرفة موقف السيسي من بعض القضايا الرئيسية التي يواجهها مجتمعهم، بما في ذلك الأمن، وحقوق الإنسان، والمشكلات السياسية والاقتصادية. فالمشكلة الأمنية، بحسب الباحثة، توسعت منذ سقوط الإخوان المسلمين في 30 يونيو، ولم تقتصر على عمليات الجهاديين في سيناء، وإنما امتدت داخل عمق القاهرة، ولا يكاد يمر يوم دون موت شرطي، أو اكتشاف قنبلة. أضف إلى ذلك، المسيرات شبه الأسبوعية للإخوان المسلمين، فضلا عن الاحتجاجات الطلابية. ووجهت الكاتبة انتقادات لممارسات الحكومة في ملف حقوق الإنسان، وحقوق المشاركة السياسية منذ يونيو 2013، معتبرة أن معظمها يستهدف عناصر جماعة الإخوان المسلمين. ومن المرجح أن تتقلص فرص الأحزاب العلمانية، مثل: الحزب الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الأحرار المصريين، وحزب الوفد، وغيرها، بعودة نظام الانتخابات الذي ساد أيام مبارك الذي يتم عبر الترشح الفردي وليس القوائم الحزبية، وهو ما قد يؤدي إلى تهميش دور الأحزاب الثورية الوليدة في الانتخابات البرلمانية التي يرجح أن تهيمن عليها الأموال، والعائلات، والنفوذ، والعلاقات مع الأجهزة الأمنية. وترى ميشيل دنّ، أن تصاعد المشكلات الاقتصادية سيؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار؛ إذ إن هناك نقصًا حادًّا في الطاقة، بينما شهدت معدلات البطالة ارتفاعًا، وخاصة بين الشباب، كما أن الإنفاق على الدعم لن يستمر دون الهبات الخليجية. وأي إجراءات تقشفية لموازنة الإنفاق الحكومي قد تؤدي إلى مزيد من عدم الاستقرار في الوقت الذي تعاني فيه الحكومة من إخفاقات في إنعاش الأنشطة الاقتصادية، سواء عبر جذب الاستثمارات، أو تنشيط السياحة. السؤال الأكبر الآن، بحسب الباحثة، هو أنه عندما يصبح السيسي رئيسًا حال فوزه، هل سيتخذ إجراءات لمعالجة المشكلات سالفة الذكر؟. لقد تحدث السيسي في خطابه التلفزيوني يوم 26 مارس 2014 عن التحديات الاقتصادية الهائلة، وطالب المصريين بالتضحيات. التساؤلات الخمسة وطرحت الباحثة الأمريكية خمسة أسئلة على المرشح الرئاسي، اعتبرت أنها تلقي الضوء على كيفية تعامل السيسي مع التحديات الضخمة التي تواجهها مصر:
أولا - هل يعترف السيسي بأن مصر تمر عبر فترة من الصراع الداخلي والاستقطاب غير المسبوقين، وأن المصالحة الوطنية مطلوبة الآن. وقالت الكاتبة إن السيسي ألمح في خلال خطابه إلى أعداء داخليين وإقليميين، وأجانب لم يُسمّهم. ثانيا - هل يمد السيسي غصن الزيتون إلى هؤلاء الذين يشعرون بالاستبعاد منذ يوليو 2013، ومن بينهم الشباب، والصحفيون، والمجتمع المدني، والمنتقدون للسلطة بعد 30 يونيو، بالإضافة إلى الإخوان. وذكرت الكاتبة أن رؤساء مصر حاولوا إظهار أنفسهم على أنهم رؤساء للأمة بأسرها، وأن السيسي اعتبر في خطابه الأخير أن أي مصري غير مدانٍ شريك كامل في الوطن. ثالثا - هل يعرب السيسي عن التزامه بتنفيذ قوانين حماية حقوق الإنسان التي جاءت في الدستور؟ إن الاعتراف بتجاوزات المؤسسات الأمنية والوعد بتأسيس عملية عدالة انتقالية "جادة" هو الحل. وقالت الباحثة إنه لم يرد في خطابه الأول أي ذكر لهذا الموضوع سوى الوعد بإعادة بناء الدولة. رابعا - هل يعرب السيسي عن التزامه بالتعددية السياسية، واتخاذ خطوات لفتح المجال السياسي أمام كل من العلمانيين والإسلاميين؟ وقالت ميشيل دنّ إنه أعطى بعض الإيحاءات حول الديمقراطية في خطاب اعلان ترشحه للانتخابات. خامسا- كيف يناقش السيسي دور القطاع العام، وخاصة الجيش في الاقتصاد كنقيض للقطاع الخاص، وهل يعترف بأن القطاع الخاص الحر يمكن أن يخلق الوظائف المطلوبة للقوة العاملة الضخمة والمتنامية؟. لقد ذكر السيسي خلال خطابه أنه ينبغي الاعتماد على إحياء القدرات الإنتاجية في جميع القطاعات، وأن مصر لا يمكن أن تعتمد على منح الخليج إلى أجل غير مسمى. وذهبت الكاتبة إلى القول بأنه حتى إذا قام السيسي بتقدير الأمور جيدًا أثناء حملته الانتخابية، فسوف تواجهه تحديات في ملفات أساسية، مثل: إصلاح دعم الطاقة، أو بدء عملية إصلاح الشرطة التي طال انتظارها من المجتمع المصري بعد ثورة 25 يناير.